بحسب مجلة سميثونيان، لم تظهر أدلة قوية على وجود غزو عسكري للهكسوس في الدلتا المصرية.
الباحث كولين باراس يقول في دراسة نشرتها مجلة ساينس إن التحليل الكيميائي لعدد من الهياكل العظمية في عاصمة الهكسوس "أواريس" يشير إلى أن مجموعات مهاجرة جاءت من الدول المحيطة بشرق المتوسط عبر الشام إلى مصر في هجرات متتابعة.
هذا يعني أننا نتحدث عن أجيال من أبناء المهاجرين الذين ولدوا على الأراضي المصرية، ثم استغلوا الضعف الذي ضرب الحكومة المركزية في حوالي 1800 قبل الميلاد، عبر سلسلة من الملوك الضعفاء الذين فشلوا في الحفاظ على الأمن والسيطرة في الدلتا، ليشعلوا ما يشبه ثورة المهاجرين، ويعلنوا دولتهم استغلالًا لفراغ السلطة.
علماء الأثار يشيرون لسهولة التعرف على الهكسوس في الأثار المصرية "لهم أسماء مختلفة تتشابه مع أسماء شعوب في غرب أسيا". كذلك صورهم مختلفة سواء باللحية أو الملابس متعددة الألوان على عكس الزي الأبيض الذي يميز المصريين؛ أي أنهم ظلوا لأجيال في مصر دون أن يندمجوا في المجتمع المصري.
بحسب الباحثة كريس ستانتيس بجامعة بورنماوث، فإن الهياكل العظمية التي عثر الباحثون عليها في أواريس تعطينا صورة مفصلة أكثر.
فبفحص نظير السترونتيوم في 36 هيكلًا عظميًا مدفونة في أواريس عاش أصحابها قبل 350 عامًا من صعود الهكسوس، وجدت ستانتيس أن 24 كانوا مولودين خارج مصر وبينهم رجال ونساء.
وبفحص أسنان 35 هيكلًا عظميًا أخر من فترة حكم الهكسوس نجد أيضا أن هناك أشخاص ولدوا خارج مصر وجاءوا للحياة فيها بعد صعود الهكسوس.
كريس ستانتيس تقول في دراستها إن أغلب الهياكل العظمة للمولودين خارج مصر كانت هياكل نساء، بينما المتوقع أن تكون الهجرات العائلية تشير إلى أعداد متساوية بين الرجال والنساء.
لكن 77% من الهياكل العظمية التي ولد أصحابها خارج مصر كانت لنساء، ما يعني أنه بعد استقرار الهكسوس في مصر سعوا لتوطيد حكمهم عبر الزواج من نساء من قبائل أجنبية خارج مصر لتكوين تحالفات.
هذا يعود لممارسات سبقت صعود الهكسوس أيضًا، ففي أواخر الدولة المتوسطة وفي عصر الاضطراب الثاني نجد أن هناك زيجات بين رجال مصريين ونساء أجانب، لكن لا نجد زيجات لنساء مصريات من رجال أجانب.. الهكسوس أيضًا مارسوا نفس الشئ عبر الزواج من نساء أجانب لتوطيد تحالفاتهم.
هذا يشبه أيضًا ممارسات الأسرة الثامنة عشر من الزواج من بنات حكام أجانب لتقوية التحالفات المصرية بغرب أسيا.
إذا لم يأت الهكسوس عبر غزو عسكري، فلماذا ظن العالم أن هناك عملا عسكريا على مصر استولى به الهكسوس على الدلتا؟
الإجابة تحملها كتابات المؤرخ المصري مانيتون، والتي ترجمها المؤرخ يوسفوس في العصر الروماني. والتي تقول إن الهكسوس دخلوا مصر عن طريق الغزو العسكري.
بحسب دافنا بن تور، الأمين السابق للآثار المصرية في متحف إسرائيل في القدس، فإن التفسير في نظرها هو أن المصريين صوروا الغزو الهكسوسي كعار لا يجب أن يتكرر، لذا ظهرت هذه الدعاية لدعم الملوك المصريين المحاربين عندما قاموا هم بغزو الشام في عصر الدولة الحديثة التي أسسها أحمس الأول.
من هم الهكسوس: دراسة عبر نظير السترونتيوم (نشرة بلوس ون)
بحث جديد عن أصول الهكسوس في مصر (مجلة سميثونيان)
غزو مصر القديمة ليس سوى ثورة مهاجرين (مجلة ساينس)