تاريخ ميلاده ليس معروفًا بدقة. تكتفي المصادر بتحديده "في النصف الأول من الخمسينيات. لكنه مولود في إقليم تيجراي.
تعلم الأحياء في جامعة أديس أبابا. لكنه في 1976 تخلى عن دراسته الجامعية من أجل الحرب الأهلية. انضم إلى الجبهة الشعبية لتحرير تيجراي (TPLF) عندما لم تكن قواتها إلا بضع مئات من مقاتلي العصابات الذين يقاتلون قوات نظام منغستو هيلا مريام الماركسي في الجبال النائية.
لكن الرجل الذي تصفه تحليلات متعددة بـ "أحد أفضل المفكرين العسكريين والاستراتيجيين في أفريقيا" ترك بصمته الأولى سريعًا. كسب ثقة المقاتلين، وتدرج في قيادة الجبهة حتى بات أكثر قادتها استحقاقًا للثقة بحلول أواخر الثمانينيات.
وعندما حل العام 1991، كانت الجبهة الشعبية لتحرير تيجراي قد تحولت إلى جيش هائل يتجاوز 100 ألف مقاتل ويضم فرقًا آلية.
في مايو من نفس العام، 1991، قاد الجنرال جبريتنساي قوات مشتركة من الجبهة الشعبية لتحرير تيجراي والقوات الإريترية المتحالفة معها، في هجوم كاسح على العاصمة أديس أبابا، نجح من خلاله في الإطاحة بالنظام الماركسي.
ومع تقدم مقاتلي الجبهة الشعبية لتحرير تيجراي، أمنوا لقائدهم مقرًا مؤقتًا في دار ضيافة بالقرب من فندق هيلتون. وهناك نام جبريتنساي على سرير مفروش لأول مرة منذ 15 عامًا.
وتحت قيادته، أعاد المتمردون فرض النظام بسرعة في العاصمة؛ دخلوا المدينة في 28 مايو، ودُفعت معاشات التقاعد ورواتب الموظفين العموميين بعد ثلاثة أيام فقط.
بإكمال الانتصار، حصل جبريتنساي على رتبة جنرال، وأصبح رئيس أركان الجيش الإثيوبي. وعلى مدى السنوات السبع التالية، قاد عملية إعادة بناء القوات.
ظل في منصبه لعشر سنوات، ركز خلالها على اختيار القادة الثقات على رأس الجيش الجديد، فجلبهم من بين القادة السابقين في جبهة التحرير الشعبية لتحرير تيجراي، الذين اختبرهم خلال الحرب الأهلية.
وهنا واجه انتقادات بسبب التحيز العرقي؛ باعتبار أن المتحكمين في مفاصل الجيش ينتمون إلى عرقية لا تمثل إلا نحو 6% من السكان.
الحرب الأهلية الإثيوبية لم تكن آخر معارك جبريتنساي؛ دخل في قلب الاضطراب المشتعل في القرن الإفريقي، فأرسل قواته لمداهمة معسكر لتنظيم لقاعدة في الصومال 1996، كما أرسل قواته سرًا عبر الحدود إلى السودان لدعم معارضي الرئيس حينها عمر البشير.
ورغم تحالف قوات تيجراي مع الإريتريين في إسقاط نظام منغستو، إلا أن جبريتنساي كان يرى أن الزعيم الإريتري أسياس أفورقي لا يزال مصدر تهديد لإثيوبيا. أبلغ ذلك فعلًا لزميله في الجبهة الشعبية لتحرير تيجراي، رئيس الوزراء آنذاك ميليس زيناوي، إلا أنه لم يلتفت لتحذيره.
وحين اندلعت الحرب مع إريتريا في 1998، قاد الحرب بنفسه، واستطاع في يونيو 2000، تحطيم الدفاعات الإريترية وإدخال القوات عبر الحدود.
كان الجنرال جبريتنساي عازمًا على التقدم نحو العاصمة الإريترية أسمرة، لكن رئيس الوزراء زيناوي دعاه إلى التوقف، معتبرًا أن أهداف الحرب تحققت.
بعد الحرب، انقسمت الجبهة الشعبية لتحرير تيجراي حول أهداف الحرب والتوجه السياسي للحزب، فأقال زيناوي الجنرال تسادكان جبريتنساي من رئاسة الأركان.
بعد تجريده فجأة من منصبه، وتحوله إلى شخص منبوذ في قيادة الجبهة، كافح الجنرال جبريتنساي للتكيف كمواطن عادي.
عاد إلى جامعة أديس أبابا، ثم درس للحصول على درجة الماجستير في إدارة الأعمال عن بعد من الجامعة المفتوحة في بريطانيا.
البروفيسور غرايم سلامان يقول عن تلميذه السابق أنه بعيد تمامًا عن ضباط الجيش النمطيين؛ فبقدر ما هو هادئ وخجول ومنفتح الذهن، يبقى فولاذيًا من الداخل.
حاول استئناف نشاطع العسكري عندما عينته بريطانيا لتقديم المشورة للحكومة الجديدة في جنوب السودان بشأن إصلاح قطاع الأمن، لكنه فشل في تكوين جيشها، فعاد إلى تيجراي يفتتح مصنعًا للبيرة في منطقته في رايا أزيبو، وبدأ نشاطًا تجاريًا.
في 2016، كان تصور جبريتنساي للوضع في إثيوبيا قاتمًا، بالدرجة التي كتب معها ورقة بحثية يجادل من خلالها أولئك الذين يحاولون البحث عن بصيص أمل.
وحين وصل آبي أحمد لرئاسة الحكومة المركزية في 2018، رحب بالتعيين، وأبدى استعدادًا للتعاون معه رغم انتقادات زملائه السابقين في الجبهة الشعبية لتحرير تيجراي.
وخلال 2019، انضم إلى مجموعة غير رسمية تحاول التوسط بين آبي وقادة الجبهة، لكنه استقال بعد عام، قائلاً إن أبي لم يكن جادًا.
كان أساس الوساطة قبول الدستور الحالي للفيدرالية، وحل أي قضية أخرى تحت سقفه، لكنه قال إنه وجد رئيس حكومة يبحث عن تفكيك الفيدرالية من خلال الحرب.
ومع تصاعد المشاعر المناهضة لتيجراي في العاصمة أديس أبابا، كان على جبريتنساي الاختيار، فعاد إلى ميكيلي عاصمة تيجراي، لتندلع الحرب في نوفمبر 2020، فينحي خلافاته مع قادة الإقليم، ويقرر الانضمام إلى المقاومة المسلحة، لتصدر حكومة آبي أحمد مذكرة توقيف بحقه بتهمة الخيانة.
استمرت الحرب، فتوافد الشباب المذعورون من الفظائع التي ارتكبتها قوات أديس أبابا ضد شعبهم على معسكرات المقاومة المسلحة، كما انضم قدامى المحاربين الآخرين، بما في ذلك العديد ممن انفصلوا عن الجبهة الشعبية لتحرير تيجراي منذ سنوات.
ومن هؤلاء، تولى جبريتنساي، الذي أصبح القائد المركزي للقوات التيجرانية، تنظيم المقاومة تحت راية قوات دفاع تيجراي (TDF)، التي ضمت مقاتلي الجبهة الشعبية وغيرهم، ليتحول المشهد تدريجيًا من فلول هاربة ومحاصرة بين تضاريس جبلية في جنوب تيجراي، في يناير 2021، إلى قوات منظمة تفك حصارها، ثم تفاجئ القوات الإثيوبية والإريترية بشراسة الهجوم المضاد، لتصل الأمور إلى نقطة التعادل بعد 4 شهور فقط من التدريب والتنظيم الذي قاده الجنرال.
في 17 يونيو، أخذت قوات دفاع تيجراي زمام المبادرة، فاستعادت السيطرة على الأراضي خلال سلسلة من المعارك، وأعلنت تدميرها ثماني فرق من الجيش الإثيوبي تمثل نصف قوته القتالية، لكن الجيش الإثيوبي نفى مزاعمها ووصفها بأنها "أنباء كاذبة".
لم يزر الصحفيون بعد ساحات القتال أو يجروا مقابلات مع أسرى الحرب لتأكيد هذه الادعاءات، لكن يبدو أن قوات تيجراي قامت بإنجاز عسكري مذهل لم يتوقعه الكثيرون، وتعرض الجيش الإثيوبي لانتكاسة كبيرة.
في حوار بعد انتصاراته الأخيرة، يرى جبريتنساي أن حكومة آبي أحمد "تعيش في وهم صنعوه لأنفسهم وحاولوا من خلاله إنكار الواقع على الأرض".
يضيف: "كنا مقيدين للغاية لأننا لا نريد أن يُنظر إلينا كما لو أننا لا نقبل حلًا سياسيًا. المشكلة برمتها لا تقتصر على تيجراي ولكن في كل إثيوبيا. نحن نعلم أن القوات الحكومية أوشكت على الانتهاء ، لكننا في نفس الوقت نكبح أنفسنا للتوصل إلى حل سياسي واقعي للمشكلة برمتها".
لكن السؤال التالي قد يكون الأصعب في سيناريو الحرب الأهلية: ماذا لو استمر خنق تيجراي؟
يجيب جبريتنساي: "إذا استمر آبي أحمد في التصرف بالطريقة التي يتصرف بها الآن، أعتقد أننا سنكون مطالبين بكسر ضبط النفس عسكريًا. نعلم أن لدينا القدرة، وبإمكاننا القيام بما يلزم. إن فشل الحل السلمي، فلن يكون أمامنا خيار إلا الحسم العسكري".
الجنرال تسادكان جبريتنساي: العقل المدبر لمتمردي تيجراي (بي بي سي)
مقابلة مع تسادكان جبريتنساي حول السياسة الإثيوبية الحالية (The Elephant)
توصيف الجنرال جبريتنساي قد يكون معقولًا.. لكن وصفته تتجاوز حدود الاحتمال (تيجراي أون لاين – 2016)
عاصمة تيجراي سقطت.. وكذلك مكانة زعيم إثيوبيا وجيشه (فرانس 24)