جائحة كورونا عطلت الاقتصادات محليًا وعالميًا، وبين أوجه التعطل تقييد حرية التنقل. هنا ظهرت فكرة “جواز سفر اللقاح” للسماح لمن تلقوا اللقاح بالتنقل بحرية.
فكرة جواز سفر اللقاح بالنسبة لكورونا ليست جديدة. مطبقة فعلًا فيما يخص الحمى الصفراء: حمل “البطاقة الصفراء” التي تثبت تلقيهم التطعيم قبل زيارة الأماكن التي يتوطن فيها المرض.
لكن هل فكرة جواز سفر اللقاح مجدية أصلًا؟ اتحاد النقل الجوي الدولي (IATA) يأمل في تنفيذ المشروع باعتباره الحل السحري، لكن الشكوك قائمة حول جدواه، خصوصًا مع منح الأولوية لكبار السن في تلقي لقاح كورونا، وهم ليسوا المعنيين بفكرة تحرير التنقل من أجل إنقاذ الاقتصاد.
س/ج في دقائق
لماذا ظهرت فكرة جواز سفر اللقاح الآن؟
بسبب تعثر الاقتصادات وتعطل مصالح الأشخاص بسبب تقييد حرية التنقل، فكرت بعض الحكومات في إطلاق “جواز سفر اللقاح” كطريقة للسماح لمن تلقوا لقاحات كورونا بتجاوز عمليات الإغلاق.
في يناير 2020، أمر الرئيس الأمريكي جو بايدن بتقييم فكرة جوازات سفر اللقاح، لتحدث واشنطن لائحتها الإرشادية في مارس للتمييز بين متلقي اللقاحات وغيرهم لأول مرة. المفوضية الأوروبية طرحت كذلك خططًا للحصول على “ممر أخضر رقمي” على مستوى الكتلة في مارس. وتدرس بريطانيا أيضًا خطة جواز سفر اللقاح. لكن ليست جميع الدول متحمسة للفكرة حتى الآن.
لا. فكرة مشابهة مطبقة فعلًا فيما يخص زوار الأماكن التي تتوطن فيها الحمى الصفراء، حيث يجب عليهم إثبات تلقيهم التطعيم بـ “البطاقة الصفراء”.
وفي الولايات المتحدة، يجب إثبات تلقي المهاجرين تطعيمات ضد 15 مرضًا مدرجًا في قائمة وزارة الصحة قبل الحصول على الإقامة الدائمة.
وفي كثير من الدول، تنطبق قواعد مماثلة على بعض العاملين في مجال الرعاية الصحية والجنود.
في حالة كورونا، سيتم منح جوازات سفر اللقاح إما لمن تلقى أحد اللقاحات بالفعل، أو لمن أجرى اختبارات العدوى، أو من أمضى فترة الحجر الصحي، أو أعفي من التطعيم لأسباب صحية.
وهل هناك اتفاق حول تطبيقها؟
عمليًا، يقول خبراء في الصحة العامة إن من السابق لأوانه معرفة ما إذا كانت فكرة جوازات سفر اللقاح سليمة من الناحية الطبية، حيث لم تتفق المراكز المتخصصة بعد على مدى الفاعلية التي توفرها اللقاحات.
يختلف خبراء السياسة كذلك حول اختلاف سرعة التطعيم من دولة إلى أخرى.
ويقول المدافعون عن الحريات المدنية والباحثون الأمنيون إن الحكومات قد تميل إلى إساءة استخدام البيانات، واستغلال السيطرة التي تمنحها على حياة الناس.
لتطبيق فكرة جوازات سفر اللقاح تحتاج الحكومات لجمع بيانات أكثر من مواطنيها. لكن خبراء الأمن السيبراني يقولون إن الحكومات “تجاوزت” في استخدام هذه البيانات لأغراض أخرى.
شرطة سنغافورة استغلت بيانات تتبع جهات الاتصال التي جمعها تطبيق كورونا لأغراض مكافحة الجريمة. كما شاركت تطبيقات الصحة الإلزامية في الصين بياناتها مع الأجهزة الأمنية.
2- إمكانية التزوير:
لا يمكن استبعاد إمكانية تزييف شهادات تخص الحالة المرضية من أجل استخراج جوازات سفر اللقاح.
3- المعفيون من تلقي اللقاح:
مع اقتراح ضم المعفيين من تلقي اللقاحات لحاملي الجوازات، تظهر مشكلة تعرض الحكومات لضغوط في تحديد من يحق لهم الحصول على إعفاءات، خصوصًا لموانع الاستعمال الطبية.
حال الخضوع لتلك الضغوط، سيحمل جوازات سفر اللقاح أشخاصٌ لم يتلقوا تطعيمات، ويحتمل أن يكونوا حاملين للفيروس فعلًا. هؤلاء سيسمح لهم بدخول أماكن آمنة “أقل التزامًا بالإجراءات الاحتزازية” بما يعنيه ذلك من خطورة تحولها إلى بؤر لانتشار الفيروس.
4- الأكثر احتياجًا لن يحملوا الجوازات!:
معظم الدول رتبت أولويات التطعيم ليحصل كبار السن أولًا على اللقاح لأنهم أكثر عرضة للوفاة. هذا يعني أنهم سيحصلون أولًا على جوازات سفر اللقاح، بينما الشباب الأكثر احتياجًا للجوازات سيظلون تحت قيود الأغلاق.
5- فاعلية اللقاحات:
اللقاحات المتاحة تبدو فعالة جدًا في الوقاية من المرض، لكن ليس من الواضح ما إذا كانت تمنع تمامًا الإصابة بالفيروس، أو تزيل القدرة على نقله للآخرين.
6- سرعة التلقيح:
فائدة نظام جوازات سفر اللقاح ترتبط عكسيًا بمدى سرعة الدولة في تطعيم مواطنيها، ففي وقت مبكر من برنامج التطعيم، سيستفيد القليل من الناس.
في النهاية، لن تكون جوازات السفر ذات فائدة تذكر. في بلدان يسير فيها التطعيم بسرعة، قد تكون الفترة الزمنية التي تكون فيها جوازات السفر مفيدة قصيرة جدًا، وفي البلدان التي يكون فيها نشر اللقاح بطيئًا، قد تكون هناك حاجة إليه كعكاز لفترة أطول.
اتحاد النقل الجوي الدولي (IATA) كان قد بدأ مشروع Travel Pass قبل وباء كورونا؛ بهدف الاستفادة من المعلومات البيومترية والمعرفات الرقمية الآمنة على هواتف الركاب في تسريع عبور المطارات، اعتمادًا على قاعدة بيانات يوفرها وكلاء السفر وشركات الطيران والمطارات.
التطبيق خضع للاختبار فعلًا كتطبيق مستقل، وكجزء من التعليمات البرمجية لتطبيقات شركات الطيران. واشترك العديد من المشغلين، وبينهم شركات الإمارات والاتحاد وطيران الخليج، في اختباره.
يقترح الاتحاد اعتماد معامل الاختبار ومقدمي الرعاية الصحية بنفس طريقة عمل وكلاء السفر حاليًا. لكن هذا يعني الحاجة لوقت أطول، ومواجهة احتمالات الغش.
وتقول يوروبول، وكالة الشرطة في الاتحاد الأوروبي، إن شهادات اختبار كورونا المزيفة بدأت بالفعل في الظهور على الحدود.
تقول الإيكونوميست كذلك إن تطبيق الفكرة على حرية التنقل داخل الدول نفسها أصعب.