وصفت البرديات مرض "aaa" الذي كان قاتلًا في مصر القديمة، بأعراض بينها بروز البطن ونزول دم مع البول، فيما وصفها هيرودوت بـ "حيض الرجال" في وصف بدائي لقطرات الدم في البول. هذا تحديدًا ما يعتقد علماء الأمراض أنه البلهارسيا؛ اعتمادًا على طبيعة التوصيف، وعلى مومياوات تعود إلى 5 آلاف عام.
أقر أطباء مصر القديمة إجراءات احترازية للوقاية من المرض، بينها مثلًا إلزام الصيادين وعمال المياه بارتداء واقيات القضيب.
ورغم أن السجلات القديمة لا تسجل أعداد الوفيات الناجمة عن البلهارسيا، لكن دراسة أجريت عام 2013 تقدر العدد بحوالي 200 ألف وفاة سنويًا.
تفترض ناشيونال جيوغرافيك أن وادي النيل كان أصل ظهور فيروس الجدري قبل 3000 عام. بينما تشير معلومات تاريخية إلى أن الحيثيين اتهموا الجيش المصري باستخدام الجدري كسلاح بيولوجي.
تُظهر مومياء الملك رمسيس الخامس (المتوفى حوالي 1145 قبل الميلاد) البثور المميزة للمرض، وربما مات بسببه.
وتصل تقديرات الضحايا إلى 30% من إجمالي المصابين، بينما بقيت الندوب واضحة على أجساد الناجين.
وتشير دراسة نشرتها ساينس إلى أن الفيروس أصاب جميع طبقات وأعمار السكان في مصر القديمة، حيث تحمل العديد من المومياوات ندوبًا مشابهة، بما في ذلك ندوب طفل.
تكررت المجاعات على ما يبدو في التاريخ المصري؛ بدرجة استدعت تسجيل نقش في مقبرة تعود للأسرة الثانية عشر يتباهى بملك "لم يشهد عهده مجاعة قط".
وتصف ما تعرف بـ "لوحة المجاعة" مجاعة ضربت مصر القديمة لسبع سنوات متصلة في عهد الملك زوسر خلال الأسر الثالثة حوالي 2700 قبل الميلاد، فنقصت مياه النهر، وذبلت المحاصيل، وأفرغت مخازن المواد الغذائية، فتحول الناس إلى السرقة، وانهار المجتمع، واستمر الوضع حتى دعا الملك زوسر الإله آمون فعادت الفيضانات.
كما تصف "نيو ساينتست" مجاعة جفاف أخرى ضربت مصر 2180 قبل الميلاد، بدرجة أسقطت المملكة القديمة وعصر بناة الأهرامات.
لا نملك معدلات دقيقة لوفيات الأطفال في مصر القديمة. لكن الباحثين يعتقدون أن المصريين القدماء كانوا يعتقدون أن بقاء الطفل لعام بعد ولادته "نعمة خاصة من الآلهة تستحق الاحتفال"، وأنه لو بلغ سن الرشد، فالأمر يستحق "فرحة مضاعفة".
وتشير مصادر إلى أن وفيات الأطفال بلغت ذروتها في حوالي سن الرابعة، عمر الفطام الذي يشهد إدخال الأغذية الصلبة ومعها مسببات الأمراض الجديدة، فإذا بلغ الطفل سن الخامسة، ينحسر خطر الموت المبكر.
وتنتشر العديد من المقابر التي ضمت أجساد أطفال في وادي النيل.
يصف مقال نشرته ناشيونال جيوغرافيك في 2018، اكتشافًا نادرًا جدًا لقبر مصري قديم، يعود إلى 3700 عام، يحتوي على امرأة حامل وطفلها عالق في قناة الولادة.
كان فخذا الأم منحرفين، مما تسبب في انحشار الطفل، ومن المرجح أن ذلك أدى إلى وفاتهما معًا.
بدون إجراءات طبية حديثة، خلصت دراسة من International Social Science Review إلى أن معدل وفيات الأمهات الناجم عن الولادة في العالم القديم ككل بلغ حوالي 14٪، بسبب النزيف وتشوه الحوض وتسمم الحمل. وتقدم برديتان تعليمات محددة حول المساعدة في ولادة طفل وكيفية معالجة المشكلات التي قد تطرأ وقت الولادة.
ظهرت الملاريا قبل 10000 عام، بحسب المكتبة الوطنية للطب، عندما تحولت البشرية إلى الزراعة والاستقرار. ومصر القديمة شملت كل أسباب انتشار العدوى الطفيلية البكتيرية.
حينها، لم يتوصل الأطباء إلى علاجات فعالة، فكانت الملاريا وبائية وشديدة الضراوة بدرجة استدعت تسجيلها كمرض فريد على البرديات.
سجلت دراسة نشرتها Emerging Infectious Diseases وجود الملاريا في المومياوات منذ 4000 عام. ويشير باحثون إلى كونها المرض الذي قتل الملك توت عنخ آمون. ووجدت دراسة جامعة أركنساس أن المرض ضرب نصف سكان مدينة تل العمارنة وحدها.
سواء بسبب الحرب أو الحوادث، ظهرت حالات الإصابة تأثرًا بالجروح في مصر القديمة. وتسرد إحدى ورق البردي العلاج لـ 48 إصابة: 27 إصابة في الرأس، وستة في الحلق، واثنتان في الترقوة، وثلاثة في الذراع، وثماني إصابات في القص والأضلاع، وواحدة في الكتف، وأخرى في العمود الفقري.
تلاحظ مجلة نيو ساينتست أن العديد من جثث عمال الأهرام شهدت أطرافًا مكسورة، وعمودًا فقريًا متضررًا، وأقدامًا متشققة؛ وأفادت وكالة أسوشيتد برس أنه جرى العثور على 12 هيكلًا عظميًا بها جبائر، بينما يصف Deseret News وجود ستة هياكل عظمية بجروح مميتة. وكانت هذه كلها إصابات وقت السلم.
كما تظهر مومياوات 60 من رماة السهام يعود تاريخهم إلى المملكة الوسطى بوضوح، الأضرار الناجمة عن إصابات الرأس الناجمة عن القتال: جروح الفؤوس، وثقوب الرمح، وتلف اختراق السهام.
يعود تاريخ مرض الدرن (السل) في وادي النيل إلى ما قبل 5500 عام، وقد وجدت مومياوات تعود إلى 3500 عام تحمل الآفات المميزة، وقد سجلت أوراق البردي والنقوش الهيروغليفية تفاصيل عن "مرض بوت" الذي كان منتشرًا لدرجة أنه قد يكون سببًا رئيسيًا للوفاة بين السكان.
ربما كانت أشهر ضحية لمرض السل في مصر القديمة هي امرأة تدعى إرتيرسينو، وهي سيدة كانت تبلغ من العمر 50 عامًا وماتت في حوالي عام 600 قبل الميلاد، وقد تم العثور على جسدها مليئًا بالبكتيريا المسببة لمرض السل، الذي تسبب في وفاتها.
في سجلات يعود تاريخها إلى 3000 قبل الميلاد، بعد قرن من تأسيس الحضارة المصرية التي نعرفها الآن، كان السرطان يلاحق أهل وادي النيل، وكان الأطباء القدماء واقعيين، فعندما رأوا السرطان على ما هو عليه، كانوا يعلمون أنه لا يوجد علاج، لذلك كتبوا وأخبروا مرضاهم على الأرجح أنه "لا يوجد علاج".
بالنسبة للمصريين القدماء كان السرطان يعني الموت البطيء والمؤلم والمستمر، لكن غالبية المصريين لم يصلوا لهذه الدرجة؛ ببساطة لأنهم كانوا يموتون في سن صغير عادة، بينما كان السرطان عادة يصيب كبار السن.
مع ذلك، سجلت إصابة رجل بلغ من العمر ستين عامًا، أصيب بسرطان البروستاتا.
في 1715 قبل الميلاد، اجتاح وباء مصر، لم يكن الخبراء متأكدين من ماهيته. لكن ناشيونال جيوغرافيك اقترحت أنه شكل مبكر من الطاعون الدبلي، أو التيفوس ومتلازمة التيفود. فيما يشتبه الباحثون حاليًا في أنها كانت عدوى بكتيرية تسمى التولاريميا أو حمى الأرانب أو حمى ذبابة الغزلان.
لم يتعرف الباحثون على طبيعة المرض من جثث المتوفين، بل جثث الناجين. وفقًا لورقة Medical Hypothesis، تشير السجلات إلى أن المرض ظهر لأول مرة في ميناء أفاريس في دلتا النيل، ثم انتشر في المصريين.
عدد الوفيات غير محدد. لكن تداعيات الوباء في بلد لم يتجاوز سكانه حينها مليوني نسمة كانت مذهلة، حيث انهار العصر الذهبي للمملكة الوسطى، وبدأت فترة الاضمحلال الثانية.
أدرك قدماء المصريين جيدًا فقر الدم باعتباره مرضًا معروفًا، وكانوا يطلقون عليه داء الاخضرار المصري.
نادرًا ما يقتل فقر الدم بحد ذاته. لكن يمكن أن يضعف الجسم بشدة وصولًا إلى العظام ويمكن أن يؤدي إلى تفاقم الحالات الأخرى.
وفقًا لايف ساينس، يُظهر رأس محنط لامرأة، أن جمجمتها مسامية للغاية، وهي علامة تشير إلى فقر الدم الحاد، وقد عانت أيضًا من خراجات الأسنان، ومن المحتمل أن تكون الحالتان قد تركتا المرأة في حالة خمول، شحوب، وفي ألم مستمر.
شعر الخبراء بالدهشة من عدد المصريين القدماء الذين عانوا من نوع من أمراض القلب والأوعية الدموية.
في اختبار للمومياوات الـ 22 الموجودة في المتحف المصري، كان لدى 10 منها مشاكل في الشرايين، وفي ورقة بحثية نشرتها المعاهد الوطنية للصحة كانت هناك 20 من أصل 52 مومياء مصابة بنوع من أمراض القلب والأوعية الدموية.
كما أن الملك مرنبتاح، الذي توفي في 1203 قبل الميلاد، أصيب بتصلب الشرايين. ومن بين 16 مومياء في المجموعة الضابطة، كانت تسعة منها مصابة بحالة مماثلة.
إذا كانت هذه الأمثلة رمزية للسكان، فيمكن استقراء أن ما يقرب من نصف السكان المصريين القدماء عانوا من تصلب الشرايين في وقت الوفاة.