المؤتمر اليهودي العالمي ومجلس نواب اليهود البريطانيين يدينان استخدام مشجعي توتنهام هوتسبير للقب “Yid Army”، أو “جيش يهود أوروبا”، ويطالبان الجماهير بالتوقف عن استخدام الشعار خلال مباريات الفريق.
يأتي هذا بعد تكرار هتافات معادية للسامية في البريمييرليج.
في هذا الموضوع نقدم لمحة عن اختلاط كرة القدم بالتاريخ والظواهر الاجتماعية في إنجلترا.
عبارة “يِد” (Yid) هي كلمة باللغة اليديشية “”Yiddish، الهجينة من عدة لغات، خصوصًا الألمانية والعبرية، وتعني “يهودي”.
واستخدم اليهود في أوروبا تلك اللغة منذ القرن العاشر الميلادي. والكلمة مثيرة للجدل؛ إذ تحمل مفهومين؛ أحدهما لا يعتبر مسيئًا، إذ يستخدمه متحدثو اللغة اليديشية للإشارة لليهود، بينما يستخدمها المعادون للسامية كمصطلح ازدرائي.
لفظ Yid محايد على الأقل في لغته الأصلية، ويستخدم لمخاطبة من لا تعرف اسمه بشكل مهذب.
وظهر في المراجع المطبوعة بالإنجليزية لأول مرة عبر معجم العامية الذي كتبه جون كامدين هوتن في 1874، وقال إن اليهود يستخدمونه على نطاق واسع.
التحول في استخدام الكلمة بالمعنى المهين ضد اليهود بدأ في أوروبا منذ أكثر من 100 عام، وظهر مكتوبًا بعد الحرب العالمية الثانية، في مؤلفات اليهود، الذين استخدموها في التصوير الدقيق للخطابات المعادية للسامية، أو السخرية من الذات.
تأسس توتنهام هوتسبير في 5 سبتمبر/ أيلول 1882 في شمال لندن، وهي موطن لتجمع كبير من اليهود الأرثوذوكس.
تزامنت نشأة النادي مع موجات كبيرة من هجرة اليهود إلى المملكة المتحدة، حيث استقر معظم اليهود المهاجرين في الطرف الشرقي من لندن.
في كتابه “?Does Your Rabbi Know You’re Here” حول تاريخ اليهود في كرة القدم الإنجليزية، يقول أنتوني كلافان إن تشجيع نادٍ لكرة القدم كان أقدم وأسهل وسائل المهاجرين اليهود للاندماج في مجتمعهم الجديد.
انخرط اليهود في تشجيع عدة أندية، منها ويست هام يونايتد وأرسنال، لكن المواصلات العامة جعلت الانتقال من طرف لندن الشرقي إلى ملعب توتنهام بالذات أسهل، فصار استقلال الترام أو الحافلة تقليدا “سبتيا” بالنسبة لهؤلاء اليهود المهاجرين.
وبحلول ثلاثينيات القرن العشرين، كان ثلث جمهور السبيرز يهودًا، ليتعزز توصيف النادي كـ “نادي الله المختار”.
بحسب الكتاب، عزز الثري اليهودي موريس كيستون، أحد مشجعي توتنهام القدامى، علاقة النادي باليهود، عبر الحفلات الباذخة التي كان ينظمها للاعبي السبيرز، رغم اعتراض أغلبية مؤسسي النادي، الذين يصفهم كلافان بـ “أممين (غير يهود) متعصبين”.
وعبر السنوات التالية، ساهمت الاستثمارات الضخمة التي ضخها رؤساء النادي من اليهود، إيرفنج سكولار، ألان شوجر، وحاليًا دانيال ليفي، في تعزيز قدرة السبيرز على المنافسة.
لكن نسبة اليهود من مشجعي النادي الحاليين لا تتجاوز ٥ – ١٠٪. أقل من نسبة اليهود بين مشجعي منافسه اللدود أرسنال. كما أن المنافس اللندني الآخر، تشيلسي، يمتلكه أيضا رجل أعمال يهودي.
مع ذلك، إذا كنت تدعم توتنهام، فيمكنك أن تتعمد، تقرأ القرآن، تعبد غانيشا، أو حتى تكون ملحدًا، لكنك لا تزال “Yid”. حيث يواصل أنصال النادي التشبث بصفتهم كـ “جيش يد”، ويستخدمون المصطلح بفخر، رغم كون أغلبيتهم الكاسحة ليسوا يهودا.
بدأ استخدام “Yid” في الملاعب الإنجليزية في ثمانينيات القرن العشرين، عبر أنصار الفرق المنافسة لتوتنهام؛ كإهانة للنادي وجماهيره، مصحوبة بهتافات Sieg Heil (سي هايل وتعني: يعيش النصر)، وأصوات هسهسة في إشارة لغرف الغاز التي أحرق فيها النازيون اليهود.
التقط مشجعو توتنهام الكلمة، ورددوها بفخر، في محاولة لاستعادة الاسم ممن يستخدمونه لإهانة اليهود، واعتزازًا بهوية النادي.
وبدأ الشعار يواجه مقاومة في 2011، بعد تكرار الأزمات التي يثيرها “Yid” في المباريات التي يكون توتنهام طرفًا فيها، ما دفع رابطة الدوري الإنجليزي الإنجليزي في 2013 لتحذير السبيرز من استخدام الشعار؛ نظرًا لاستخدامه العنصري، وهو ما رفضته إدارة النادي وغالبية جمهور توتنهام.
وفي مقابلة مع صحيفة “جويش كرونيكل” في 2013، دافع رئيس الوزراء البريطاني السابق ديفيد كاميرون عن حق جماهير توتنهام في استخدام الشعار، مطالبًا بالتمييز بين المعنى الإيجابي الذي يستخدمه مشجعو السبيرز، والمعنى السلبي الذي يستخدمه أنصار الفرق الأخرى.