في حفل التوقيع، قال وزير الخارجية الأمريكي مايك بومبيو إن الولايات المتحدة وطالبان واجها عقودًا من العمل العدواني وغياب الثقة، معتبرًا أن طالبان “أثبتت أنه بإمكانها تحقيق السلام عندما تقرر ذلك”.
بومبيو بدا حذرًا. وصف الاتفاقية بـ”اختبار حقيقي” لالتزام قادة طالبان بالسلام وتأكيد أن أفغانستان لن تكون منطلقًا للإرهاب مجددًا، بحسب فوكس نيوز.
الملا عبد الغني برادر، مسؤول طالبان للشؤون السياسية قال إن الحركة تدخل مرحلة العمل السياسي وتفتح صفحة جديدة مع المجتمع الدولي وتتعهد بتنفيذ كافة بنود الاتفاقية.
تقديرات أعداد القوات الأمريكية في أفغانستان تتراوح بين 12,000 إلى 14,000 مقاتل. ستنخفض مبدئيًا إلى 8,600– خلال 135 يوما من الاتفاق، على أن يكتمل سحب القوات خلال 14 شهرًا إذا أوفت طالبان بالتزاماتها.
فوكس نيوز نقلت عن مسؤول رفيع المستوى في الإدارة الأمريكية قوله إن الصفقة تشمل أيضًا إلزام طالبان بقطع جميع العلاقات مع تنظيم القاعدة.
خماسيات فوتيل | الشرق الأوسط لم يعد حيويًا لواشنطن.. لولا مصالح خمس! | س/ج في دقائق
عندما أعلن ترامب زيادة القوات الأمريكية في أفغانستان في 2017، قال أمام حشد عسكري: “كانت غريزتي الأصلية هي الانسحاب. وتاريخيًا، أحب اتباع غرائزي. لكنني طوال حياتي سمعت أن القرارات تختلف كثيرًا عندما تجلس خلف المكتب في البيت الأبيض؛ بمعنى آخر، عندما تكون رئيسًا للولايات المتحدة”.
وسائل الإعلام الأمريكية تقول إن ترامب أمر بتوقيع اتفاق طالبان لتحقيق وعده بالانسحاب من الحروب قبل الانتخابات الرئاسية 2020. لكنه حتى إذا فعل ذلك، فقد اتخذ أكبر خطوة من أي رئيس لإنهاء الحرب في أفغانستان.
من ناحية أخرى، يبدو المسؤولون الأفغان أكثر تشككًا. مسؤول أفغاني رفيع المستوى قال: “من الصعب الوثوق بطالبان”.
يقول الخبراء إن تفعيل الاتفاق مرتبط بتوقيع اتفاق آخر بين طالبان والحكومة الأفغانية، وهي عملية قد تستغرق شهورًا أو حتى سنوات.
محادثات بهذا الصدد يفترض أن تبدأ هذا الشهر، لكن موقع ڤوكس يقول إنها ستكون صعبة للغاية؛ بالنظر لرفض المتمردين الاعتراف بشرعية الرئيس أشرف غني الذي يعتبرونه “دمية أمريكية”.
سي إن إن تقول إن حكومة أفغانستان نفسها ربما لا ترغب في وصول الانتشار العسكري الأمريكي إلى صفر؛ لأن معناه انسحاب قوات الناتو الأخرى، بما قد يعني توقف التمويل الدولي الذي تعتمد عليه كابول بشدة، وبعض قادة طالبان يدركون ذلك.
تنص الصفقة كذلك على تبادل 5,000 سجين من طالبان مع 1,000 سجين من قوات الأمن الأفغانية بحلول 10 مارس، على أن تنسق الولايات المتحدة مع الأمم المتحدة لرفع العقوبات عن طالبان.
الرئيس الأفغاني أشرف غني قال في مؤتمر صحفي في كابول، إن إطلاق سراح السجناء ليس وعدًا يمكن للولايات المتحدة أن تقدمه، وفقًا لوكالة أسوشيتيد برس. وقال غاني: “لقد قدمت الولايات المتحدة طلبًا بالإفراج عن السجناء ويمكن أن يكون جزءًا من المفاوضات، لكن لا يمكن أن يكون هذا شرطًا مسبقًا”.
تعد تصريحات الرئيس الأفغاني بمثابة نكسة محتملة مبكرة لاتفاق السلام الأمريكي، الذي وقعه الممثل الخاص للولايات المتحدة زالماي خليل زاد ورئيس حركة طالبان الملا عبد الغني بارادار. كما أنها تؤكد على نقطة توقعها كثير من المراقبين منذ زمن طويل وهي أن الخطوة الأكثر تحديا في عملية السلام هي التوصل إلى اتفاق بين الأفغان أنفسهم وحركة طالبان.
الإيكونوميست تتوقع كذلك صعوبة التوصل لاتفاق سياسي بين طالبان والحكومة والعديد من أمراء الحرب وأصحاب النفوذ في أفغانستان. من ضمن الصعوبات الجدال الحاد حول من يجب أن يكون رئيسًا. بعد فرز استمر لخمسة أشهر، أعلنت لجنة الانتخابات مؤخرًا أن أشرف غني قد أعيد انتخابه في تصويت أجري في سبتمبر. ويعارض منافسه الرئيسي عبد الله عبد الله ويقول إنه يشكل حكومته.
مسؤولون أميركيون قالوا إن غني وافق على تأجيل تنصيبه لإتاحة الوقت لتسوية النزاع.
عبد الحكيم مجاهد، أحد مسؤولي طالبان السابقين يتساءل كذلك عن نوع النظام السياسي والأغلبية في السلطة بعد الاتفاق، خصوصًا في قبول طالبان للدستور الحالي، وحمايتها للنساء والأقليات. إذ يعتبر متشددو طالبان الوضع الراهن نتاجًا للاحتلال الأمريكي، ويريدون إعادة فرض “الإمارة الإسلامية” التي كانت تديرها طالبان في التسعينيات.
خلاف آخر حول وقف إطلاق النار الكامل بعد توقيع الصفقة. المسؤولون الأمريكيون والأفغان يتوقعون استمراره، لكن طالبان قالت أن الالتزام مؤقت، ما يشير إلى أن المجموعة قد تكون غير مهيأة للتخلي عن نفوذها في ساحة المعركة في وقت مبكر كما كان يأمل خصومها.
وفي تصريح لوول ستريت جورنال، رفض سهيل شاهين، المتحدث باسم المكتب السياسي لحركة طالبان، تناول مسألة ما إذا كانت الهجمات واسعة النطاق ستستأنف.
السيناريو الجيد مثل كولومبيا: بعد أكثر من 50 عامًا من الحرب وأربعة أعوام من محادثات السلام، وقعت الحكومة ومتمردو فارك اتفاق سلام في 2016. وافق المتمردون على إلقاء أسلحتهم وإعادة دمجهم في المجتمع المدني. كانت هناك بعض الشكوك حول الاتفاق لكن الصفقة ظلت قائمة إلى حد كبير.
السيناريو السيء مثل لبنان: بدأت الحرب الأهلية عام 1975 وانتهت عام 1989 بتوقيع اتفاق الطائف. عدل هذا الاتفاق تقاسم السلطة بين الجماعات الطائفية الرئيسية- السنة والشيعة والمسيحيين والدروز. غادرت القوات السورية في 2005 ، لكن اتفاق السلام صمد.
في حين أن لبنان دولة ديمقراطية من الناحية الفنية، فإن حزب الله يتمتع بقوة كبيرة، رغم أن حزب الله المدعوم من إيران لم يفرض وجهات نظره الأصولية على اللبنانيين الأكثر علمانية، فالنساء أحرار في التجول في جميع أنحاء بيروت دون غطاء للرأس ويتدفق الكحول بحرية في المطاعم. لكن حزب الله يملي على من يحكم، ويستخدم معاقله اللبنانية لدعم حلفائه في الدول المجاورة.
السيناريو القبيح مثل فيتنام الجنوبية: وضعت اتفاقات باريس للسلام عام 1973 حدًا للوجود العسكري الأمريكي في فيتنام الجنوبية، لكن فيتنام الشمالية لم تلتزم بشروطها. بعد ذلك بعامين، تم التغلب على الدولة الضعيفة لفيتنام الجنوبية من قبل رجال حرب فيتنامية شمالية. كان على حلفاء أمريكا الفرار أو النقل إلى معسكرات “إعادة التعليم” الوحشية.
رجحت الصحيفة السيناريو “القبيح”. وقالت إن السيناريو “الجيد” هو الأقل احتمالًا. في حين يقع السيناريو “السيء” – مع سيطرة طالبان على حكومة ديمقراطية ظاهرية تحت تهديد السلاح – في منتصف الاحتمالات. يعتمد مدى سوئها على ما إذا كانت طالبان ستحاول فرض عاداتها في القرون الوسطى على سكان المدن، كما فعلوا في التسعينيات، أو ما إذا كانوا، مثل حزب الله، سيتسامحون الآن مع النظم الاجتماعية المختلفة في أجزاء أخرى من البلاد غير التي تخضع لسيطرتهم المباشرة.
لبنان | اتفاق الطائف لم يطبق مطلقًا.. لماذا لم يمت بعد؟ | س/ ج في دقائق
لبنان | “قلب الله”.. سممه العثمانيون ومزقه العروبيون وقضى عليه عملاء إيران | الحكاية في دقائق انهيار العهد الجديد.. من الفاعل الحقيقي في أزمة لبنان؟ | س/ج في دقائق