في بدايات القرن العشرين، كانت باريس مركزًا لصناعة السينما في العالم، وأوروبا من خلفها. حينها، كانت الولايات المتحدة مشغولة بمعركة أصابت صناعة الأفلام بالشلل.. معركة براءات الاختراع.
سبب المعركة كان امتلاك توماس إديسون لبراءة الاختراع الخاصة بالعديد من مكونات صناعة السينما؛ شاملة الكاميرا، والمايكروفون، وأجهزة العرض، وحتى شرائط الأفلام نفسها.
إديسون ساهم فعلًا في بناء أول ستديو أفلام في أمريكا Black Maria. وبفضل ثروته، كان يشتري براءة أي اختراع أو ابتكار يمكن أن يساهم في تطوير صناعة السينما. ليس بدافع تطوير الصناعة، بل لحرمان المنافسين من استغلال الابتكارات الجديدة، أملًا في التخلص منهم.
الشركة الوحيدة التي كانت قادرة على منافسة توماس إديسون كانت "بيوجراف"، التي حجزت براءة اختراع لكاميرا مختلفة عن كاميرا إديسون.
لكن حتى هذه المنافسة لم تطل، حيث بدأت كاميرا توماس إديسون في النجاح، إذ كانت الاستديوهات الجديدة تفضل كاميرا إديسون حتى مع خطر مقاضاته لها.
وكانت عمليات الاستخدام غير المرخصة من إديسون أسرع من قدرته على مقاضاة الجميع.
تسبب هذا الانتشار في تغيير خطة توماس إديسون، حيث اتجه لتأسيس شركة كبرى تجمع كل الاستديوهات الحليفة، ومعها كل براءات الاختراع، بشكل يضمن عدم صعود أي منافس جديد
هنا، بدأت الشركة التي عرفت باسم The Film Trust في الحصول على المال من سينمات نيكولوديون سواء لعرض أو شراء الأفلام بعدما كانت نيكولوديون تشتري أفلام من عدة استوديوهات. وأصبح يفرض عليها تأجير الفليم وليس شراءه.
بعض المصروفات الأخرى كانت مثيرة للجدل، حيث يجب عليها دفع أموال نظير استخدام كل بروجيكتور.
كان على أي شخص يريد صناعة فيلم أن يحصل على رضا توماس إديسون. وإن لم يكن هذا كافيًا، كانت شركة إديسون تستئجر رجال عصابات لضمان دفع الاستوديوهات تكاليف التراخيص؛ أي أن الشركة تأخذ حقها بالقانون وبدونه بحسب كتاب Final Cut لستيفن باخ.
هنا بدأت بعض الشركات بالتمرد والابتعاد عن الساحل الشرقي للولايات المتحدة تمامًا، وبخاصة نيوجيرسي، التي كانت تسعى لتصبح مركز السينما الأمريكية.
كان المهرب من توماس إديسون يكمن في الانتقال إلى الساحل الغربي، حيث قوانين ولاية كاليفورنيا مختلفة تمامًا عن الساحل الشرقي، وبلا قيود مشددة على براءات الاختراع.
ولأن أغلب الاستديوهات لم تكن تملك الكثير من المال وقتها، لم تتمكن من شراء مساحات واسعة في لوس أنجلوس، بل اتجهت لقرية صغيرة فقيرة لبدء عملية إنشاء صناعة السينما الجديدة.. تلك القرية كانت هوليوود.
في ذلك الوقت كانت صناعة السينما قد نضجت في أوروبا، وأصبحت تنتج أفلامًا طويلة مختلفة عن الأفلام القصيرة التي كانت تنتجها شركات الساحل الشرقي لأمريكا.
الاستوديوهات الجديدة في هوليود كانت تحلم بتكرار التجربة بعد الهروب من سيطرة إديسون الذي كان يرفض هذا النوع من الأفلام.
السبب الأخر لاختيار هوليوود هو قرب كاليفورنيا من الحدود المكسيكية، الأمر الذي يعني أنه حتى في حال حدوث مشكلة أو استهداف من توماس إديسون فيمكن للمخرجين والمنتجين الهروب للمكسيك والاختباء هناك لبعض الوقت.
وكانت بداية هوليوود السينمائية مع 4 استوديوهات؛ هي يونيفيرسال، وبارامونت، وفوكس، ووارنر بروس.. نفس الشركات التي ستعلن الحرب على إديسون نفسه بعد ثلاث سنوات فقط، تحديدًا في عام 1915، بدعم الحكومة الأمريكية في مشروع قانون يقضي على احتكار صناعة الأفلام.. ليفتح الحظر الطريق أمامها تمامًا بتدمير الحرب العالمية الأولى لفرص السينما الأوروبية، بما مهد طريق هوليوود والجيل الجديد.