لأسابيع، رفض الرئيس ميشال عون استشارة أعضاء البرلمان بشأن خليفة رئيس الوزراء المستقيل حسان دياب. لكنه استدعاهم فجأة للاجتماع في 31 أغسطس. تقول الإيكونوميست إن تغير موقفه يشبه بـ”الطفل الذي يندفع لإنهاء واجباته المدرسية قبل عودة الأب (ماكرون)”.
حصل رئيس الوزراء الجديد مصطفى أديب، سفير لبنان السابق في ألمانيا، على دعم 90 نائبًا من أصل 128، مما أثار الشك حول جزء من الفصل السياسي السابق الذي أراد ماكرون نهايته. أمهل ماكرون أديب شهرين لإجراء إصلاحات. وقال إن فرنسا “تطالب ولا تتدخل” بتحرير السياسة اللبنانية بدلاً من فرض بديل.
تزامن ذلك مع تدخلات تركية في لبنان. ففي السنوات الماضية، لجأ لبنان إلى الخليج من أجل الإنقاذ. كانت السعودية راعية للطائفة السنية لفترة طويلة. لكن بسبب الإحباط من السياسة اللبنانية، تراجعت في السنوات الأخيرة.
ترك ذلك المجال أمام الرئيس التركي أردوغان، الذي أقام علاقات مع السنة في المناطق المهملة. وكالة المساعدات التركية بنت مراكز ثقافية ومولت مشاريع أخرى. حصل آلاف اللبنانيين على منح للدراسة في تركيا. وحصل آلاف آخرون على الجنسية استنادًا لأصولهم التركية.
لم يقدم أردوغان دعمه لحزب سياسي بعينه. لكنه عرض علاقات صداقة قوية. أقام هاكان فيدان، رئيس المخابرات التركية، علاقة مع نظيره اللبناني عباس إبراهيم. كان سعد الحريري ضيفًا في حفل زفاف ابنة أردوغان في 2016.
وفي اليوم التالي لزيارة ماكرون، وصل نائب الرئيس التركي فؤاد أقطاي ووزير خارجيته إلى بيروت، ووعد بمساعدات إعادة الإعمار ومنح الجنسية التركية للبنانيين الذين يدعون أصولهم التركية.
أقطاي قال أثناء زيارته لبيروت: نرى حبًا متحمسًا لرجب طيب أردوغان وتركيا، ووصف الحب بأنه يقوم على الشعور بالأسرة الواحدة التي عاشت معًا لمدة 400 عام.
نفوذ تركيا آخذ في الارتفاع في لبنان خاصة بين الطبقة العاملة من المسلمين السنة في شمال البلاد، لكنه لم يصل حتى الآن إلى قوة نفوذ فرنسا التي أنشأت لبنان كدولة منفصلة قبل 100 عام.
النائب اللبناني آلان عون، ابن شقيق رئيس الجمهورية يقول: “بالنسبة للبنانيين، تبقى فرنسا الوطن الأم. زيارة ماكرون كسرت الحظر الدولي، العزلة التي كنا نشعر بها في لبنان. لقد جاء إلى هنا كمتحدث باسم المجتمع الدولي، وليس فقط كرئيس لفرنسا. وأحضر جزرة وعصا”.
تقول وول ستريت جورنال، إنه رغم أن انفجار مرفأ بيروت وفر لماكرون فرصة لإعادة تشكيل السياسة اللبنانية وترك بصمة على المنطقة، إلا أنه يواجه أيضًا مخاطر كبيرة.
يحاول ماكرون استعادة مستعمرات فرنسا السابقة كمناطق نفوذ، وهو ما هاجمه أردوغان واعتبره إعادة للحقبة الاستعمارية إلى لبنان من جديد. تزامنًا مع تحدي فرنسا محاولات تركيا لتعزيز نفوذها في شرق المتوسط.
من خلال اكتساب موطئ قدم في لبنان، يمكن لماكرون إضعاف تدخلات تركيا وإبراز نفوذه في سوريا المجاورة، وإبراز قوته في شرق المتوسط .
ومع ذلك، فإن مصالح ماكرون في الشرق الأوسط لا تقتصر على مستعمراتها السابقة فحسب، بل تتوسع أيضًا في العراق.
زار ماكرون بغداد بعد لبنان . وفي بغداد، قدم ماكرون دعمه الكامل للسيادة العراقية في مواجهة التدخل العسكري التركي غير الشرعي في شمال البلاد الذي قتل جنودًا عراقيين مؤخرًا.
فرانسوا هايزبورغ، المستشار الخاص في مؤسسة البحوث الاستراتيجية في باريس، الذي قدم المشورة لحملة ماكرون الرئاسية بشأن مسائل الدفاع والأمن القومي، حذر فرنسا من مواجهة خطر الإفراط في التوسع من خلال التزاماتها المتزايدة.
وقال هايسبورغ: نحاول التوفيق بين الكرة الليبية، وكرة شرق المتوسط، والكرة اللبنانية، وفي الوقت نفسه لدينا أيضًا هذا الاشتعال في النيجر. ببساطة هناك الكثير من الكرات في الهواء.
القوى الاستعمارية القديمة تتنافس على النفوذ في لبنان (الإيكونوميست)
فرنسا ترسل قوات بحرية إلى شرق البحر المتوسط وسط مواجهة بين تركيا واليونان (وول ستريت جورنال)
النفوذ الفرنسي الأقوى في لبنان سيواجه الطموحات التركية في الشرق الأوسط (جريك سيتي تايمز)