غرائب الفتاوى (2) | لماذا يكره الشيوخ “المخاصي” في الذبيحة؟ | حسام أبو طالب

غرائب الفتاوى (2) | لماذا يكره الشيوخ “المخاصي” في الذبيحة؟ | حسام أبو طالب

22 Jan 2021
رابط مختصر
للمشاركة لـ فيسبوك
حجم الخط

عندما تولى علي بن أبي طالب الحكم، أمر الجزارين بمنع بيع الطحال والنخاع وقضيب ومخاصي الحيوانات فلما مر على جزار ووجده لا يزال يبيع الطحال غضب غضبًا شديدًا.

حاول الجزار أن يهدئ من غضبته فقال له : يا أمير المؤمنين  إنما الكبد والطحال سواء، فقال له “علي” كذبت يا لكع وطلب منه طبقين من الماء ليثبت له بالتجربة أنه مخطئ .

وضع علي الكبد في طبق، والطحال في الآخر ثم أمر الجزار بتقطيعهما .. فما كان من الكبد إلا أن ابيض واحتفظ بلحمه، وسالت دماء الطحال في الطبق، حتى صار كأنه قطعة من الجلد. فقال له أرأيت يا لكع الكبد لحم والطحال دم، والله أمرنا ألا نأكل هذا الدم المسفوح.

هذه الرواية التي يكذبها البعض ويقسم على صدقها آخرون لم تقف وحيدة في كتب الفقه لتحرم أكل بعض الأعضاء من الحيوانات المذبوحة، فنجد أن هناك ما يتوسع في التحريم لتصل إلى “حبة العين” وهي التي تظهر وينظر بها الحيوان إلينا.. وتختلف المذاهب ما بين سنة وشيعة في هذا التحريم. إلا أنها تتفق على قلب رجل واحد على كراهة أكل “المخاصي”.

لماذا كراهية المخاصي ؟ 

يحرم الأحناف أكل العضو التناسلي للحيوان سواء كان لذكر أو أنثى. ويشمل التحريم أيضًا “الخصيتين” واستدلوا بآية القرآن (ويحرم عليهم الخبائث) معتبرين أن الأعضاء التناسلية تعد من الخبائث التي لا تؤكل .. وقد روي عن أبو حنيفة أنه كره أكل المخاصي كراهة التحريم لا كراهة التنزيه.

ورغم أن المالكية لم تحرم أكل المخاصي بل أمرت بـ”استثقالها” من غير تحريم، إلا أن الشافعية كانوا أكثر وضوحًا في كراهية أكل المخاصي. وفي هذا يقول الزيلعي: يكره من الشاة “الخصية” لأنها مما تستخبثه الأنفس وتكرهه، ويؤيده بن قدامه في وصفها بـ “ذلك العضو غير مستطاب”.

إبليس يحب المخاصي 

هذا الاتفاق على كراهية أكل الطحال والمخاصي وغيره من الأعضاء، لم يكن وليد لحظة فقهية، بل له أصل بعيد في حكايات الأنبياء.

فقد روى أن رجلًا سأل النبي لماذا حرموا يا رسول الله؟ فقال: عندما أنزل الله كبشًا على إبراهيم بمكة وهم بذبحه جاءه إبليس وقال: أعطني نصيبي من هذا الكبش. قال: وأي نصيب وهو قربان لربي وفداء لابني.. فأوحى الله إليه أن أعطه من “الطحال” لأنه مجمع الدم، و”الخصيتين” لأنهما موضع النكاح ومجرى النطفة. فقال له الرجل: فلماذا إذن حُرِم نخاع الظهر؟ قال رسول الله: هذا لأنه موضع الماء الدافق من كل ذكر ، يقصد به “المني”.

راجع معي: 

علل الشرائع جزء ٢ / ٣٥٧ باب العلة 
الكافي جزء ٦ / ٢٥٤
المغني جزء ٣ / ٢٩٦
تبيين الحقائق جزء ٦ / ٢٢٦
الدر المختار / حاشية ابن عابدين جزء ٥ ص ٤٣٧ 
البدائع جزء ٥ / ٦١
مواهب الجليل جزء ٦ / ٢٠٤
بحار الأنوار جزء ٦٣  / باب ١١ ما يحرم من الذبيحة 
المدونة للبراذعي ج ١ / ص ٩٣
التاج والإكليل بهامش الخطاب جزء ٣ – ص ٢٢٧

رابط مختصر
للمشاركة لـ فيسبوك

موضوعات متعلقة

التعليقات (0)

يجب عليك .. تسجيل الدخول أو التسجيل لتتمكن من التعليق.

تعليقات الفيسبوك