بين محمد حسين يعقوب وعبد الله رشدي.. “التبرير خسرنا كتير” | عمرو عبد الرازق

بين محمد حسين يعقوب وعبد الله رشدي.. “التبرير خسرنا كتير” | عمرو عبد الرازق

17 Dec 2020
عمرو عبد الرازق
رابط مختصر
للمشاركة لـ فيسبوك
حجم الخط

من الصعب التعامل مع إحدى آليات الانتشار لأسلمة المجتمع سياسيًا وأيدلوجيًا، بمعزل عن مثيلاتها من الظواهر.

فلا يمكن التحدث عن انتشار الحجاب والخمار والنقاب بمعزل عن دعوات جمع الزوجات والتعددية، أو بعيدًا عن الجلابيب القصيرة، وإعفاء اللحى وإظهارها بأطوال متباينة، بحيث تكون المناقشة حول مدى درجة إنباتها وليس وجودها من عدمه!

وجميعها مظاهر كان الغرض منها إثبات الوجود وسيادة أفكارهم، وأيضًا إظهار قوتهم عن طريق انتشار أكبر عدد من أصحاب هذه المظاهر الطافحة حينها!

ويوم تحدث عضو مكتب الإرشاد عصام العريان في تسجيله المعروف، عن كيفية نشر الحجاب بين طالبات الجامعة، لم يكن ينفذ سوى مهمة تدعيم الدعوة بالأعداد!

والملصقات الدعائية لهم للزي ومنع الاختلاط وغيرها، لم تختفِ من شوارع وجدران المحروسة، في ممارسة للإلحاح والجبر.

تعدد الزوجات.. محمد حسين يعقوب

في الفترة الأخيرة، فتحت الصحافة ومنصات السوشال ميديا قضية تعدد الزوجات بأعداد مبالغ فيها من السيدات والفتيات، بين بعض رجال الدين، وأصحاب الفكر السلفي، ومنهم الداعية محمد حسين يعقوب.

بعض المتابعين رفضوا تناول القضية باعتبارها أمرًا يندرج تحت بند الحرية الشخصية، وعدم الإضرار بالغير، طالما الأمر داخل الحيز الشرعي والقانوني.

والأمر نعيده ونزيده للحاجة  للتذكير، بأن ما يندرج تحت باب الحرية الشخصية لا ينطبق على أشخاص وتيارات تنفي فردانية الإنسان وشخصيته، وتضعه في قالب جماعة بالضرورة بكل تفاصيل حياته، وتتدخل في كل شؤونه من ملبسه لاختيار اسمه لهيئته لسلوكه الجنسي!

وبالتالي ما يتعلق بشخص محمد حسين يعقوب أو غيره، ليس هو ما ينطبق على شخص مغمور في أغوار البلاد، قام بالزواج آحاد وعشرات المرات، ويزف الخبر باعتباره من النوادر، فهذا المغمور ليس أسوة لأحد ولم يدع لفكرة ولم يقرع الناس لسلوكهم الذي يزدريه!

ألغاز تراثية (8) | محنة الإمام مالك.. لماذا يخالف فقه الطلاق نص القرآن؟ | هاني عمارة

ليست الأولى.. وكلها دون حسم

ظاهرة محمد حسين يعقوب ليست الأولى، وإن كانت هناك قصص مشابهة لدعاة وأبنائهم وبعض المنتمين لذات التيار، أثيرت في فترات سابقة، خاصة بزواج أو بعلاقات نسائية، ثم أسدل عليها الستار بنوع من الغموض دون حسم!

في 2003، عرف المصريون – ربما للمرة الأولى – ما يسمى بقضية تعدد الزوجات. وقد نالت القضية وقتا حتى تم استيعابها، وذلك لغموضها وارتباك تفاصيلها. إذ تم القبض على رجب السويركي – صاحب محلات التوحيد والنور – إحدى المؤسسات الاقتصادية الداعمة للمد الإسلامي وقتها في مصر، ومشروع أسلمة مصر وتبديل هويتها بهوية أصولية يقودها متطرفون!

وقضية رجب السويركي ارتبطت باكتشاف قصص زواج وطلاق كثيرة، لمدد متباينة بعضها لم يستمر أسبوعًا أو شهورًا، يطلق إحداهن ويتزوج بأخرى أعجبته، حتى وقع في فخ أنه كان يجمع أربع زوجات، فطلق إحداهن وتزوج بأخرى على الفور، وفي هذه الحالة – طلاق الرابعة – لا يجوز له الزواج بأخرى إلا بعد أن تتم المطلقة عدتها، وإلا اعتبر أنه يجمع بين خمس زوجات، وهو ما خالف القانون والشرع!

وقد وقع فيه عن جهالة أو استهتار..

بالطبع القضية اتسعت، وبدأت الصحف تبحث عن زوجاته، ولقلة شأنه مقارنة بشخص محمد حسين يعقوب كان الهجوم عليه أكثر ضراوة، وبدأت الزوجات السابقات والمطلقات الأقرب للمحظيات في سرد سلوكياته وقصص الزواج منه، بما جعل الأمر فضيحة، ووصف بكونه شهريار وشاه بندر التجار وغيرها من صفات التهكم!

تعدد الزوجات | كيف حوله السلفيون من ممارسة اجتماعية قديمة إلى أيديولوجيا؟ | هاني عمارة

الإرهاب ذاته.. لا مجرد الدعم

ولمحاولته مداراة النقيصة، ما كان منه كشأن أغلب أبناء هذا التيار إلا التبجح، وإعلان أن ما يفعله هو ممارسة للدين وقربى لله، إلى آخر تلك المحاولات البائسة. وكان من أبرز تصريحاته أنه سيتزوج بأربعين سيدة، أسوة بسيدنا الحسن بن علي بحسب تعبيره.. في محاولة للتصعيد بورقة الدين، ووضع المجتمع في مواجهة مع شخصيات ذات قداسة في تراثهم قاموا بنفس الفعل، بما يحيله لفعل معتاد بل ومرحب به!

المحاولة أيضًا كانت جزءًا من محاولة ترويج أفكار جديدة لم يعتدها المجتمع!

خاب مسعاه ونال حكمًا بالسجن حينها لثلاث سنوات. لكن إمبراطوريته الاقتصادية كبرت وتوسعت، وبعد سبعة عشر عامًا تم التحفظ عليه وعلى مؤسسته لدعمه للإرهاب.

مد دينى + سمت مظهري جماعي + اقتصاد مؤدلج + شبكة علاقات + جيتو وطائفية واضحة = الإرهاب ذاته وليس مجرد الدعم!

من المؤسف التأخر لهذه الدرجة في حسم الأمور المهمة!

زواج المسلمة من غير المسلم | لماذا أباحه اﻹخوان في أوروبا؟ | هاني عمارة

تبرير عبد الله رشدي

الآن تقابلنا نفس الحجج من شيخ أزهري كعبد الله رشدي، في معرض دفاعه عن شيخه محمد حسين يعقوب باعتباره لم يفعل نقيصة، وأنه حر في سلوكه، وأن الأمر لا يعيبه طالما هو داخل الشرع. بالرغم أنه قبلها بأيام قد علّق تزامنًا مع ظهور ممثل شهير وهو فخور بتكريم زوجته الممثلة، بإحدى المهرجانات – بكتابة بيان عن الدياثة وغياب الستر ونقص الرجولة، وضرورة مجابهة الأهواء،، إلخ!

لكنه عندما مس الأمر شيخه محمد حسين يعقوب تحولت الرجولة إلى فوضى استبدال امرأة بأخرى كلما اشتهى الرجل، ورغبة الجنس لم تصبح من الأهواء طالما رتبت بدفتر أحوال الزواج، واختفت مجاهدة النفس، وعبّد الطريق لشيخه كالحرير يمرح به كما يشاء!

الغريب أن عبد الله رشدي في أول الأمر ذكر أن الشيخ محمد حسين يعقوب لو تزوج ألف مرة، فليبارك الله له.

ثم بعدها خرج بمقطع فيديو يذكر فيه أن زيجات الشيخ المتعددة ما هي إلا شائعة، ثم استكمل دفاعه أن التعدد من حقه، وأنه ربما تعرض لمشكلات في زواجه – إن كان قد تزوج تكرارًا – جعلت من استقرار الزواج أمرًا عسيرًا!

وكأن منهج التعدد والإفراط فيه غريب على أصحاب الدعوة، أو أنهم ليسوا من أبرز المروجين له بالأساس، ويروج لأن الأمر قد يحدث كصدفة ليس إلا!

ريم والمدرسة والحجاب.. ٦ جمل مخيفة في مجتمع “مش داعش بس بيحترمهم” | فيروز كراوية

التبرير في حضرة الإله

من الطبيعي أن يتربح أبناء هذا التيار من دعوتهم، إنهم ماهرون في ترتيب الأوراق، صحيح أن الأمر يتم بشكل مكشوف، لكنه ما زال يخيل على نسبة من الجماهير التي تتأثر بهم حبًا لدينهم!

وصحيح أيضًا أن الأمر لا يليق أن يتم في حضرة الله، فالله ليس إله تقفيل الأوراق، والتحايل على القواعد وارد أن يكون بين البشر وبعضهم، أما الالتفاف في حضرة الإله، لتحويل الزواج والطلاق، لمادة للعبث والتمتع العابر، وتكوين أسرة بالواجهة وعشرات الشخصيات المحطمة خلف الأستار، فهذا عبث يليق بأهل التخريب على أكمل ما يكون!

التلاعب هنا يمكن أن يمررك من مساءلة اجتماعية أو قانونية، فكرة تليق بمراهق يسيل لعابه أمام رغباته، لكن لا معنى لوجوده مع إيمان حقيقي وتصديق بالإله وأوامره!

لم يذكر عبد الله رشدي في معرض حديثه شيئًا من هذا!

وإن صدق القول بتعدد زيجات محمد حسين يعقوب حتى وصلت لاثنتين وعشرين كما تردد “ولا ندري صحة الأمر من عدمه” فيصبح هنا يعقوب مدعيًا فيما روجه بين متابعيه: من وصفه لنساء الدنيا بالفالصو لترغيب الناس في الآخرة، أو لحجبهم عن متع الدنيا، في حين يستأثر هو بهن..

 

اعتذار مصطفى حسني | هل نطلب من الجاني إنقاذ الضحايا؟ | فيروز كراوية

الارتزاق بالدعوة

ومع قول عبد الله رشدي رشدي بأن الأمر ولو بلغ 1000 زيجة فهنيئًا لصاحبها، فهو هنا يظهر أن الدعوة الدينية لدى القائم بهذا الفعل، هي وسيلة فعالة للارتزاق والتكسب من المال والنساء وتحقيق المكانة الاجتماعية، وأن كل ما يدبجونه من سمات الأسرة المسلمة والزواج فى الإسلام واستقرار الأسرة، هي في حقيقة الحال، لقيمات بسيطة تلقى للجماهير يلتهون بها، بينما هم شرهون لحياة أخرى مخملية منعمة..

وتصبح مؤسسة الأسرة المستقرة ذات الزوجين والأبناء هي سلعة للبسطاء فقط، بينما لديهم أمتار ممتدة من بشرات النساء بحياة أخرى مغرقة في التمتع، كما أن لهم الحق ببساطة وبحجة ذات الشرع الذي يدعون لاتباعه بكل صغيرة وكبيرة، في هدم الأسرة، واستبدال إحداهن بأخرى بأي وقت، تلبية لرغبات أجسادهم. فلا يوجد من يمكنه الزواج ألف مرة بعيدًا عن ميدان العبث!

في حين توضع أكليشيهات الأسرة الإسلامية وميزان المرأة في الإسلام على الأرفف، حتى يعود الشيخ إلى صباه.. حقيقة الأمر الجسد له الأولوية لديهم! أما الجماهير فعليهم ترويض أجسادهم حتى لا تنالهم لعنات الخطيئة أو حتى يدركوا أًصول اللعبة!

تُلقى سرديات الزهد وقصص الناسكين للشباب، يضيعون بها أعمارهم، في حين يعيش رواة القصص حياة الملذات والرفاه..

فهل سنحتاج لسبعة عشر عامًا آخرين لتوضع بعض الأمور في نصابها!

السلطة من أسفل .. الزوجة الثانية في مواجهة الإسلام السياسي | خالد البري | رواية صحفية في دقائق


رابط مختصر
للمشاركة لـ فيسبوك

موضوعات متعلقة

التعليقات (0)

يجب عليك .. تسجيل الدخول أو التسجيل لتتمكن من التعليق.

تعليقات الفيسبوك