وحتى اليوم، ظلت حدودهما البرية الطويلة مغلقة، في رمزية إلى انعدام الثقة والعداء الدائم. والأكثر من ذلك، أن الرباط والجزائر ما زالتا محتدمتين في نزاع متواصل حول وضع الصحراء الغربية، وهي منطقة يسيطر عليها المغرب، بينما حظيت مساعيها من أجل الاستقلال/الانفصال بدعم طويل من الجزائر.
بالنظر إلى هذا التنافس الجيوسياسي ، ظل البلدان مستعدين لنزاع محتمل، ما دفعهما إلى البحث عن استراتيجيات للدفاع عن أنفسهم بشكل أفضل ضد بعضهما البعض.
في حالة الجزائر، استفاد القادة الجزائريون من ثروات الطاقة في البلاد لدعم الجيش، مما جعله أحد أكبر مستوردي الأسلحة في أفريقيا. من ناحية أخرى، افتقر المغرب إلى الموارد الهيدروكربونية اللازمة لتمويل الإنفاق العسكري، مما تطلب تقاربه مع الولايات المتحدة وفرنسا ودول الخليج العربي للحصول على الدعم الدبلوماسي والمساعدة الدفاعية.
تواجه الجزائر ضغطًا اقتصاديًا متزايدًا واضطرابًا محليًا على مدار الستة عشر عامًا الماضية، لا سيما منذ انهيار أسعار الطاقة في عام 2014 وانتعاشها البطيء وغير الكامل منذ ذلك الحين.
في الوقت نفسه، وجد المغرب نفسه في خلاف دبلوماسي متوتر مع شركائه الاقتصاديين التقليديين، السعودية والإمارات، بسبب محاولته متابعة موقف محايد في أزمة البلدين مع قطر.
رغم أن المغرب قام منذ ذلك الحين بإصلاح بعض هذه العلاقات أعطى هذا الخلاف الرباط دعوة للاستيقاظ بشأن الهشاشة المحتملة لوضعها الاستراتيجي. هذه المخاوف، إلى جانب ثقة المغرب المتزايدة في سعيها لتوسيع قوتها الاقتصادية ووزنها في جميع أنحاء إفريقيا، دفعت البلاد إلى أن تصبح أكثر طموحاً في تحسين قدراتها العسكرية المحلية والاعتماد على الذات .
لكن طريق المغرب نحو الهيمنة العسكرية الإقليمية في المغرب الكبير لن يكون سهلًا. الجزائر أيضًا استثمرت بكثافة في المشتريات العسكرية لعدة عقود، وتحتفظ بمزايا مهمة على المغرب في العديد من المجالات.
تتمتع الجزائر، على سبيل المثال، بميزة كمية كبيرة في الطائرات المقاتلة وطائرات الهليكوبتر للنقل، والدفاعات الجوية البرية الأكثر قوة، والغواصات (لا يوجد لدى المغرب أي منها ، لكنها تدرس شراء بعضها لقواتها البحرية)، بالإضافة لتفوق كبير للمركبات وناقلات الجنود المدرعة لدعم المشاة. من المؤكد أن المغرب يتمتع ببعض المزايا على جارته الشرقية، بما في ذلك تدريب أفضل بين قواته وقيادة في المدفعية، ومع ذلك يستمر الجيش الجزائري في التمتع بالتفوق الإجمالي.
يمكن لعقود الرباط الجديدة، والاستثمارات المتوقعة أكثر في السنوات المقبلة، أن تمهد الطريق للمغرب ليصبح القوة العسكرية المهيمنة في المغرب الكبير، ومع ذلك فمن المؤكد تقريبًا أن تدفع الجزائر إلى الاستثمار أكثر في المشتريات العسكرية والتحديث.
من المحتمل أن يؤدي ذلك في النهاية إلى تفاقم سباق التسلح المكثف في المنطقة مما يزيد من انعدام الثقة والمنافسة والعداء بين الجيران، ويضاعف بدوره حالة عدم الاستقرار الإقليمي.
العشرية السوداء | الصراع الدامي على حكم الجزائر | الحكاية في دقائق
اقتصاد الجزائر.. سقوط ما بعد انهيار النفط.. وفرص مشروطة للتعافي
فرنسة التعليم.. رضوخ للمستعمر أم ضرورة عملية؟ وكيف قسمت إخوان المغرب؟ | س/ج في دقائق