القصة في دقيقة:
في الصيف الماضي، صرحت النائبة الأمريكية أليكساندريا أوكاسيو كورتيز (AOC) أنه في أي بلد آخر، باستثناء الولايات المتحدة، فلن تكون هي وجو بايدن في نفس الحزب السياسي..
كورتيز – بايدن حاليًا وجهان بارزان في حزب الديمقراط
AOC أشارت إلى نقطة مهمة: حزب الديمقراط “خيمة كبيرة” تضم أطيافًا غير متوافقة في التوجه السياسي، حيث يجمع اليسار والليبراليين في آن واحد، ضمن رحلته للتحول من يمين الوسط إلى يسار الوسط.
وجوه اليسار بدأوا التغلغل في حزب الديمقراط منذ 2007 وما تلاه، وكان هناك عدة أسباب لقادة الحزب لتركهم وأفكارهم تتغلغل داخل الحزب.
فكيف أصبحوا قوة في الحزب؟
وكيف توجه الحزب للفكر اليساري؟
ولماذا سمحت قيادات حزب الديمقراط بتغلغلهم؟
س/ج في دقائق
كيف تسللت وجوه اليسار إلى حزب الديمقراط ؟
بدأ تسلل وجوه اليسار إلى حزب الديمقراط منذ 2007، عندما أصبح بيرني ساندرز سيناتورًا.
وصل مجلس الشيوخ كاشتراكي مستقل. كان يملك 3 خيارات: البقاء مستقلًًا – تشكيل حزب جديد – أو التحالف مع حزب قائم.
فضل الخيار الأخير، وتحالف مع الديمقراط لأن لجان الشيوخ تخصص على أسس حزبية، ساعيًا لاجتذاب المزيد من مؤيدي أفكاره تحت مظلة الحزب.
2018 حمل دعمًا كبيرًا لتيار اليسار حين أوصلوا “السكواد” الرباعي: أليكساندريا أوكاسيو كورتيز – إلهان عمر – رشيدة طليب – أيانا بريسلي إلى الكونجرس عن حزب الديمقراط في انتخابات التجديد النصفي.
الرباعي يملك صلات قوية بمنظمة الاشتراكيين الديمقراطيين في الولايات المتحدة (DSA)، التي تأسست 1982، وتضم حاليًا 45,000 ناشط، كرمز للجيل الجديد من السياسيين الشبان الذي يرفعون شعارات العدالة الاجتماعية والاقتصادية.
في الكونجرس، تعاملت أوكاسيو كورتيز بأسلوب نشطاء DSA، ودعمت ورفيقاتها بيرني ساندرز، رغم أنه لم يكن عضوًا في DSA.
أطلق نشطاء اليسار في حزب الديمقراط بعدها خطتي “الصفقة الخضراء الجديدة”، و”الرعاية الصحية للجميع”.
ترشح ساندرز للانتخابات التمهيدية في 2020، وحقق مكاسب أولية مهمة، لكنه تراجع ثم تنازل مجبرًا تحت ضغط تقدم جو بايدن، وطلب من أنصاره دعم جو، الذي فتح أبواب حملته تحت ضغط هذا الدعم لوجوه اليسار.
كورتيز مثلًا تعمل مع جون كيري في قيادة فريق العمل المعني بالمناخ.
رباعي المبتدئات الديمقراط.. هل تحتفط إلهان عمر وأخواتها بمقاعدهن في الانتخابات المقبلة؟ | قوائم في دقائق
متى بدأ توجه الديمقراط إلى أفكار اليسار تدريجيًا؟
بدأ التغيير تدريجيًا في 2008، عندما أجبرت الأزمة المالية الرئيس باراك أوباما على اقتراح مزيد من الحماية والتنظيم، ليعيد إجياء المكاسب المفاجئة لصفقة روزفلت الجديدة في الثلاثينيات مع أوباماكير، وهو قانون وسع تغطية الرعاية الصحية لملايين الأمريكيين.
ثم بدأ حزب الديمقراط في التغير، والخروج من حقبة النيوليبرالية التي قادها آل كلينتون، وكانت هيلاري كلينتون آخر مرشحة لعصر الديمقراط الجدد.
ثم أدت المأساة الاجتماعية التي أحدثها وباء كورونا إلى تسريع تحول الحزب من يمين الوسط إلى يسار الوسط.
ففي مواجهة ما يعتبرونها تركزًا غير منضبط للثروة، والديون المتصاعدة والبطالة، لم يعد من الممكن – حتى بالنسبة لتيار الوسط في الديمقراط – تجاهل الدعوة إلى مزيد من التنظيم وإعادة التوزيع، ليحتفظوا بمكان في قيادة الحزب
صحيح أن الرئيس المنتخب جو بايدن لم يتبن خطة “الرعاية الطبية للجميع” التي روج لها بيرني ساندرز وأوكاسيو كورتيز، وفضل توسيع التأمين الصحي العام دون التدخل في النظام الخاص، ولم يأخذ من “الصفقة الخضراء الجديدة” سوى التركيز على الطاقة النظيفة، إلا أن برنامجه أصبح البرنامج الرئاسي الأكثر تركيزًا على القضايا التي ينادي بها اليسار في الثلاثين عامًا الماضية.
أولى معارك بايدن | أوباما يستعيد حقه من كلينتون.. و”السكواد” يطلب حكومة يسارية | ترجمة في دقائق
لماذا سمح أنصار النيوليبرالية بتمكين اليسار من الحزب؟
1- فرصة إصلاح نظام الحزبين في الولايات المتحدة تبدو معدومة في الوقت الحالي؛ لذلك فكر اليسار في التغيير من داخل النظام. ولأن نظام التصويت في أمريكا يعتمد على قاعدة “الفائز يأخد كل شيء” انضوت المنظمات التقدمية، وبينها الاشتراكيون الديمقراطيون (DSA)، تحت راية الديمقراط في الانتخابات الوطنية.
2- ناخبو حزب الديمقراط أكثر تباينًا من الناخبين الجمهوريين الأكثر تجانسًا وتركيزًا جغرافيًا، لذلك إذا أراد الديموقراط الفوز في الانتخابات الوطنية، فعليهم كسب ناخبين من عدة تيارات مختلفة، لهذا وجد نفسه مضطرًا لقبول دعم اليسار.
ثقافة الإلغاء | اليسار خارج السلطة يمارس هوايته في القمع | تعريفات في دقائق
هل يعني ذلك أن الديمقراط سيصبحون حزب اليسار مستقبلًا؟
يراهن التيار النيوليبرالي على عدة عوامل تلعب دورًا محوريًا في ضبط توجه الحزب نحو الوسط عند الحاجة:
1- بنفس قاعدة تباين القاعدة الانتخابية، يعتقد قادة الوسط في حزب الديمقراط أن حاجة الحزب للاحتفاظ بالناخبين الأكثر اعتدالًا في الولايات الصغيرة ستؤمن وسطية الحزب. هذا ما حدث في انتخابات التجديد النصفي 2018، عندما نجح عدد من المحافظين الديمقراط في ولايات الغرب الأوسط على وجه التحديد بسبب خطابهم الوسطي المعتدل.
2- يراهن التيار النيوليبرالي على أن التمويل سيلعب دوره الخاص في ضبط اعتدال موقف الديمقراط ومنعه من الجنوح إلى اليسار كليًا.
يحاجون مثلًا بأن العوامل اجتمعت في اللحظة المناسبة لتذهب بطاقة الترشيح إلى جو بايدن لا بيرني ساندرز الذي بدا الأقرب للفوز حتى منتصف السباق، وعلى أن بايدن اختار كامالا هاريس لمنصب نائب الرئيس بدلًا من إليزابيث وارين، باعتبار أن الثانية أكثر تقدمية، بينما سمعة الأولى أفضل في وول ستريت.
3- يعتقد قادة الديمقراط القدامى أنه – رغم كثرة الشعارات – لم يتحرك الحزب فعليًا منذ الثمانينيات لتحقيق مطالب اليسار وبينها وعود تحسين حقوق العمال وزيادة سلطات النقابات.
هل يحكم اليسار أمريكا؟ معركة بايدن الحقيقية تبدأ بوصوله للبيت الأبيض | س/ج في دقائق
هل هناك مزيد من المصادر لزيادة المعرفة؟