* صفقة القرن أقل من خطة سلام وأكثر من تدوين للوضع الراهن.
* خطة ترامب ستكون ذريعة لإسرائيل للمضي قدمًا في ضم بعض أجزاء الضفة الغربية.
* لا تريد أي دولة عربية أو إسلامية أن تعارض علناً المطالبات الفلسطينية بأراضيها، لكن لا توجد دولة شرق أوسطية تريد المجازفة بموقفها الدبلوماسي أو الاقتصادي مع الولايات المتحدة.
س/ج في دقائق
نظريًا.. كيف ستطبق خطة ترامب للسلام؟
موقع ستراتفور يصف صفقة القرن بـ “أقل من خطة سلام وأكثر من تدوين للوضع الراهن”؛ صحيح أنها تميل للمطالب الإسرائيلية، وتفتقر إلى إدراج المدخلات الفلسطينية في معظم أجزاء صياغتها، لكنها تحاول إرضاء الطرفين، وتقدم ضمنًا تفاصيل لتطبيق حل الدولتين.
صفقة القرن ترتكز على الأسس المألوفة لمفاوضات السلام السابقة، وتتماشى مع بعض القضايا التي وافق عليها المفاوضون الفلسطينيون السابقون بمحادثات التسعينيات وأوائل الألفية؛ إذ تتضمن رؤية لدولتين، وتمنح الفلسطينيين مساحة أكبر مما يمتلكون حاليًا وتجمد النشاط الاستيطاني الإسرائيلي أثناء المفاوضات، لكنها في المقابل لا تشمل وجود عاصمة فلسطينية داخل حدود مدينة القدس التقليدية، وتقدم الكثير من التسهيلات الاقتصادية للفلسطينيين في شكل منح وقروض ومساعدات تصل إلى 50 مليار دولار إذا وافقوا على خطة ترامب.
تؤسس الخطة لحل الدولتين على الأقل على الورق. سيخيب أمل الإسرائيليين الذين يفضلون ضم كل الأراضي الفلسطينية. بالنسبة للفلسطينيين، تقترح الخطة مقايضات للأراضي من شأنها أن تمنحهم مساحة عامة أكثر مما يسيطرون عليها حاليًا، لكن هذه المقايضات ستشمل تبادل الأراضي الصالحة للزراعة في غور الأردن، مقابل أراض صحراوية جنوب غزة.
تفتقر الخطة أيضًا إلى بند لإعادة اللاجئين إلى الأراضي الإسرائيلية.
لكن، ورغم أنها إيجابية من الناحية النظرية للجانبين، إلا أن وعود صفقة القرن في الواقع ليست مضمونة بالنسبة للفلسطينيين وكذلك بالنسبة لبعض الإسرائيليين، وهي ترقى إلى حد دفع الولايات المتحدة الطرفين باتجاه حل الدولة الواحدة عن طريق إطالة الوضع الراهن.
علاوة على ذلك، ليس من الواضح من الذي سيمول الخطة في نهاية المطاف، بما في ذلك الوعود الاقتصادية للفلسطينيين. طلبت إدارة ترامب المساعدة من دول الخليج الغنية.
ورفضت جميع التنظيمات الفلسطينية الخطة من البداية وستأمل في الاعتماد على الدعم الدبلوماسي الخارجي من دول الخليج العربي والاتحاد الأوروبي وروسيا للمساعدة في تأخير أي تحركات إسرائيلية نحو تنفيذ جوانب الخطة، كل ذلك أملاً في أن تسفر الانتخابات الأمريكية والإسرائيلية هذا العام عن مفاوضين أكثر ودية. لكن بينما ينتظرون الانتخابات، فإن الأوضاع الاقتصادية والأمنية الفلسطينية، التي تغلي بالفعل بشكل غير مستقر، قد تزداد سوءًا.
ما النتائج القريبة المتوقعة لطرح ترامب لخطته للسلام؟
قد يعقب الصفقة رد سياسي وعنيف محتمل من التنظيمات الفلسطينية في الضفة الغربية وقطاع غزة. هذا يتوقف على مدى سرعة تحرك إسرائيل نحو تنفيذ أجزاء من الاقتراح، فالبيت الأبيض يضغط لتنفيذها في غضون ستة أسابيع.
في أسوأ السيناريوهات للقادة الفلسطينيين الذين يرغبون في وضع حد للضم، فإن خطة ترامب ستكون مجرد ذريعة لإسرائيل للمضي قدمًا في ضم بعض أجزاء الضفة الغربية وإلقاء اللوم على الفلسطينيين لكونهم يعيقون تنفيذ صفقة القرن.
في الواقع، قال نتنياهو إنه سوف يتحرك إلى الأمام بضم غور الأردن ومستوطنات الضفة الغربية الأخرى. ستفكر القيادة الفلسطينية في التراجع للخلف، لكن قدرتها على القيام بذلك ستكون محدودة.
هناك تأثيرات قريبة المدى على المجالين السياسي الإسرائيلي والفلسطيني. الخطة لديها القدرة على إعطاء دفعة صغيرة لنتنياهو أو منافسه بيني غانتز في الانتخابات الإسرائيلية في 2 مارس، وسوف تساعد ترامب على كسب الجزء المؤيد لإسرائيل من قاعدته قبل الانتخابات الرئاسية في نوفمبر.
بالنسبة للفلسطينيين، يمكن أن تؤدي الخطة إلى حكومة أكثر تشدداً في رام الله، إذا شعر الفلسطينيون أنهم يفتقرون إلى خيارات أخرى. مهندس حل الدولتين من الجانب الفلسطيني محمود عباس، يشيخ ويقترب من النهاية المحتملة لفترته، مثلما يواجه حل الدولتين- الذي ناضل من أجله – زوالا محتملا. في مواجهة التهديد المشترك لإسرائيل، قد تتجاوز الفصائل الفلسطينية المتنافسة “فتح” و “حماس” بعض الخلافات العميقة بينهما لإيجاد قوة في تعاونهما.
هل ستمثل الخطة تغييرًا في علاقة العرب بالفلسطينيين؟
التداعيات الرئيسية لخطة ترامب هي إضفاء الشرعية على عملية الضم الإسرائيلي الرسمي لأراضي الضفة الغربية، التي كانت تحت السيادة الإسرائيلية كحقيقة واقعة لسنوات، لكنها كذلك ستزيد الفجوة بين دول عربية رئيسية والفلسطينيين
من بين عدد قليل من القضايا التقليدية التي ترتكز عليها محادثات السلام الراكدة منذ فترة طويلة- بما في ذلك الأمن والحدود وعودة اللاجئين ووضع القدس – تميل صفقة القرن إلى تفضيل سياسات الحكومة الإسرائيلية الحالية. هذا يعني أنه سيكون من الصعب العودة أو تغيير الركائز الأساسية للمحادثة حول السلام في المستقبل.
يمكن أن تشكل الخطة محطة جديدة بين الدول العربية والفلسطينيين. فمن الصعب أن ترفض دول الخليج العربي صراحة خطة طرحتها واشنطن، وهي حليف تحتاجه وتريده. وكذلك لإسرائيل، وهي حليف هادئ على نحو متزايد في السنوات الأخيرة، حتى لو كانت تعتبر سياساتها غير عادلة تمامًا. حضر سفراء البحرين وعمان والإمارات الإعلان عن خطة ترامب في البيت الأبيض.
لا تريد أي دولة عربية أو إسلامية أن تعارض علنًا المطالب الفلسطينية، لكن لا توجد دولة شرق أوسطية تريد المجازفة بموقفها الدبلوماسي أو الاقتصادي مع الولايات المتحدة الأقوى لصالح كونها راعية للفلسطينيين.
الإمارات والسعودية ، اللتان تتمتعان بالنفوذ الإقليمي والثقل لإحداث تغيير، لن تتحركا على الأرجح حسب توجيهات الفلسطينيين. جزء من السبب هو تحالفات الفصائل الفلسطينية مع خصوم إقليميين ظهر عداؤهم ورغبتهم التوسعية إلى العلن في العقدين الأخيرين، مثل إيران وتركيا. وجزء آخر أن سكان المنطقة الشابة لم تعد القضية مهمة من وجهة نظرهم.
من بين الرعاة التقليديين للقضية الفلسطينية – الأردن ومصر وسوريا ودول الخليج العربي، وبدرجة أقل لبنان وتركيا – لم تعد القضية الفلسطينية مثار جدل كما كانت من قبل. الأوضاع الداخلية صارت الشغل الشاغل.