التوقيت الذي اختارته الحركتان للإعلان عن نيتهما المصالحة برعاية تركيا يضع الخطوة في تماس مع توقيع البحرين والإمارات اتفاقية سلام مع إسرائيل.
الفلسطينيون يدركون أن موجة السلام الحالية تعني أكثر من مجرد إعلان سياسي. فهي إعلان عن تغير في طريقة التفكير السياسي مفادها أن دول الجوار تسعى لبناء جغرافية سياسية جديدة في المنطقة، وتحتاج في بنائها إلى علاقات مع إسرائيل، بعد أن كان الشرط المسبق للعلاقات الدبلوماسية هو انسحاب إسرائيل من الضفة الغربية وغزة والاعتراف بدولة فلسطين المستقلة.
اتفاقيات السلام التي توقعها الدول العربية مع إسرائيل، تعني بحسب “جيروزاليم ووتش” أن الفلسطينيين فقدوا المسلك الذي يضغطون به على إسرائيل بعد أن أصبحوا بلا أصدقاء؛ لذلك سارع محمود عباس إلى مباركة اتفاق المصالحة الجديد بين فتح وحماس، بحسب التايمز أصيب عباس بإحباط متزايد من الدول العربية التي طبعت علاقاتها مع إسرائيل.
اتفاق السلام بين الإمارات وإسرائيل: خطوة في أربعة اتجاهات |خالد البري
منذ 2007 واندلاع الاقتتال بين فتح وحماس، جرت سبع محاولات عربية للمصالحة، لكنها لم تنجح.
حركة حماس استخدمت الوضع الراهن كدليل على نفوذ محور الممانعة الداعم لها، في إيران وسوريا، كما عبر جماعة الإخوان المسلمين والأنظمة الداعمة لها. قبولها بالمصالحة دون تحقيق شروط محور الممانعة معناه فقدان تلك الورقة السياسية.
في المرة الأولى تدخلت السعودية واتفق على تشكيل حكومة وحدة وطنية لكن حماس أخلت بها. وفي المحاولة الثانية أرادت حماس قيادة الحكومة. المحاولات انتهت بإعلان القاهرة 2017. لكن بقي الوضع على ما هو عليه.
ترفض حماس نزع سلاحها وتعتبره من أصولها الأكثر قيمة، لكن فتح مصرة على رفض التعامل مع أي قضية تخص المفاوضات حتى تلتزم حماس بنزع سلاحها.
وكلا الجانبين رفضا التراجع عن موقفهما ما عطل عمليات المصالحة طوال السنوات الماضية، ولا يبدو أن أيا من الجانبين مستعد للتخلي عن احتكار السلطة على أراضيه، سواء في غزة أو الضفة الغربية.
المصالحة الحالية برعاية تركيا مجرد إعلان نوايا. لو نجحت جهود المصالحة وقتها فقط نستطيع الحكم على مدى التنازلات التي قدمها كل طرف بعد أن رفض تقديمها في المرات السابقة.
ملخص من فاينانشال تايمز.. كيف يستغل أردوغان ملف فلسطين؟ | س/ج في دقائق
من المقرر أن يرأس جبريل الرجوب الأمين العام للجنة المركزية للحركة، الوفد إلى تركيا، ومن المقرر أن يتلقي الرجوب بصالح العاروري نائب رئيس المكتب السياسي لحماس ومنسق عملياتها في الضفة الغربية، المقيم منذ عقد في اسطنبول والمتهم بالإرهاب، بعد أن أجبرته إسرائيل ومصر على مغادرة الضفة الغربية بسبب أنشطته، واتهام أمريكا له بتمويل خلايا إرهابية في إسرائيل والضفة الغربية.
وزارة الخارجية الأمريكية رصدت مكافأة 5 ملايين دولار لمن يدلي أي معلومات عن صالح العاروري، لقيادته أنشطة حماس الإرهابية في الضفة الغربية وتهريب الأموال وتنظيم اجتماعات سرية في تركيا وقطر، والمعروف أيضا بعلاقته القوية بحزب الله وإيران، وعمله في أغلب الأحيان تحت رعايتهم.
عباس وافق على المصالحة ولقاء حماس في تركيا، رغم تحذيرات زملائه في حركة فتح من أن حماس قد تستغل الموقف للسيطرة على السلطة بحسب التايمز. لكن يبدو أنه شعر أن استغلال توقيت السلام سيمكنه من حصد تنازلات أكبر من حركة حماس.
رعاية تركيا للمصالحة بين فتح وحماس يضيف بعدا مختلفا للمصالحة. تقول صحيفة “التايمز” إن مشاركة حركة فتح تشير إلى إعادة ترتيب للتحالفات الفلسطينية. طوال السنوات السابقة سعت السلطة الفلسطينية إلى تأسيس مواردها المالية وجهودها الدبلوماسية من خلال الدول العربية الموالية للغرب والولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي.
لكن الاهتمام بالقضية الفلسطينية آخذ في الخفوت، بينما تتجه الدول العربية إلى إسرائيل لتشكيل تحالف جديد مع تل أبيب لمواجهة طهران.
وبالنسبة لتركيا فالقضية الفلسطينية هي مدخل نفوذ في الشرق الأوسط، وتضيف شرعية على تدخلاتها الغير مرغوبة في المنطقة، لذلك سرعان ما أدانت اتفاقية الإمارات والبحرين مع إسرائيل رغم أنها تقيم علاقات مع الدولة العبرية منذ ١٩٤٩.
ويقدم أردوغان الدعم والملاذ لحماس منذ وقت طويل. استضاف اثنين من قادة حماس المتهمين بالإرهاب، ومنح الجنسية لـ12 عضوا بالحركة منهم متهمون بالتخطيط لتنفيذ أعمال إرهابية بحسب “التيليجراف”، ما يعطيهم حرية في التنقل بحرية بين 42 دولة. وهو ما أدانته الخارجية الأمريكية،