لبنان الضائع بين فرنسا – تركيا.. من يحسم صراع المستعمرين الجدد؟ | س/ج في دقائق

لبنان الضائع بين فرنسا – تركيا.. من يحسم صراع المستعمرين الجدد؟ | س/ج في دقائق

6 Sep 2020
لبنان
رابط مختصر
للمشاركة لـ فيسبوك
حجم الخط

لطالما كان لبنان ملعبًا لتدخلات القوى الإقليمية والعالمية.

الآن، تحاول دولتان من مستعمريه القدامى – فرنسا / تركيا – محاولة استغلال الوضع الاقتصادي والسياسي المتردي لاستعادة النفوذ.

فلمن تكون الغلبة؟

وهل تفيد هذه التدخلات لبنان؟

س/ج في دقائق


كيف ارتبطت زيارة ماكرون وتدخل أردوغان في لبنان بالحقبة الاستعمارية؟

الرئس الفرنسي إيمانول ماكرون زار لبنان مرتين في أقل من شهر؛ الأولى بعد انفجار مرفأ بيروت مباشرة، والثانية في أول سبتمبر 2020، بالتزامن مع الذكرى المئوية لإعلان المندوب السامي الفرنسي هنري غورو دولة لبنان الكبير التي أعادت ترسيم حدود البلدان التي كانت خاضعة للاحتلال العثماني في 1920. حينه، صُمم علم الدولة من خلال دمج علمي فرنسا ولبنان معًا.

زرع ماكرون شجرة أرز، واختار قصر الصنوبر – الذي شهد إعلان لبنان الكبير ويستضيف سفير فرنسا حاليًا  – للاجتماع بالسياسيين اللبنانيين، معلنًا بوضوح أن هدف الزيارة “وضع نهاية لفصل سياسي في لبنان”.

بالمقابل، يحاول الرئيس التركي رجب طيب أردوغان استغلال غياب الظهير الذي يعاني منه السياسيون السنة بتدشين علاقات صداقة مع المسؤولين، كما أرسل نائبه محملًا بتذكير بما قال إنها “صداقة 400 عام بين تركيا ولبنان، ووعد بمساعدات لإعادة الإعمار، وبمنح الجنسية التركية للبنانيين من أصل تركي.

لأسابيع، رفض الرئيس ميشال عون استشارة أعضاء البرلمان بشأن خليفة رئيس الوزراء المستقيل حسان دياب. لكنه استدعاهم فجأة للاجتماع في 31 أغسطس. تقول الإيكونوميست إن تغير موقفه يشبه بـ”الطفل الذي يندفع لإنهاء واجباته المدرسية قبل عودة الأب (ماكرون)”.

حصل رئيس الوزراء الجديد مصطفى أديب، سفير لبنان السابق في ألمانيا، على دعم 90 نائبًا من أصل 128، مما أثار الشك حول جزء من الفصل السياسي السابق الذي أراد ماكرون نهايته. أمهل ماكرون أديب شهرين لإجراء إصلاحات. وقال إن فرنسا “تطالب ولا تتدخل” بتحرير السياسة اللبنانية بدلاً من فرض بديل.

تزامن ذلك مع تدخلات تركية في لبنان. ففي السنوات الماضية، لجأ لبنان إلى الخليج من أجل الإنقاذ. كانت السعودية راعية للطائفة السنية لفترة طويلة. لكن بسبب الإحباط من السياسة اللبنانية، تراجعت في السنوات الأخيرة.

ترك ذلك المجال أمام الرئيس التركي أردوغان، الذي أقام علاقات مع السنة في المناطق المهملة. وكالة المساعدات التركية بنت مراكز ثقافية ومولت مشاريع أخرى. حصل آلاف اللبنانيين على منح للدراسة في تركيا. وحصل آلاف آخرون على الجنسية استنادًا لأصولهم التركية.

لم يقدم أردوغان دعمه لحزب سياسي بعينه. لكنه عرض علاقات صداقة قوية. أقام هاكان فيدان، رئيس المخابرات التركية، علاقة مع نظيره اللبناني عباس إبراهيم. كان سعد الحريري ضيفًا في حفل زفاف ابنة أردوغان في 2016.

وفي اليوم التالي لزيارة ماكرون، وصل نائب الرئيس التركي فؤاد أقطاي ووزير خارجيته إلى بيروت، ووعد بمساعدات إعادة الإعمار ومنح الجنسية التركية للبنانيين الذين يدعون أصولهم التركية.

أقطاي قال أثناء زيارته لبيروت: نرى حبًا متحمسًا لرجب طيب أردوغان وتركيا، ووصف الحب بأنه يقوم على الشعور بالأسرة الواحدة التي عاشت معًا لمدة 400 عام.


لماذا تتنافس فرنسا وتركيا على لبنان؟ ولمن ستكون الغلبة؟

التنافس له جذور عميقة في التاريخ. فرنسا انتزعت مستعمراتها السابقة في المنطقة من الإمبراطورية العثمانية. أ

ردوغان يروج للمظالم التاريخية بشأن الطريقة التي يُفترض أنها غير عادلة والتي اقتطعت بها فرنسا هذه البلدان – وبينها لبنان – من تركيا في أعقاب هزيمة العثمانيين في 1918، ويهدف إلى استعادة النفوذ التركي في مناطقه السابقة. لكنه يواجه مشكلة في نظرة اللبنانيين إلى فرنسا باعتبارها “الأم الرؤوم”.

هذه الأم الآن منشغلة بأمور كثير من أولادها السابقين، ويخشى المحللون من خروج أوراق اللعبة من يديها.

نفوذ تركيا آخذ في الارتفاع في لبنان خاصة بين الطبقة العاملة من المسلمين السنة في شمال البلاد، لكنه لم يصل حتى الآن إلى قوة نفوذ فرنسا التي أنشأت لبنان كدولة منفصلة قبل 100 عام.

النائب اللبناني آلان عون، ابن شقيق رئيس الجمهورية يقول: “بالنسبة للبنانيين، تبقى فرنسا الوطن الأم. زيارة ماكرون كسرت الحظر الدولي، العزلة التي كنا نشعر بها في لبنان. لقد جاء إلى هنا كمتحدث باسم المجتمع الدولي، وليس فقط كرئيس لفرنسا. وأحضر جزرة وعصا”.

تقول وول ستريت جورنال، إنه رغم أن انفجار مرفأ بيروت وفر لماكرون فرصة لإعادة تشكيل السياسة اللبنانية وترك بصمة على المنطقة، إلا أنه يواجه أيضًا مخاطر كبيرة.

يحاول ماكرون استعادة مستعمرات فرنسا السابقة كمناطق نفوذ، وهو ما هاجمه أردوغان واعتبره إعادة للحقبة الاستعمارية إلى لبنان من جديد. تزامنًا مع تحدي فرنسا محاولات تركيا لتعزيز نفوذها في شرق المتوسط.

من خلال اكتساب موطئ قدم في لبنان، يمكن لماكرون إضعاف تدخلات تركيا وإبراز نفوذه في سوريا المجاورة، وإبراز قوته في شرق المتوسط .

ومع ذلك، فإن مصالح ماكرون في الشرق الأوسط لا تقتصر على مستعمراتها السابقة فحسب، بل تتوسع أيضًا في العراق.

زار ماكرون بغداد بعد لبنان . وفي بغداد، قدم ماكرون دعمه الكامل للسيادة العراقية في مواجهة التدخل العسكري التركي غير الشرعي في شمال البلاد الذي قتل جنودًا عراقيين مؤخرًا.

فرانسوا هايزبورغ، المستشار الخاص في مؤسسة البحوث الاستراتيجية في باريس، الذي قدم المشورة لحملة ماكرون الرئاسية بشأن مسائل الدفاع والأمن القومي، حذر فرنسا من مواجهة خطر الإفراط في التوسع من خلال التزاماتها المتزايدة.

وقال هايسبورغ: نحاول التوفيق بين الكرة الليبية، وكرة شرق المتوسط​​، والكرة اللبنانية، وفي الوقت نفسه لدينا أيضًا هذا الاشتعال في النيجر. ببساطة هناك الكثير من الكرات في الهواء.

فرنسا تلاحق تركيا في شرق المتوسط.. لماذا الآن؟ وكيف تتأثر مصر – لبنان – ليبيا؟ | س/ج في دقائق



هل تدخلات تركيا – فرنسا قادرة على تصحيح مسار لبنان؟

نفوذ تركيا المتزايد يقلق الكثيرين في لبنان. خصوصًا أن الحكم العثماني الذي يحاول أردوغان استعادته لم يكن فصلاً ممتعًا في تاريخ لبنان، ولا تزال الصورة النمطية للتركي منبوذة شعبيا. من الحروب الطائفية إلى المجاعة  التي بدأت عام 1915 وقتلت نصف سكان المنطقة.

فرنسا دخلت على الخط ، وعقب زيارة ماكرون وقع حوالي 50 ألف على عريضة تطالب بعودة الانتداب الفرنسي مع زيارة ماكرون الأولى، والتي تسببت في إطلاق حملة مضادة للفخر بـ “السيادة اللبنانية” التي رمز المشاركون فيها بشخص الرئيس عون.

يشعر أرمن لبنان بالقلق. ينحدر الكثير منهم من اللاجئين الذين فروا من الإبادة الجماعية في العهد العثماني في تركيا قبل قرن، وتعد لبنان واحدة من دول المنطقة النادرة التي تعترف بها.

هذا الصراع بدأ بالفعل.

مقدم البرامج اللبناني من أصل أرمني نيشان ديرهاروتيونيان، محول للمحاكمة بعدما وصف أردوغان بـ “العثماني الخبيث”، بعدما أثارت كلماته احتجاجات على السوشال ميديا من لبنانيين من أصل تركي، وبعضهم خرج ليفتخر بمجزرة العثمانيين بحق الأرمن.

توسيع تركيا لنفوذها في لبنان يعني كذلك دورا موازيا من دول الإقليم التي تنظر لمشروع أردوغان للإسلام السياسي كتهديد وجودي.


هل هناك مصادر أخرى لزيادة المعرفة؟

القوى الاستعمارية القديمة تتنافس على النفوذ في لبنان (الإيكونوميست)

فرنسا ترسل قوات بحرية إلى شرق البحر المتوسط ​​وسط مواجهة بين تركيا واليونان (وول ستريت جورنال)

النفوذ الفرنسي الأقوى في لبنان سيواجه الطموحات التركية في الشرق الأوسط (جريك سيتي تايمز)


رابط مختصر
للمشاركة لـ فيسبوك

موضوعات متعلقة

التعليقات (0)

يجب عليك .. تسجيل الدخول أو التسجيل لتتمكن من التعليق.

تعليقات الفيسبوك