تأتي ليلة النصف من شعبان محمّلة بالكثير من الفضائل التي أوضحها لنا النبي صلى الله عليه وسلم، لذلك فهي من الليالي المنتظرة بين المسلمين، ومع ذلك قد يجهل البعض لماذا تميزت تلك الليلة بالذات عن غيرها؟ فماذا حدث فيها؟ ما هو فضلها؟ وما هو دعاء ليلة النصف من شعبان المحبب خلال تلك الليلة؟
قد تتساءل لماذا ليلة النصف من شعبان مميزة؟ فما الذي حدث بها بالضبط؟ بحسب كلام بعض العلماء فإن ليلة الخامس عشر من شعبان قد شهدت حدث مهم وهو أن القبلة قد تغيّرت لتصبح جهة الكعبة في مكة المكرمة بعد أن كانت القبلة تجاه بيت المقدس.
وقد كان ذلك تطييبًا لخاطر النبي صلى الله عليه وسلم، فقد كان متعلقًا بمكة ويحنّ إليها بعد أن خرج منها بسبب اضطهاد قومه وذهب إلى المدينة المنورة، حيث أنه حينما وصل للمدينة وكان على مشارف مكة قال: “والله إنك لخير أرض الله وأحب الأرض إلى الله، ولولا أني أخرجت منك ما خرجت”.
ولهذا فإنه بعد أن تم تغيير القبلة فإن ذلك أدخل السرور على قلب النبي صلى الله عليه وسلم؛ لأنه بالرغم من وجوده بعيدًا عن مكة المكرمة، إلا أنه كان يتوجه لها دائمًا عند الصلاة ليظل بذلك ارتباطه بها قائمًا.
الإمارات ضمن قائمة أفضل 10 دول بمؤشر القوة الناعمة العالمي 2023 .. فماذا الذي قامت به الإمارات؟
لم يرد عن النبي صلى الله عليه وسلم دعاء ليلة النصف من شعبان وأيضًا لم يتم تخصيص عبادة معينة تتم خلال هذا اليوم، ولكن يوجد دعاء يشتهر بين الناس وصيغته كالتالي:
“اللَّهُمَّ يَا ذَا الْمَنِّ وَلَا يُمَنُّ عَلَيْهِ، يَا ذَا الْجَلَالِ وَالإِكْرَامِ، يَا ذَا الطَّوْلِ وَالإِنْعَامِ. لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ ظَهْرَ اللَّاجِئينَ، وَجَارَ الْمُسْتَجِيرِينَ، وَأَمَانَ الْخَائِفِينَ. اللَّهُمَّ إِنْ كُنْتَ كَتَبْتَنِي عِنْدَكَ فِي أُمِّ الْكِتَابِ شَقِيًّا أَوْ مَحْرُومًا أَوْ مَطْرُودًا أَوْ مُقَتَّرًا عَلَيَّ فِي الرِّزْقِ، فَامْحُ اللَّهُمَّ بِفَضْلِكَ شَقَاوَتِي وَحِرْمَانِي وَطَرْدِي وَإِقْتَارَ رِزْقِي، وَأَثْبِتْنِي عِنْدَكَ فِي أُمِّ الْكِتَابِ سَعِيدًا مَرْزُوقًا مُوَفَّقًا لِلْخَيْرَاتِ، فَإِنَّكَ قُلْتَ وَقَوْلُكَ الْحَقُّ فِي كِتَابِكَ الْمُنَزَّلِ عَلَى لِسَانِ نَبِيِّكَ الْمُرْسَلِ: ﴿يَمْحُو اللهُ مَا يَشَاءُ وَيُثْبِتُ وَعِنْدَهُ أُمُّ الْكِتَابِ﴾، إِلَهِي بِالتَّجَلِّي الْأَعْظَمِ فِي لَيْلَةِ النِّصْفِ مِنْ شَهْرِ شَعْبَانَ الْمُكَرَّمِ، الَّتِي يُفْرَقُ فِيهَا كُلُّ أَمْرٍ حَكِيمٍ وَيُبْرَمُ، أَنْ تَكْشِفَ عَنَّا مِنَ الْبَلَاءِ مَا نَعْلَمُ وَمَا لَا نَعْلَمُ وَمَا أَنْتَ بِهِ أَعْلَمُ، إِنَّكَ أَنْتَ الْأَعَزُّ الْأَكْرَمُ. وَصَلَّى اللهُ عَلَى سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ النَّبِيِّ الأُمِّيِّ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ”.
ولا مانع في قول دعاء ليلة النصف من شعبان السابق؛ لأنه من الجائز أن يتضرع العبد لله بالدعاء وأن يذكره ويثني عليه، فكل ذلك من الأعمال المشروعة، حيث قال الله تعالى في سورة البقرة: “فَاذْكُرُونِي أَذْكُرْكُمْ وَاشْكُرُوا لِي وَلَا تَكْفُرُونِ”.
بعد أن تعرفنا على تفاصيل دعاء ليلة النصف من شعبان يأتي سؤال مهم وهو ما هو فضل ليلة النصف من شعبان بالضبط؟ وما الاحاديث التي أوضحت فضلها على المسلمين؟ ونوضّح ذلك في النقاط التالية:
– ورد حديث عن السيدة عائشة رضي الله عنها تقول فيه: “فَقَدْتُ النَّبِيَّ صلى الله عليه وآله وسلم ذَاتَ لَيْلَةٍ، فَخَرَجْتُ أَطْلُبُهُ فَإِذَا هُوَ بِالْبَقِيعِ رَافِعٌ رَأْسَهُ إِلَى السَّمَاءِ، فَقَالَ: «يَا عَائِشَةُ، أَكُنْتِ تَخَافِينَ أَنْ يَحِيفَ اللهُ عَلَيْكِ وَرَسُولُهُ!»، فقُلْتُ: وَمَا بِي ذَلِكَ، وَلَكِنِّي ظَنَنْتُ أَنَّكَ أَتَيْتَ بَعْضَ نِسَائِكَ، فَقَالَ: «إِنَّ اللهَ تَعَالَى يَنْزِلُ لَيْلَةَ النِّصْفِ مِنْ شَعْبَانَ إِلَى السَّمَاءِ الدُّنْيَا فَيَغْفِرُ لأَكْثَرَ مِنْ عَدَدِ شَعَرِ غَنَمِ كَلْبٍ “وهو اسم قبيلة”»” رواه الترمذي.
– جاء حديث آخر عن معاذ بن جبل رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: “يَطَّلِعُ الله إِلَى جَمِيعِ خَلْقِهِ لَيْلَةَ النِّصْفِ مِنْ شَعْبَانَ فَيَغْفِرُ لِجَمِيعِ خَلْقِهِ إِلَّا لِمُشْرِكٍ أَوْ مُشَاحِنٍ” رواه الطبراني وصححه ابن حبان.
وبهذا يتّضح لنا أن ليلة النصف من شعبان هي ليلة بها الكثير من المغفرة، لذلك من المستحب أن يكثر العبد فيها من الطاعات المختلفة وليس فقط دعاء ليلة النصف من شعبان وألا يقترب من المعاصي التي تمنع المغفرة والتي منها الشرك بالله والشحناء على المسلمين.
من بينها الخليج، ٤ مناطق محتملة لاندلاع الحرب العالمية الثالثة | قوائم في دقائق
كان النبي صلى الله عليه وسلم يصوم كثيرًا خلال شهر شعبان، وحينما تم سؤاله لماذا يفعل ذلك، قال: “إنه شهر يغفل الناس فيه بين رجب ورمضان وفيه ترفع الأعمال إلى الله فأحب أن يرفع عملي وأنا صائم”.
وبهذا يتّضح لنا أن رفع الأعمال تكون طوال شهر شعبان وليس فقط في ليلة النصف من شعبان، ومع ذلك فلا مانع من إحياء تلك الليلة من خلال دعاء ليلة النصف من شعبان والعبادة؛ لأن باب المغفرة يكون مفتوحًا للعباد.
وقد ورد عن الإمام الشافعي رضي الله عنه بخصوص ليلة النصف من شعبان أنه قال: “وبلغنا أنه كان يقال: إن الدعاء يستجاب في خمس ليالٍ: وذكر منها- ليلة النصف من شعبان”.
ليس هناك احتفالاً محددًا ثبت القيام به في ليلة النصف من شعبان، ومع ذلك لا مانع من جعل الاحتفال وإحياء الليلة من خلال الطاعات والأعمال الصالحة بما في ذلك صوم النهار وقيام الليل ودعاء ليلة النصف من شعبان حتى ينال العبد فضل الليلة ويحصل على ثواب.
وقد قال الإمام الحافظ بن رجب الحنبلي عن ليلة النصف من شعبان ما يلي: “وليلة النصف من شعبان كان التابعون من أهل الشام؛ كخالد بن معدان ومكحول ولقمان بن عامر وغيرهم، يعظمونها ويجتهدون فيها في العبادة، وعنهم أخذ الناس فضلها وتعظيمها”.
أوضحت دار الافتاء المصرية جواز صيام النصف الأول من شهر شعبان بأكمله لمن يريد ذلك، ولكن حينما يمر نصف الشهر بالفعل، فمن الأفضل أن يستريح الشخص ولا يصوم، وذلك لما ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: “إذا انتصف شعبان فلا صوم إلا إذا كان لأحدكم عادة أو قضاء”.
ومعنى ذلك أنه يمكن للشخص الصوم بعد النصف الأول من شعبان في حالة فقط اعتياده على عادة معينه مثل أن يصوم يومي الاثنين والخميس، أو في حالة أنه يقضي أيام قد فاتته من الصيام، وبذلك يكون لا حرج عليه.
تهنئة عيد الام لصديقتي | شعر عن عيد الام المتوفية | كلمات لعيد الأم قصيرة
– قم بالإكثار من الدعاء بأن تبلغ شهر رمضان، فقد كان النبي صلى الله عليه وسلم يقول: “اللهم بارك لنا في رجب وشعبان وبلغنا رمضان”.
– اعقد العزم على أن تترك ذنوبك، وتبدأ بداية حقيقية مع شهر رمضان، فبعد أن يتم رفع الأعمال خلال شهر شعبان، سوف تتمكن من بدء بداية جديدة مع رمضان وتتوب خلاله.
– اعدّ لنفسك خطة مسبقة للاستفادة من شهر رمضان، حيث يمكنك وضع برنامج يجعلك ملتزمًا بعدد من الطاعات والعبادات المختلفة بما في ذلك الصلاة وقراءة القرآن وصلة الرحم وغيرها.
– قم بعمل برنامج مخصص للدعاء والأذكار والتسابيح، وحاول أن تلتزم به في كل صلاة وقبل وبعد نومك وخلال أوقات الخروج المختلفة وأثناء السير حتى تكون مع الله في كل وقت.
موضوعات متعلقة
نسخة للطباعة
