هل تمتلك المملكة العربية السعودية حقول بركانية وهل هي خامدة أم بها نشاطًا بركانيًا؟ تلك الأسئلة انتشر تداولها تزامنًا مع تعدد الظواهر الطبيعية التي شهد العالم نتائجها مؤخرًا.
فقد تساء الكثيرين عن حقيقة امتلاك السعودية لفوهات وحقول بركانية ومدى تأثيرها في تكوين هزات أرضية بسببها، وعن أماكن وجودها، وهل بالفعل تمتلك المملكة في تاريخها زلازل حدثت بسبب نشاط بركاني وغير ذلك الكثير.
فإن البراكين نشأت مع تكوين الأرض وينتج بعد انفجارها تضاريس جغرافية جديدة، ولكنها في ذات الوقت تعد من أقدم مخاوف الإنسان وأكثر ما في الطبيعة رهبةً، وذلك لما ينتج عنها من دمار وهلاك.
تعد المملكة العربية السعودية من أكثر الدول العربية التي تمتلك حقول بركانية منذ آلاف السنين، البعض منها يحظى بشهرة عالمية ويجذب اهتمام الباحثين والعلماء من مختلف دول العالم، والبعض الآخر بمثابة لوحة جيولوجية خامدة منذ ملايين السنين.
كما كان لموقعها الجغرافي وتضاريسها عامل أساسي في امتلاكها عددٍ من تلك البراكين؛ حيث أكد الباحثين إن البحر الأحمر يضم صفائح نشطة تخلق ثورات بركانية لذا من الطبيعي أن تمتلك الدول المطلة عليه العديد من الحرات والفوهات البركانية.
تكونت أول حرات البركانية في المملكة السعودية منذ أكثر من ثلاثون مليون سنة بسبب تصدعات وانفتاح البحر الأحمر الذي نتج عنه تدفق الحمم البازلتية، ثم بدأت المرحلة الثانية في التكوين بفترة تتجاوز عشرة مليون سنة، إلى أن شهدت المدينة المنورة آخر تاريخ لثورة بركانية حدثت في عام 1256م من بعد تلك الفترة استقرت الأوضاع في السعودية على مدار سبعمائة وخمسون عامًا.
إن المملكة العربية السعودية قائمة على عددٍ من البراكين المنتشرة في عدة مدن متفرقة والتي يتوقع بعض الباحثين استعادة نشاطها بعد التعرض لهزات أرضية متتالية في الآونة الأخيرة.
بالإجابة عن سؤال هل تمتلك المملكة العربية السعودية حقول بركانية يتردد سؤال آخر حول المكان الأكثر نشاطًا بركانيًا، فيتمحور النشاط البركاني في الجهة الغربية من المملكة تحديدًا على امتداد ساحل البحر الأحمر ما بين مكة المكرمة والمدينة المنورة، علمًا بإن المدينة المنورة هي أكثر مدينة تضم عددٍ أكثر من الفوهات البركانية.
جديرًا بالذكر أنه ينتج عن الأنشطة البركانية تكوين براكين الدرعية ومخاريط السكوريا بنسبة 80%، والتي تنتشر في عدة اتجاهات من أرجاء المملكة، ويقصد بمخاريط السكوريا تلك الصخور الخشنة التي تنشأ من الطفوف والبخار والرماد البركاني وهي لها فوائد واستخدامات اقتصادية عديدة، بينما براكين الدرعية هي البراكين ذات مساحة كبيرة وغريبة تشبه شكل الدرع.
أسامواه جيان لاعب افريقي موهوب| تعرف على مسيرته الكروية وأهم الحقائق عنه
تمتلك المملكة عدد 2000 بركان موزعين على 12 حرة بركانية بمساحات وأحجام وأعمار مختلفة والتي أصبحت من أهم وجهات السياحة الجيولوجية، فهي تستقطب العديد من عشاق الإثارة والاستكشافات والباحثين من مختلف أنحاء العالم لتكن لهم بمثابة متحف جيولوجي مفتوح، ومن أهم وأشهر الحقول البركانية الموجودة بأراضيها ما يلي:
تعد حرة رهط إجابة مختصرة لسؤال هل تمتلك المملكة العربية السعودية حقول بركانية وذلك لأنها من أكبر الحرات الموجودة بها والتي تصل مساحتها عشرون ألف كيلو متر، وتحتوي على أكثر من سبعمائة فوهة بركانية ويصل ارتفاعها 1744م.
تلك المساحة الشاسعة تمتد من الشمال للجنوب بدايةً من المدينة المنورة وحتى وادي فاطمة بمكة المكرمة؛ ويعد الجزء الشمالي هو الأكثر نشاطًا حيث شهد على حوالي ثلاثة عشر نشاطًا بركانيًا يتبعه تدفق حمم، ويقع ذلك الجزء تحديدًا في جنوب المدينة المنورة.
يعود تاريخ أول نشاط بركاني لحرة رهط لعام 21 هجريًا، واستمرت الثورات بشكل غير متعاقب وكان يسبقها بعض التوابع أبرزها الهزات الأرضية قبل اندفاع الحمم وتدفق التيار البركاني الذي وصل لمسافة 300كم من المدينة، فهو يعد أشهر الثورات التي عاصرتها المملكة والذي تدفق بطول 0.5كيلومتر مكعب وعلى مسافة تتجاوز 23كم.
نتج عن عدد الثورات البركانية بعض الفوهات البركانية التي تبلغ مساحتها مائة كيلومتر غرب الحقل، إلى جانب القبب البركانية الصغيرة، والمخاريط.
يأتي في المرتبة الثانية من حيث المساحة بعد حقل رهط، حيث تصل مساحته 14,000كم بالإضافة إلى كونه من أكبر الحقول بالمملكة فهو من أجملها أيضًا؛ حيث تزين فوهته الصخور البركانية ذات لون أبيض لتجعله ينضم لقائمة المعالم الجيولوجية النادرة.
يصل ارتفاعه 2000م عن سطح البحر وهو يقع على بعد 160كم من شمال المدينة المنورة، تم تصنفيه من بين مائة موقع جيولوجي فريد في تناغمه مع الطبيعية، ذلك بخلاف دوره في قطاع السياحة بالمملكة؛ فقد تم تنفيذ استضافة مخصصة للزائرين والسُياح لعيش تجربة التخييم بجانب البراكين الخامدة وهي تسمى بوحدة مخيمات بركان خيبر.
يقع الحقل البركاني كشب بالمنطقة الشرقية على بعد مسافة 180كم من مدينة الطائف، وتقدر مساحته 5,89كم ويضم مجموعة من المخاريط البازلتية، والقباب البركانية التي تمتد لوسط المملكة.
تضم حرة كشب جبل بركاني خامد ضخم يقدر عرض فوهته 300م وارتفاعه 1475م ويسمى بجبل الهيل، وتضم أيضًا فوهة الوعبة البركانية وهي عبارة عن حفرة يصل عمقها 380م وقطرها 3كم تعد أعمق الفوهات في المملكة.
من الحقول البركانية التي شهدت على تاريخ جيولوجي يعود لملايين السنين، حيث يعود تاريخ نشاطها البركاني للعصر الميوسين، وكان يطلق عليها قديمًا حرة كنانة؛ نسبةً لقبيلة كنانة التي استوطنتها في عصور الجاهلية.
تمتد على مساحة 1800كم2 بطول ساحل البحر الأحمر غرب مدينة أبها، وتضم عدد من المخاريط المنتشرة في مختلف نطاق مساحته.
من خلال البحث حول هل تمتلك المملكة العربية السعودية حقول بركانية اتضح لنا بإن “حرة رهط” هي أكبر البراكين في السعودية وليست حرة الرحا؛ فكما ذكرنا سابقًا بإن حرة رهط تبلغ مساحتها 20,000كم2، بينما هرة الرحا تقدر مساحتها 3,600 كم2.
فهي من الحقول البركانية البازلتية التي توجد جنوب مدينة تبوك وتمتد مع البحر الأحمر.
قصة مدينتين.. تعرف على مؤلفها وأهم أحداثها وشخصيتها
أثارت الزلازل التي حدثت مؤخرًا في بعض الدول مخاوف الكثيرين وخاصةً الدول القائمة على حقول بركانية خامدة والتي تعد المملكة السعودية واحدة منها، فقد ترتب على سؤال هل تمتلك المملكة العربية السعودية حقول بركانية ضرورة توضيح العلاقة التي تربط بين الزلازل والبراكين.
فإن كلاهما من الظواهر الطبيعية التي يترتب عليها دمار وخسائر ولكن بدرجات متفاوتة؛ فالخسائر الناتجة عن البراكين كارثية وأكثر خطورة، والخسائر الناتجة عن الزلازل تختلف حسب درجة قوة الزلزال فقد تأتي بعض الهزات الأرضية في دولة ما لا يشعر بها سكانها وبعض الهزات الأخرى تدمر بيوت وينتج عنها ضحايا.
كذلك يوجد اختلاف في طبيعة ونشاط كل منهما، البراكين عبارة عن فتحات في باطن الأرض تتخللها مواد منصهرة، فإذا كان نشطًا خرج منه حمم بركانية على شكل جبل مخروطي يرتفع عن سطح الأرض وتتطاير منه الرماد البركاني، ويحدث ذلك نتيجة لانفجار مادة حرارتها مرتفعة في باطن الأرض.
أما الزلازل فهي تحدث نتيجة حركة في الصفائح الصخرية في سطح الأرض، ويحدث عادةً بسبب ضعف أو انزلاق في القشرة الأرضية.
بالرغم من ذلك الاختلاف ألا أن بينهم علاقة وثيقة فأحداهما قد يسببه الآخر، فقد تكون البراكين سببًا في حدوث زلزال، ويعتقد بعض العلماء بإن يتوقع حدوث بركان كإحدى توابع الزلزال.
موضوعات متعلقة
نسخة للطباعة
