في 27 يناير/ كانون الأول 1979، قبيل أيام من عودته إلى طهران، بعث الخميني برسالة سرية إلى واشنطن.
الرسالة، بحسب وثائق عرضت بي بي سي مضمونها في 2016، كانت تعرض صفقة على إدارة الرئيس الأمريكي جيمي كارتر:
العسكريون يستمعون إليك، لكن الشعب يتبع أوامري
الخميني طلب استخدام نفوذ كارتر على الجيش الإيراني لتمهيد الطريق أمام سيطرته، مقابل تهدئة الأمة، واستعادة الاستقرار، وحماية مصالح الولايات المتحدة ومواطنيها في إيران.
الخميني طالب البيت الأبيض بعدم الذعر حول احتمال فقدان الحليف الاستراتيجي لـ 37 سنة ، وأكد لهم أنه، هو الآخر، سيكون صديقًا.
سترون أننا لا نحمل أي عداء خاص للأمريكيين.. سنكون دولة إنسانية، ستعود بالفائدة على قضية السلام والاستقرار للبشرية جمعاء
تقول بي بي سي إن الرسالة توجت مباحثات مباشرة امتدت لأسبوعين بين ممثلين عن الخميني والإدارة الأمريكية في باريس، وأنها ساعدت على تمهيد الطريق لعودته إلى طهران بأمان.
في ذلك الوقت، كان المشهد الإيراني فوضويًا بما أوقف إمدادات النفط ، وعرض المصلحة الغربية الحيوية للخطر.
تؤكد بي بي سي أن كارتر ضغط على الشاه محمد رضا بهلوي للرحيل عن إيران “في إجازة”، مخلفًا رئيس وزراء لا يحظي بشعبية، وقوة غارقة في الفوضى من 400,000 جندي يعتمدون تمامًا على السلاح والخبراء الأمريكيين.
تضيف وثائق بي بي سي أن كارتر أرسل قائدًا عسكريًا أمريكيًا إلى طهران في مهمة غامضة، كان يعقد اجتماعات يومية مع قيادة الجيش الإيراني.
الوثائق تظهر أن الولايات المتحدة أعلمت ممثل الخميني أنها منفتحة – من حيث المبدأ – على فكرة تغيير الدستور الإيراني، وإلغاء الملكية فعليًا، وأخبروه أن القادة العسكريين الإيرانيين مرنون بشأن مستقبلهم السياسي.
ممثل الخميني طمأن واشنطن أيضًا بشأن المستقبل اليهودي في إيران الجديدة.
تعهدات الخميني شملت أيضًا:
استمرار تدفق النفط باستثناء دولتي جنوب افريقيا وإسرائيل.
دور كبير للاستثمارات الأمريكية في إيران.
عدم التدخل في شؤون الآخرين والحفاظ على استقرار المنطقة.
لن تعمل إيراني كشرطي أمريكي للخليج، لكنها لن تدخل في تجارة تصدير الثورة.
تجنب أي علاقات مع الاتحاد السوفييتي.
الحكومة الروسية ملحدة ومعادية للدين. أنتم مسيحيون وتؤمنون بالله وهم لا يفعلون. نشعر بأننا أقرب إليكم منهم
تغفل الرواية الإيرانية الرسمية للثورة هذه التفاصيل؛ فالخميني تحدى الولايات المتحدة بشجاعة، وهزم “الشيطان الأكبر” في جهوده اليائسة لإبقاء الشاه في السلطة.
نتيجة هذه الرواية ظهرت في 4 نوفمبر/ تشرين الثاني 1979، حين اقتحم طلبة ايرانيون مقر السفارة الأمريكية في طهران، وسيطروا على 52 رهينة، مطالبين واشنطن بتسليم الشاه، الذي انتقل إلى الولايات المتحدة للعلاج.
الأزمة التي انتهى فصلها المباشر بالتوقيع على اتفاقية الجزائر في 19 يناير/ كانون الثاني 1981، وأرخت لبداية العقوبات الأمريكية على إيران الجديدة، حظت بدعم الخميني شخصيًا، والذي وصفها بـ “خطوة ثورية للطلبة وثورة أعظم من الثورة الأولى”.