في العديد من الثقافات القديمة، تدور قصة حول فيضان عظيم هدد وجود الجنس البشري، ولم ينج منه إلا قلة مع بطل واحد صالح.
في الكتب الإبراهيمية، كان هذا الصالح هو النبي نوح، الذي بنى السفينة وأخذ من كل نوع زوجين لإعادة إعمار الأرض بعد دمارها.
لكن في الألواح المسمارية السومرية والبابلية القديمة، كان البطل مختلفًا: في السومرية زيوسودرا (حوالي 2300 قبل الميلاد)،
وفي نسخة لاحقة من كتاب بابل القديمة حوالي عام 1646 قبل الميلاد، يُدعى البطل أتراحاسيس،
وفي منتصف الإمبراطورية البابلية القديمة، صيغت قصة الطوفان في ملحمة جلجامش، وكان بطلها أوتنابشتيم.
كل هذه النصوص تسبق النصوص المقدسة العبرية، والديانات التالية بالتأكيد.
سردت التوراة قصة النبي موسى، بأنه جاء في زمن فرعون قاس أمر بقتل جميع الذكور العبرايين وقت الولادة لمنع تضاعف عدد الإسرائيليين بما يشجعهم على إعلان تمرد في مصر.
في القصة التوراتية، صنعت والدة موسى سلة من الخيزران غلفتها بالقار لتقاوم الماء، ووضعه فيها حتى وصل إلى ابنة فرعون، فأخذته وربته.
سرجون، مؤسس الأسرة الآكدية (القرن الثاني والعشرين قبل الميلاد) كان له قصة مماثلة، عبر رحلة في سلة مماثلة عبر النهر رضيعًا،
حيث كانت والدته كاهنة ولدته سرًا، وصنعت سلة من الخوص محكمة الغلق بالقار ووضعته في نهر الفرات،
ثم أنقذه ورباه فلاح متواضع، حتى اهتمت به الإلهة القوية عشتار (إينانا السومريون سابقًا).
وعندما أصبح سرجون شابًا، أصبح ساقي ملك كيش، الذي أطاح به فيما بعد، قبل الشروع في بناء أول إمبراطورية في العالم.
تشهد على تلك القصة العديد من الألواح المسمارية، بما في ذلك بعض القطع المكتشفة في تل العمارنة وآشور ونينوى والحثية.
يقول علماء الكتاب المقدس إن القصة أصلية، تناقلها العبرانيون شفاهة قبل قصة ولادة سرجون. لكن الباحثين يقولون إنها أضيفت إلى التوراة عندما أجرى الكهنة العبرانيون مراجعة وتحرير وإضافة نصوص أثناء الأسر البابلي، وأن قصة موسى نقلت من قصص أبطال بلاد ما بين النهرين القديمة.
سفر أيوب في التوراة مكتوب بأسلوب فريد، يختلف عن أسفار الكتاب المقدس الأخرى في السياق والعادات والأسماء والأحداث الموصوفة، لذلك تكهن العلماء بأنه يتوافق مع اللغة العربية أكثر من القصص الإسرائيلية.
في القصة التوراتية، يقبل الله تحدي الشيطان (الذي كان وقتها ملاكًا) بأن تقوى أيوب ستتراجع إذا تغير حاله. وللاختبار، يجري تدمير ممتلكات أيوب وعائلته، وأخيرًا ينزع منه الصحة.
يرفض أيوب أن يخرج على الله، رغم أنه لا يفهم سبب معاناته، ولكنه يقول إنه لا يملك الحق في استجواب الله،
وتنتهي القصة بشرح الله لأيوب في عبارات جميلة اتساع الكون وتعقيده، وتنتهي حياة أيوب أكثر ثراءً وسعادة مما كانت عليه قبل أن تبدأ معاناته.
تتشابه القصة مع قصة المتألم الصالح في بلاد ما بين النهرين، والتي كان بطلها رجلًا تقيًا يتبع التعاليم الدينية بدقة، فتنزع منه ثروته وصحته، فيسأل إلهه عندما يفقد كل شيء، لكنه يموت في بؤسه في نهاية القصة.
والأوصاف الشعرية في أيوب مشابهة للعديد من النصوص القديمة قبل الكتاب المقدس، بما في ذلك قصة الخلق البابلية.
منذ فك رموز النصوص الهيروغليفية القديمة، وجد العلماء أن الكتبة العبرانيين استعاروا العديد من المعاني والصياغات من النصوص المصرية القديمة.
تُنسب كتب سفر الجامعة والأمثال إلى الملك الإسرائيلي سليمان الذي يبحث في معنى الحياة من خلال التأمل في الإنسان ودوافعه وأفعاله.
وفي الفصل الأخير من سفر الجامعة، ينصح سليمان الشبيبة بالاستمتاع بحياتهم وهم صغار، ويصف كيف تتضاءل قدرات الإنسان تدريجيًا مع تقدم العمر حتى لا يتبقى شيء في النهاية.
ويصف جزء من النص المصري لبردية بريسي نفس التدهور بأسلوب مشابه، حيث تبدأ البردية بالصفحات الأخيرة من تعليمات كاجمني، ثم يتبعها النص الكامل للتعاليم الأصلية أو سبيت وزير الفرعون جدكاري المسمى بتاح حتب، والذي يعود تاريخه إلى الأسرة الرابعة.
وبردية بريسي هي نسخة كُتبت حوالي 2300 قبل الميلاد خلال الأسرة الثانية عشرة أو الثالثة عشرة. بما دفع العلماء إلى التكهن بأن جميع التعاليم قد تنبع من مصدر واحد أقدم، ورجحوا أن تكون لأساتذة الحكمة المصريين وخاصة إمحوتب الوزير والمهندس والطبيب وعالم الفلك ومعلم الملك المصري زوسر (الأسرة الثالثة 2686 - 2636 قبل الميلاد).
التشابه حاضر في الأسلوب والتعبير والنبرة بين المزمور 104 وترنيمة آتون (القرن الرابع عشر قبل الميلاد) للملك المصري إخناتون.
توجد أنماط لغوية أخرى مماثلة من المديح والتبجيل المنسوبة إلى إخناتون في عبادة آتون كإله وحيد، مصاغة على لوحات حدود تل العمارنة. كما يمكن تمييز أوجه التشابه مع المزامير الكتابية وغيرها من الروايات الكتابية الوصفية.
نشيد الأنشاد في التوراة له أوجه تشابه مع ترانيم المعبد السومري والترانيم الآكادية وأغاني الحب.
هذا النشيد قريب من قداس الزواج الذي يتم الاحتفال به سنويًا لعبادة تموز - عشتار في العصر السومري والأكادي.
كانت الشاعرة الأولى التي نعرف اسمها الكاهنة الأكدية الكبرى، هي إنخيدوانا ابنة سرجون، وقد نجت العديد من قصائدها وترانيمها.
يتشابه سفر القضاة، وما أتى فيه من حديث بين الأشجار لتعيين شجرة واحدة ملكة عليهم، بقصص ما بين النهرين الخيالية، مثل الحديث الفلسفي بين طائر وسمكة.
رغم أن قصص الكتاب المقدس هنا تسبق مثيلتها في بلاد ما بين النهرين، إلا أنها كانت تتناقل شفهيًا، وعندما جاء موعد تسجيل التوراة في نصوص مكتوبة، سجلت في لفائف منفصلة على مدى قرون عديدة من قبل مؤلفين مختلفين بأجندات وأنماط مختلفة لتوضيح رسائلهم في مجتمعاتهم المعاصرة.
بعض القصص التوراتي لا يتناسب مع الظروف التي عاش فيها أسلاف كاتبيها، الذين تنسب القصص إليهم
7 قصص ونصوص من الكتاب المقدس ذات جذور في الأدب القديم (thecollector)