كانت الرسائل هي الطريقة الوحيدة التي يتواصل بها أسامة بن لادن مع شركائه في القاعدة لما يقرب من عقد من الزمان؛ لأنه كان يحاول التهرب من إلقاء القبض عليه.
كان لديه تلفزيون في مجمعه، لكن لم يكن لديه إمكانية الوصول إلى الإنترنت أو الهاتف، لذلك كان كل شيء مكتوبًا يدويًا أو على أجهزة الكمبيوتر، وتم تشفيره على فلاشات، ثم تحفظ احتياطيًا على محركات الأقراص الثابتة.
رسائل بن لادن أظهرته كشخص مختلف جدًا عن الشخصية القوية التي كنا نقرأ عنها يوميًا منذ أكثر من عقد، إذ أوضحت التباين بين طموحاته وبين قدراته.
كان هذا التباين واضحًا بعد هجمات 11 سبتمبر مباشرة، إذ تظهر أن القاعدة لم تتوقع إعلان الولايات المتحدة الحرب عليها؛ إذ كان يظن أن الشعب الأمريكي سيخرج بعدها إلى الشوارع ليكرر الاحتجاجات المناهضة لحرب فيتنام وسيضغط على حكومته للانسحاب من الدول ذات الأغلبية المسلمة.
بعد إعلان الولايات المتحدة الحرب، قتل كبار قادة القاعدة، وأجبر من تبقى منهم على الاختباء، لتتحول القاعدة إلى منظمة بلا قيادة، حيث لم يتواصل بن لادن معهم لمدة ثلاث سنوات لأنه كان هاربًا.
لكن التواصل عاد في 2004، إذ عرض بن لادن على الأعضاء الباقين على قيد الحياة خطته الجديدة لمهاجمة أمريكا، وكان حريصًا على تكرار هجمات بقوة أحداث 11 سبتمبر.
كتب بن لادن لرئيس وحدة الإرهاب الدولي في القاعدة أنه بدلاً من خطف طائرة، يجب على العملاء استئجار واحدة لهجومهم التالي على الولايات المتحدة، ويضيف أنه إذا كان هذا صعبًا للغاية، فيجب عليهم استهداف السكك الحديدية الأمريكية. أراد بن لادن إزالة 12 مترًا من السكة الحديدية حتى ينحرف القطار عن مساره بهذه الطريقة.
لكن الرد كان صاعقًا. القاعدة، في رسالة من توفيق، وهو قيادي شاب كان يدير عمليات للقاعدة في أفغانستان وباكستان، أخبر بن لادن كيف أصبحت المنظمة الإرهابية عاجزة.
يقول توفيق إن الضعف والفشل وانعدام الهدف الذي حل بالتنظيم كان مروعًا. مضيفًا: "سأخبرك بالحقيقة كما هي. وأنا أعلم أن بعض الإخوة هنا لا يخبرونك بكل شيء بالتفصيل لأنهم لا يريدون إزعاجك، خاصة بسبب المواقف الدقيقة التي تجد نفسك فيها".
بحلول 2005، كان أسامة بن لادن يعيش خلف جدران بارتفاع 18 قدمًا في مجمع أبوت آباد الذي كان يتقاسمه مع بعض زوجاته وأطفاله وأحفاده.
في أحد المقاطع، يظهر خالد، ابن بن لادن البالغ من العمر 22 عامًا، حدائق المجمع والحيوانات التي يعتني بها، كما سجل خالد أيضًا تصريحات عامة لوالده كان من المفترض رؤيتها في جميع أنحاء العالم.
لكن نيللي لحود تقول إن اثنتين من بنات بن لادن، مريم وسمية، لعبتا الدور الأكبر في صياغة رسائل والدهما والمهمات الجهادية.
كشفت إحدى الرسائل من سهام زوجة بن لادن لأحد أقاربها، مدى الضعف الذي وصلوا إليه، حيث تشتكي من وفاة ابنة لها أثناء الولادة، وتضيف: "نساؤنا وأطفالنا يعانون، والرجال جبناء وأذلاء"،
كشفت الوثائق أنه في عام 2006، كان لدى القاعدة 200 ألف دولار فقط في خزائنها.
في 2010 أرسل بن لادن رسالة لشاب آخر اسمه يونس، وهي عبارة عن تكليف لاستهداف العديد من ناقلات النفط الخام وطرق الشحن الرئيسية في جميع أنحاء الشرق الأوسط وأفريقيا.
قال بن لادن في الرسالة إن النفط بالنسبة للاقتصاد الصناعي هو الدم بالنسبة للإنسان، وأن استنزافه سوف يضعفه، ويضعف الاقتصاد الأمريكي.
وفي الرسالة أوضح لهم بن لادن كيف يشترون المتفجرات، وكيف يضعونها على ناقلات النفط، لكن الخطة تعطلت بسبب انطلاق الربيع العربي، الذي جعل بن لادن يتساءل: "إن كان الشعب قادرًا على اسقاط الطغاة، فما قيمة الجهاد في الوقت الحالي؟.
الكشف عن أسرار القاعدة: داخل الوثائق التي تم الحصول عليها من مجمع أسامة بن لادن (cbsnews)