في 2016، انطلقت مزاعم التواطؤ الروسي مع المرشح الجمهوري حينها دونالد ترامب، قبيل الانتخابات الرئاسية بقليل. مفادها كان أن فريق ترامب متواطئ مع روسيا، التي تحاول ضمان فوزه؛ لأنها تملك القدرة على مساومته بمقاطع فيديو جنسية تخصه.
مكتب التحقيقات الفيدرالي فتح تحقيقًا مطولًا حول المسألة، قبل تكليف المحقق الخاص روبرت مولر بتولي الملف. وكان التدخل الروسي النقطة الأبرز في الهجوم على ترامب خلال الحملة الانتخابية والمناظرات ضد هيلاري كلينتون، واستمرت الاتهامات حتى بعد الفوز، وطوال فترة رئاسة ترامب.
قيل وقتها إن المصدر الرئيسي للمعلومات والذي وصفه المكتب بـ "موثوق للغاية" كان ضابط الاستخبارات البريطاني السابق، كريستوفر ستيل، الذي يُعتقد أنه عضو سابق في وكالة الاستخبارات البريطانية (إم آي 6)، ويدير شركة "أوربيس"، لتقديم خدمات الاستخبارات.
تكشف لاحقًا أن المصدر الرئيسي للملف، والذي وصف حينها باعتباره "deep cover sources" داخل روسيا لم يكن إلا إيغور دانتشينكو، وهو مواطن روسي يعمل في معهد بروكينجز في واشنطن.
في 2017، كجزء من تحقيقه في الملف، أجرى مكتب التحقيقات الفيدرالي مقابلة مع دانشينكو، لكنه كذب مرارًا وتكرارًا، وحرم المكتب من معلومات مهمة.
مدير مكتب التحقيقات الفيدرالي السابق جيمس كومي ومحققوه عرفوا هذه الحقيقة مبكرًا، بعدما جمعوا معلومات عن ارتباط دانشينكو بحملة هيلاري كلينتون من زاويتين: كان على قائمة رواتبها، وحصل على المعلومات التي قدمها إلى ستيل من مساعد كلينتون تشارلز دولان.
لكن مسؤولي المكتب لم يتحركوا بناء على تلك المعلومات، ولم يظهروها علنًا، لا للجمهور، ولا حتى للكونجرس.
وبعد وصول الملف إلى المحقق الخاص روبرت مولر، ظلت تلك الحقيقة مخفية رغم علمه بها. تشير وول ستريت جورنال هنا إلى أن مدير فريق مولر، أندرو وايزمان، ينتمي إلى حزب الديمقراط.
أيه بي سي نيوز استضافت كريستوفر ستيل نفسه مدافعًا عن المزاعم التي قدمها في ملفه.
قال إن أغلب الادعاءات التي وردت في الملف كانت دقيقة، وأنه جمعها باحترافية.
ورغم اعتراف المصدر الأساسي أن مزاعم سلوك ترامب الجنسي كانت "مزحة مبنية على تكهنات"، قال ستيل إنه واثق في معلومة أن موسكو تملك مقطع فيديو لترامب مع عاهرات في فندق روسى. وإنها تحتفظ على الأرجح بمعلومات مهددة لترامب.
مؤخرًا، صدرت لائحة الاتهام الأخيرة للمفتش العام لوزارة العدل جون دورهام، وكانت خطوة مهمة في كشف ما حدث بالفعل في القصة الطويلة لمزاعم التواطؤ الروسي أثناء حملة ترامب 2016.
في اللائحة، وجه دورهام الاتهام إلى إيغور دانتشينكو لتعمده الكذب على مكتب التحقيقات الفيدرالي.
لكن لائحة الاتهام- التي نشرت عنها وول ستريت جورنال- أضافت حقائق تتضمن أن مزاعم التواطؤ الروسي كانت "من البداية إلى النهاية" خدعة خلقتها بالكامل حملة هيلاري كلينتون، وسربتها إلى مكتب التحقيقات الفيدرالي باعتبارها "معلومات يقدمها رجل صالح يخاف على مستقبل أمريكا"، قبل أن تتناقلها الميديا دون ممارسة أي جهد لتقصي الحقائق بشأنها.
تفاصيل لائحة دورهام غابت تقريبًا عن ميديا المينستريم الأمريكية.
واشنطن بوست، بشعارها الشهير "الديمقراطية تموت في الظلام"، قالت إن لائحة اتهام دورهام "ألقت شكوكًا جديدة بشأن بعض التغطيات الإخبارية حول الملف"، بما في ذلك تقاريرها الخاصة.
مواقع أخرى قالت إن اللائحة كشفت "بعض العيوب" لكن الملف نفسه "أثبت بصيرته" لأنه كشف عمليات تأثير الكرملين التي تستهدف الانتخابات الأمريكية، بينما تجاهلتها غالبية مؤسسات الميديا.
دورهام يكشف القضية الروسية (وول ستريت جورنال)
في التدخل الروسي.. يتهم دورهام الصحافة أيضًا (وول ستريت جورنال)
تحقيق دورهام يسقط قنبلة (وول ستريت جورنال)