في 1996، وضع الكونجرس قاعدة قانونية تعرف بـ “البند 230” بهدف تشجيع التطوير “غير المقيد وغير المنظم” لحرية التعبير على الإنترنت. ينص على أن البيج تيك محمية من المسؤولية القانونية عن المحتوى الذي ينشره المستخدمون باعتبار السوشال ميديا “مجرد منصات استضافة”.
على هذا الأساس، دفعت جوجل ببرائتها من اتهامات بالتحريض على عنف داعش في 2017، وجادل فيسبوك بعدم مسؤوليته عن تحريض حماس على قتل الجنود الأمريكيين! لماذا؟ بموجب البند 230.
مرت الأيام، وبدأ تعقب حرية التعبير على الإنترنت. تعقب طالني وطالك وطال دونالد ترامب. لاحقه تويتر أولًا بشارات “تدقيق الحقائق”، ثم توالى حذف الحسابات، حتى حسابات رئيس الولايات المتحدة الشخصية؛ لأن “البيج تيك لن تسمح باستخدام منصاتها في التحريض على العنف”. يا حول الله!! ماذا عن البند 230؟
انتقل الهاربون من حصار “البيج تيك” إلى تطبيقات بديلة. بينها بارلر مثلًا. المنصة تعهدت بتطبيق البند 230: لا رقابة على حرية التعبير. نحن مجرد منصة نشر.
هنا هاج جوجل وماج آبل وانتفضت أمازون. حذفوا التطبيق، ثم حجبوا خدمات الاستضافة، لتخرج المنصة من دائرة الأون لاين!
هكذا تحولت منصات السوشال ميديا عن البند 230. حولت نفسها بالورقة والقلم إلى ناشر لا منصة استضافة. ولهذا ثمنه. ربما تكون لفت الحبل حول رقبتها بيدها.
جمعنا لكم أهم نقاط الملف في دقائق عبر:
نظرة أعمق
الحكاية بدأت بمناداة طيبة من أناس ودعاء طيبين يحملون لك الخير: أن تعالَ هنا، لتقل ما شئت. منبرنا يسمح لك بما لا تسمح به سلطات بلادكم.. لا تخف!
هؤلاء الذين منحوك الحرية، بدأوا يسيطرون عليك شيئًا فشيئا، حتى أصبحت الحرية مرادفة لما لا يسلبونه منك من خصوصية.
ثم أقنعوك أن الأفضل أن تسيطر شركة واحدة كبيرة متمكنة على باقي التطبيقات التي تستخدمها، حتى تسهل عليك الأمر، وتقلل عدد نقرات أصابعك على الشاشة.
هذا الاندماج كان مقدمة للاحتكار، وفي الاحتكار كل شيء مباح، حتى ولو كنت أنت السلعة، فأنت قبلت أن تسلم لسانك وقلمك لهذه الوسائل، وهي فتحت لك النشر أمام العالم مجانًا، ولابد من مقابل.
المقابل هنا سيكون خصوصيتك وأسرارك، وحتى ما تفكر به بينك وبين نفسك. وعليك القبول بالأوامر وإما عليك الخروج من الجنة التكنولوجية.
الغريب أن المتواجدين في الجنة التكنولوجية ليسوا سواء، فقد تكتب مثلا كلامًا عاديًا، وتعتبره المنصة يستحق الحذف، في حين أن آخر قد يسبك أو يهددك ولا تعتبره من منتهكي معاييرها.
هذا التحيز الواضح وانتهاك الخصوصية، كان له مبررات عدة، منها على سبيل المثال لا الحصر، تتبع حالات المصابين بكورونا، لكته أثار أزمات سياسية بين عدة حكومات وأحزاب وشركات، بسبب الاختلاف حول ماهية حرية النعبير؟ وهل هي حق للجميع أم للمختارين فقط؟
هذا بدوره أخرجنا من عصر سيطرة الحكومات، لعصر سيطرة الشركات.
هنا وصلنا لمرحلة توحش الشركات، فعمالقة التكنولوجيا الذي ادعوا أنهم يحمون الحريات مسبقًا، صاروا لا يسمحون برأي يهدد مصالحهم السياسية، دون غطاء من القانون.
عندما أدرك الناس خدعة منصات السوشال ميديا العملاقة، اتفقت جميعًا وبشكل علني على تدمير المنافسين، وأصبحت هي صاخبة القرارت والقوانين التكنولوجيا منفردة، دون أي رادع،
الأمل لم يُفقد، فرب ضارة نافعة، فتبجح شركات التكنولوجيا بعد الانتخابات الأمريكية 2020، لفت أنظار المشرعين الأمريكين والقادة الأوروبيين إليها، مطالبين بأن يعاد النظر في القوانين المنظمة لعملها، وسحب حصانة القسم 230، الذي استخدمته كستار للاحتكار والهيمنة، ولفت أنظار المستخدمين إلى منصات بديلة، قد تزيد نصيبها من الكعكة مستقبلًا.