مبدئيًا، هذا الخيار متاح بالفعل. وفرت التكنولوجيا خيارات لكل شخص للتخطيط لما يخصه بين محبيه بعد الموت
تسمح التطبيقات بالتخطيط الكامل للجنازة، وترتيبات توزيع الميراث، وإدارة حساباتهم عبر السوشال ميديا، ومصير كل ما يخصهم عبر الإنترنت، وترك الوصايا لمحبيهم، وحتى إنشاء نصب تذكارية إن أرادوا.
كذلك تتيح لأقارب الموتى الذين عانوا من صدمة الوفاة تلقي العلاج النفسي، عبر تنيظم ما يمكن تسميته بـ "مقاهي الموت" ليتجمع الغرباء لتذكر موتاهم بطريقة مدارة، على أمل مساعدتهم على التكيف مع الواقع الجديد.
مع تقدم مسيرة العلم، ستتغير طبيعة مسببات الموت.
حاليًا، تقدر منظمة الصحة العالمية أن أهم أسباب الموت في العالم هي أمراض القلب، ثم الأمراض التنفسية، يليها أمراض المواليد، بينما يأتي السرطان في المركز السابع، يليها ألزهايمر.
في المستقبل القريب، ستكون الوفاة أقرب للأمراض المتعلقة بالعمر، حيث يتوقع أن يمر ألزهايمر إلى المراكز الأولى.
لكن هذا سيتغير لاحقًا، بمجرد إيجاد حل لمشكلة موت الخلايا، والذي - إن حدث - سيحول المشكلات الصحية المرتبطة بالعمر إلى ذكريات من الماضي.
الآن، يرجح العلماء أن الشخص العادي قادر على الوصول لسن الأربعين على الأقل دون مشكلات صحية مرتبطة بتقدم العمر.
قريبًا، سيصل الباحثون بتلك الحالة حتى سن السبعين، ليرتفع سنة 2100 إلى 130 عامًا دون مشكلات مرتبطة بالعمر، وفق أبحاث جامعة واشنطن.
ويقدر العلماء الحدود القصوى المطلقة لحياة جسم الإنسان بـ 150 سنة، اعتمادًا على مؤشر حالة الكائنات الحية الديناميكية، وهو مؤشر يعتمد على البيانات الحالية حول كيفية تحلل خلايا الجسم وأعضائه مع تقدم العمر.
بعض الباحثين يتوقعون أن الخطوة اللاحقة ستكون 200 سنة. من يدري كم سنصل في المرحلة التي تليها!
تقدر سوزان كيلي، مؤلفة كتاب "تخضير الموت"، أنه بحلول عام 2030، سينتهي حوالي 70٪ من الوفيات بحرق جثث الجثث، ليس بالضرورة بالنار، بل باستخدام أشكال مثل التحلل المائي القلوي، أو حرق الجثث في الماء.
هذا لن يوافق كل المعتقدات الدينية بالتأكيد. لذلك، تعمل مشروعات عديدة على السماح بالدفن التقليدي، مع ابتكارات تسمح للجثث بالتحلل بشكل طبيعي إلى أسمدة. هذا يشمل تغييرات في طبيعة بناء المدافن، وابتكار أكفان محملة بالفطريات.
غالبًا، شاهدت أحدهم يصل المستشفى مصابًا بجروح قاتلة، ليصارع الأطباء الوقت أملًا في إنقاذ حياته. وأصغر خطأ غير مقصود حينها سيكون قاتلًا.
الفكرة العلمية هنا: أن الأطباء مستقبلًا سيستقبلون الحالة، فيقتلونها مؤقتًا! سعيًا لإنقاذ حياة المصاب بأقل قدر ممكن من المخاطرة!
بحسب الباحثين، سيبدأ الأطباء بتخفيض درجة حرارة الجسم إلى 10 درجات مئوية تقريبًا، هذا يعني تأجيل احتمال حدوث تلف في الدماغ إلى ساعة كاملة بدلًا من 5 دقائق في درجة حرارة الجسم الطبيعية.
بعد ذلك، سيجري سحب الدم، ثم استبداله بمياه مالحة متجمدة. سيتحول المصاب حينها إلى ما يشبه الرسوم المتحركة، بما يمنح الأطباء الكافي لاكتشاف الجروح القاتلة وعلاجه بأفضل شكل ممكن، ليبدأ تدفئة الجسد مجددًا، فيعاود القلب النبض، ويستعيد المصاب وعيه ببطء.
الفكرة اختبرت على حيوانات التجارب. ولا تزال في مرحلة التطوير، وفقًا لباحثي جامعة ميريلاند. لكنها تثير مخاوف أخلاقية.
هل تموت الآلات؟! بالتأكيد لا.
مدير الهندسة في جوجل، راي كورزويل، يرى أن القاعدة نفسها منطبقة على الحسد البشري، وأن الأمر لا يحتاج إلا للوصول إلى المخطط الدقيق لإظهار كيف يعمل الجسد، ليتولى الباحثون بعدها مهمة هندسته بطريقة تمنع توقفه عن الدوران.
بالوصول إلى تلك المحلة، يعتقد كورزويل أن الإنسانية ستصل إلى النقطة التي سنكون قادرين فيها على السماح لوجودنا المادي بالبقاء على قيد الحياة لأجل غير مسمى.
حتى الوصول إلى مرحلة "هندسة الجسد البشري"، يعمل كورزويل نفسه في اتجاه مختلف: إنشاء نسخة رمزية طبق الأصل من والده المتوفى.
الفكرة تقوم على برمجة الصورة الرمزية بمعلومات من الحروف والصور والمستندات لإنشاء برنامج لا يعرف فقط كل ما يعرفه الشخص نفسه حين كان حيًا، بل محاكاة كل شيء عنه، بدرجة يعتقد كورزويل أنها "ستكون أكثر شبهًا بوالده من والده نفسه لو ظل حيًا.
شرح أساس معتقداته في الدمج الحتمي بين التكنولوجيا وعلم الأحياء بهذه الطريقة في 2013، حين قال إنه يسعى لخلق نسخة غير بيولوجية من البشر، بحيث لو اختفت النسخة البيولوجية، فلن يحدث أي فرق.
بداية من 2016، ظهرت شركات ناشئة تسمح للمستخدمين بتخزين بيانات عندهم تسمح باستدعائها لاحقًا عبر روبوتس متحدثة، ستكون قادرة على تقليد صاحب البيانات الأصلي، والتحدث إلى أحبائه بطريقة تشعرهم وكأنهم يتحدثون إلى المتوفى نفسه.
بعد ثلاث سنوات فقط، طورت شركة تابعة لإيلون ماسك خوارزمية مصممة للقيام بنفس العمل: التعلم من المواد المصدر لإعادة إنشاء اتصالات قابلة للتصديق، تم إصدار نموذج منه.
التطوير مستمر. حتى أمازون تعمل على أليكسا لإصدار نسخة تحاكي أصوات الموتى بالضبط.
نتحدث هنا عما يشبه الخيال العلمي: حفظ الخلايا الحية بالتبريد. تقوم التقنية على تجميد الجسم أو أجزاء منه حتى يتقدم الطب إلى النقطة التي يمكن فيها علاج الأزمة التي أصابته، ليجري بعدها إذابة الجليد، وعلاج الأزمة، ليسمح للشخص بالحياة بسعادة بعد ذلك.
الفكرة في بداياتها، لكن التقديرات تشير إلى أن التكنولوجيا الطبية تحتاج إلى 50/100 عام للوصول بها إلى المرحلة المثالية.
الأسئلة الأخلاقية قائمة. ومعها أسئلة منطقية من نوعية: كيف سيتكيف العقل البشري مع الاستيقاظ المفاجئ في عالم مستقبلي بعد أكثر من 100 عام من غيابه؟
يشير مصطلح ما بعد الإنسانية إلى الرغبة في بناء إنسان أفضل بمساعدة التكنولوجيا.
يقول الباحث في جامعة شرق لندن، ألكسندر توماس، إن هذا سيعتمد على تكنولوجيا النانو، والتكنولوجيا الحيوية، وتكنولوجيا المعلومات، والعلوم المعرفية؛ إذ ستدار الصحة بواسطة روبوتات نانوية تقوم بدوريات داخل الجسم؛ بحثًا عن أي مشكلة محتملة لحلها قبل أن تظهر أصلًا، وصولًا إلى استبدال الخلايا الشائخة أو المحتضرة. وحتى في حالات فقد عضو معين، يحاول العلم إيجاد حلول تسمح بأن تحل محلها أجهزة متقدمة مصحوبة بأجهزة استشعار لتحاكي تمامًا العضو الأصلي