القصة في دقيقة:
في 2020، لم يتجاوز سعر سهم جيم ستوب بضعة دولارات، لكن بحلول 28 يناير 2021، تجاوزت 480 دولارًا. ارتفاع القيمة يعود إلى المستثمرين الهواة عبر الإنترنت الذين خاضوا مهمة هدفها إلحاق الخسارة بالمستثمرين المؤسسيين المتورطين في لعبة البيع على المكشوف في سوق المال الأمريكي.
أثار ما حدث لـGameStop قلق وول ستريت، وأجبر بعض الوسطاء عبر الإنترنت على تقييد التداول، بل وأثار مخاوف في وزارة الخزانة الأمريكية.
فماذا كشفت أزمة GameStop عن سوق المال الأمريكي؟ وما تداعياتها؟
الإجابة عبر:
س/ج في دقائق
ما الوجه الذي كشفته أزمة جيم ستوب عن سوق المال الأمريكي؟
أظهرت أزمة جيم ستوب ازدواجية معايير سوق المال الأمريكي تجاه شركات وول ستريت الكبرى والمستثمرين الأفراد.. التمييز الأساسي هو المعلومة الغائبة.
المستثمرون المؤسسيون يملكون المعلومة مستعينة بأفضل البرامج والمنصات والوصلات والمحطات لتحديد اتجاه السوق لتكسب كل شيء، مقابل المستثمر الفرد الذي لا يملك المعلومة، فيتحرك بناء على المعلومات الضيئلة المتاحة التي توفرها محطات الأخبار المرتبطة بالمستثمرين المؤسسين.
الوضع كان أشبه بـ “مؤامرة” من النظام المالي ضد مستثمري التجزئة لخدمة شركات وول ستريت العملاقة، التي استفادت من حالة الانكماش الاقتصادي في الفترة الماضية في المراهنات والبيع على المكشوف دون أن يلحظ مستثمرو التجزئة ذلك، أو يملكون حق التنافس فيه.
أولئك هم الرابحون .. كيف يتفاعل الاقتصاد ونفسية المجتمع | خالد البري | رواية صحفية في دقائق
إلى أي مدى أكدت أزمة جيم ستوب وجود هذا التلاعب؟
كشفت الأزمة عن بعض الحقائق غير المريحة حول عالم الاستثمار. أولها أن من يملك المعلومة يملك فرصة التلاعب بالأسهم وتحريك سوق المال لمصلحته.
قبل جولة وول ستريت بيتس، ذهبت معظم الأرباح إلى بضعة آلاف من صناديق التحوط والمديرين التنفيذيين للأسهم الخاصة والمستثمرين المحترفين وعملائهم. وبعد الجولة، جنى المستثمرون الأفراد الأرباح من أزمة جيم ستوب بعدما صعدت الأسهم التي بحوذتهم “بشكل غير مبرر بقواعد سوق المال العادية”.
قبل الأزمة أيضًا، تجاوزت رهانات المستثمرين المؤسسين ضد جيم ستوب قيمة أصول الشركة بالكامل. ما يعني أن بعضهم كان يستعد لجني أموال من انهيار جيم ستوب أكثر مما يمكن أن يخسره حملة الأسهم أنفسهم. من أين يأتي هذا الفارق؟
لتوضيح الأمر: قيمة أسهم جيم ستوب 100 دولار مثلًا. اضطرت الشركة لإعلان إفلاسها. حملة الأسهم سيخسرون الـ 100 دولار. لكن المستثمرين المؤسسيون سيحققون أرباحًا بـ 200 دولار من خسارة نفس الأسهم بعد رسملة الأصول؛ أي تحويلها هي الأخرى إلى أسهم.
هذه الحسبة التي يصعب عليك فهمها “حتى بعد المثال” قابلة للتحقق في سوق المال بشرط واحد. إلا يملك تفاصيل المعلومة إلا عدد محدود جدًا. وهو ما كاد يتحقق قبل أزمة جيم ستوب وتحقق غالبًا مع شركات أخرى.
أضف إلى ذلك حقيقة أن الصناديق تراهن على الحصول على أرباح ضخمة من إفلاس الشركات الفاشلة بما يعنيه ذلك من إغلاق المتاجر وخروج الوظائق من سوق العمل.
يمكن الدفاع عن إفلاس الشركات باعتبارها وجهًا ضروريًا لديناميكية الرأسمالية، حيث تجبر الأسواق الشركات الأضعف على التطور أو الإغلاق، وفي النهاية، سيكون من الأفضل للمجتمع بشكل عام إذا لم تتمكن هذه الشركات من البقاء إلى ما لا نهاية مع ما تعانيه من إفلاس. لكن ديناميكية الرأسمالية لا تشمل تحريك سوق المال من أجل إفلاس شركة – كما كاد يحدث في أزمة جيم ستوب – ليكون المقابل أن يجني عدد من المليونيرات أو صناديق التحوط أرباحًا إضافية بينما تنهار سلاسل البيع بالتجزئة في خضم الوباء.
صدمة GameStop | ترامب؟ روبن هود؟ ثورة ضد وول ستريت؟ أم مجرد فقاعة | س/ج في دقائق
كيف حلت أزمة جيم ستوب هذه المشكلة؟
أزمة جيم ستوب تمثل امتدادًا لبريكزيت بريطانيا وانتخاب دونالد ترامب رئيسًا لأمريكا: جمهور غاضب من “نخبة مميزة” وشعور بأن النظام مهيكل لمكافأة تلك النخبة وخداع الجميع، اندمجوا في كتيبة قوية قلبت الوضع الراهن.
منتدى وول ستريت بيتس أكمل الجزء الناقص من عدالة لعبة سوق المال. منح مستثمري التجزئة المعلومة، ومكنهم من تنظيم التحرك الجماعي.
هذا التحرك كان بمثابة ثورة ضد شركات وول ستريت العملاقة، وضد النظام غير العادل، فتح أبواب وول ستريت للمستثمرين الصغار، ومنحهم الثراء السريع.
وول ستريت بيتس فرضت المساوة بين شركات وول ستريت والمستثمرين الصغار، الذين عكسوا عملية التلاعب، فخسرت المؤسسات الكبرى المليارات بينما جنى عشرات الآلاف من صغار المستثمرين الثمار.
ترامب في البورصة | “الشعبوية اليمينية” تكمل طريق “احتلوا وول ستريت” اليسارية؟ | س/ج في دقائق
وهل قبلت نخبة وول ستريت الهجمة المرتدة؟
نخب وول ستريت تفاجأت من الضربة، وردّت بإدانة تلك القوى باعتبارها مضللة ومدمرة. وسرعان ما تحركوا لدرء “الشعبويين” عبر مراقبة ريديت بحثًا عن المكان الذي ستضربه وول ستريت بيتس في المرة القادمة.
سياماك معلمي، أستاذ إدارة الأعمال في جامعة كولومبيا، يقول إنه من غير المرجح أن تسمح نخبة وول ستريت بتكرار الحملة، ولا تزال تمتلك المزايا التي ساعدتها على التفوق على مستثمري التجزئة لعقود.
شركات الوساطة تدخلت بحجة “إنقاذ جمهور ريديت من نفسه”، فقيدت تداول الأسهم المرشحة لتكرار أزمة جيم ستوب بما ترك المستثمرين الأفراد مجبرين إما على البيع أو الاحتفاظ بمراكزهم.. وبالتالي تقديم فرصة غير عادلة لصناديق التحوط.
ستكونين أنت الحذاء.. أزمة الاقتصاد المصري في أغنية المهندس حسام | رواية صحفية في دقائق
أي أثر ستتركه جيم ستوب على المدى الأطول؟
أزمة جيم ستوب وسعت تأثير مستثمري التجزئة على سوق المال. هذا قد يعني تحول منتديات مثل وول ستريت بيتس إلى مواقع شعبوية تحرك السوق كلما شعر المستثمرون الصغار أن العدالة غائبة. وبالتالي ستتحول دفة قيادة وول ستريت من النخب إلى الشعبويين الذي سيصبحون القوة الدافعة للسوق.
قال أحدهم: “عندما تنهب صناديق التحوط وغيرها أسواقنا، يكون كل شيء جيدًا، ولكن عندما يدمر مستثمرو التجزئة صندوقًا للتحوط، فإن كل المحللين يطالبون بالتنظيم”.
لجنة الأوراق المالية والبورصات (SEC) حذرت من أن التقلبات الشديدة في أسعار الأسهم ستعرض المستثمرين لخسائر سريعة وشديدة وتقوض الثقة في سوق المال. حاولت طمأنة مستثمري التجزئة بأنها ستتدخل حال حدوث تلاعب مستقبلًا، ووعدت بمراجعة الإجراءات الضارة التي تتحذها الكيانات الخاضعة للتنظيم.
لكن، وبغض النظر عن احتمالات تدخل اللجنة، يملك المستثمرون الأفراد حاليًا، بدعم من السوشال ميديا وتطبيقات التداول الجديدة مثل روبين هود، تشكيل عوائق أمام نخبة وول ستريت حال تمسكوا بقواعد اللعبة الحالية.
هل هناك مصادر أخرى لزيادة المعرفة؟
ما يكشفه جنون GameStop عن سوق الأوراق المالية في الولايات المتحدة (الإيكونوميست)
مع رفع القيود التجارية.. يستمر جنون GameStop (الإيكونوميست)
هوس GameStop حركة شعبوية تهدد بتعطيل النظام المالي (بيزنس إنسايدر)
كيف ستغير طفرة تداول GameStop وول ستريت؟ (تايم)