فكرة اللقاء مع قرينك الآخر أو نسختك المماثلة قديمة جدًا ولها أصول في مختلف الثقافات والأساطير. صناع السينما التقطوها بفضل ما تتيحه من إبهار بصري للمتفرج (مشاهدة نسختين من نفس الممثل على الشاشة). أما النجوم فانجذبوا لها بفضل ما تتيحه للعب شخصيتين مختلفتين في نفس الفيلم.
قد يكون فيلم Us الذي عُرض هذا العام مثالا لمعالجة منعشة جدًا للفكرة في قالب أقرب لتيمات الرعب. بالمقابل ارتبطت الفكرة أيضًا بالخيال العلمي في عشرات الأعمال.
الجحيم هو “نحن” في Us | حاتم منصور | دقائق.نت
خبر استنساخ النعجة دوللي عام 1996 كان علامة فارقة مهمة. قبل الخبر كانت فكرة استنساخ البشر لا تزال مجرد خيال علمي، لكن بعده أصبحت أمرًا مؤكدًا، والأسئلة المتعلقة به فقط أخلاقية: هل استنساخ البشر فعل مقبول أم لا؟
هوليوود لم تنفصل عن السؤال والحدث حينها، وقدمت أعمالًا قد يكون أشهرها فيلم اليوم السادس The 6th Day الذي عُرض عام 2000 وقام ببطولته أرنولد شوارزنيجر.
وسط طوفان التحضيرات والأفكار الهوليوودية وقتها، ظهرت النسخة الأولى من سيناريو رجل الجوزاء Gemini Man لكن الميزانية وكمية التعقيدات المطلوبة لتنفيذه، ألغت المشروع عشرات المرات، الى أن وصل أخيرًا لحيز التنفيذ بفضل المخرج التايواني أنج لي، والنجم ويل سميث، والمنتج جيري بروكهايمر، ليلحق الفيلم بشاشة السينما عام 2019 بعد مرور حوالي عقدين على مولد السيناريو الأصلي!
في الفيلم، نتابع القاتل المحترف هنري بروجان (ويل سميث) الذي يكتشف أنه أصبح الهدف المطلوب للقتل، على يد نسخة شابة مستنسخة منه. لماذا هو مطلوب للقتل؟ ولماذا تم استنساخه؟ هذا محور اللغز.
لا يسير الفيلم لأي جديد غير متوقع، على صعيد الحبكة والأحداث وتطور الشخصيات، ويبدو أن المخرج أنج لي والمنتج جيري بروكهايمر، اعتبرا أن الفكرة في حد ذاتها لا تزال مثيرة بما يكفي، وأن كل ما ينقصها هو توابل الأكشن والإبهار. وفي الفيلم الكثير والكثير من الأكشن والمطاردات بالفعل، لكن بلا لمسة أصالة تُذكر.
على عكس المدرسة القديمة التي تعتمد على التلاعب بالماكياج لتغيير عمر وشكل الممثل، ينحاز الفيلم هنا لتكنولوجيا الجرافيك ليمنحنا من ويل سميث الذي يبلغ حاليًا 51 سنة، نسخة ويل سميث أصغر عمرها 23 سنة.
النتيجة بصريًا تتراوح بين المتوسط والجيد، وأقل جودة بشكل ملحوظ مما شاهدناه في فيلم كابتن مارفل عندما قدم لنا صناع الأخير صامويل ال جاكسون بسن وشكل أصغر، بفضل تقنيات الجرافيك، وهو ما سنشاهده بالمناسبة بشكل أكثر كثافة في فيلم سكورسيزي القادم The Irishman.
أنوثة بري لارسن ونسويتها.. كيف أثرت على كابتن مارفل؟ | حاتم منصور
رهانات سكورسيزي ودي نيرو القادمةالصورة هنا تجمع 4 لقطات مختلفة للنجم روبرت دي نيرو (76 سنة) من فيلم المخرج مارتن…
Posted by دقائق on Tuesday, October 1, 2019
لكن الأزمة الأكبر بخصوص النسخة الشابة من بطل Gemini Man قد لا تكون في التكنولوجيا أو الشكل البصري، بقدر ما هى في السيناريو، الذي يمنح للشخصية مشاهد درامية وبكائية عديدة، رخيصة ومبتذلة.
المستوى المتواضع للفيلم غير مفاجىء للدرجة بالنسبة لويل سميث، على ضوء مستواه المتذبذب في السنوات الأخيرة، الذي يشمل أفلامًا مثل Bright – Collateral Beauty – Suicide Squad.
الصدمة الحقيقية هى اسم أنج لي كمخرج. هذا اسم له وزنه في تقديم دراما قوية خالية من الإبهار البصري، وله نفس الوزن وأكثر في تقديم دراما قوية مُغلفة بإطار من الإبهار البصري.
فيلم Gemini Man خطوة أخرى للخلف له بعد Billy Lynn’s Long Halftime Walk الذي عُرض عام 2016 ويبدو إجمالًا كعمل منتهي الصلاحية. يمكن القول أيضًا أن كلًا من جوني ديب – نيكولاس كيج كانا على حق في رفض الفيلم، عندما تجددت محاولات إحيائه في الفترة بين 2005 – 2010.
أثناء الخروج من القاعة أصبحت المشكلة أوضح؛ بسبب المقارنة الحتمية مع المنافسين في نفس دار العرض. في Ad Astra نموذج لما يمكن أن تضيفه التكنولوجيا والألاعيب البصرية لتصبح جزءًا من حالة فيلم. وفي الجوكر نموذج لما يمكن اعتباره دراما قوية ومختلفة مصنوعة بقواعد المدرسة الكلاسيكية.
AD ASTRA.. رحلة براد بيت الصعبة إلى مدار الأوسكار | حاتم منصور
واكين فينيكس يقطع تذكرة الأوسكار الثانية للجوكر | حاتم منصور
فيلم Gemini Man رغم كل الجهد المبذول فيه، والـ 130 مليون دولار التي تكلفها، لا هذا ولا ذاك.
على صعيد آخر، هو إثبات عملي أن لدينا الآن تكنولوجيا مهمة وفارقة للتلاعب بعمر الممثلين. السؤال فقط: متى سيأتي الفيلم المثالي الذي يمنحها الهيبة والنتيجة النهائية القوية التي تستحقها؟
بمعطيات تتضمن أسماءً عادية، فهذا فيلم أكشن متوسط ومقبول، لكن بالنظر لمثلث في وزن (أنج لي – ويل سميث – جيري بروكهايمر) فالفيلم ضمن إحباطات العام.