توصلت المحكمة إلى أن متهمين أربعة من عناصر حزب الله اللبناني، هم: سليم عياش، 56 عامًا، المتهم بقيادة العملية وتجهيز الشاحنة المفخخة بالمتفجرات، وأسد صبرا، 43 عامًا، وحسين عنيسي، 46 عامًا. وحسن حبيب مرعي، 54 عامًا.
المتهمون الأربعة خضعوا للمحاكمة الغيابية في لاهاي بتهم تتعلق بالقتل العمد للحريري و21 من مرافقيه، ومحاولة قتل 226 شخصًا أصيبوا في التفجير، إضافة إلى تهمة التآمر لارتكاب عمل إرهابي.
وفقًا لمجلس الشرق الأوسط للسياسات، يضم لبنان 18 مجموعة دينية رسمية، لكل منها أجندتها ودعمها السياسي وحلفائها الخارجيين، وحتى تعريفها لمن هو وطني لبناني ومن ليس كذلك مختلف.
بعد اغتيال الحريري، تمايزت كل تلك المجموعات في قوتين رئيسيتين: 14 آذار، وتشمل عائلة الحريري التي تقود تيار المستقبل، والزعيم الدرزي وليد جنبلاط، وهم أبرز المعارضين للوجود السوري في لبنان، ومجموعة 8 آذار، وتشمل حزب الله وحركة أمل وتيار التوحيد والحزب السوري القومي الاجتماعي، وهم من الموالين لسوريا.
وينقسم اللبنانيون منذ وقت طويل حول شرعية المحكمة ومصداقيتها، حيث يعتبر البعض أنها متحيزة سياسيا وتتأثر بالتدخل السياسي، فبينما يرى الطرف الأول أن المحكمة الخاصة وجهت ضربة قوية للإرهاب ودرسًا ضد سوريا وحلفائها داخل لبنان، يراها الطرف الثاني بإعلامه مصدرًا للمزيد من الانقسام في لبنان وتهديدا لسيادته.
في الشرق الأوسط، حيث أن أي أزمة أو جريمة تحمل بعدًا سياسيًا، فإن احتمالية اتهام المحكمة بأنها مسيسة أمر واقعي، وما يزيد الأمر سوءًا هو أن وقائع المحكمة جرت غيابيًا دون مثول المتهمين أمام هيئة المحكمة. لكن المعهد الفنلندي يعتقد إنه يمكن تلافي هذه النقطة بتحديد مسؤولية كل متهم بعينه، لا أن تلقي باللوم على فئة أو جماعة بأكملها.
لكن على الجانب الآخر، يجادل الخبراء بأن إجراء المحاكمة بهذا الشكل سمح باستمرار الحياة السياسية في لبنان، فوجود القضية خارج نطاق الدولة اللبنانية سمح لرئيس الوزراء سعد الحريري بضم أعضاء من منظمة يُعتقد أنها المسؤولة عن قتل والده.
طريقة عمل المحاكم الدولية ليست سريعة من أجل الحفاظ على مصداقية إجراءات التحقيق الجنائي. المحكمة الدولية في يوغوسلافيا على سبيل المثال عملت لما يقرب من 20 عامًا ولا تزال مستمرة حتى الآن.
لكن في قضية اغتيال الحريري كان الأمر أقصر بتكاليف أعلى. حتى الآن تكلفت المحاكمة حوالي 800 مليون دولار على أقل تقدير، مضافًا إليها 170 مليون دولار أخرى أنفقتها لجنة التحقيق الدولية المستقلة. الأرقام المذكورة دون احتساب نفقات إضافية غير معروفة أثناء إنشاء المحكمة في 2008 و2009.
أدانت المحكمة عضو حزب الله سليم عياش وحده بالتآمر على اغتيال الحريري. القاضية ميشلين بريدي قالت إن قضاة المحكمو "لديهم قناعة لا يخالطها شك" بأن الأدلة أظهرت أن المتهم الرئيسي سالم جميل عياش كان بحوزته "واحد من ستة هواتف محمولة استخدمت في الهجوم"، وإن ”الأدلة أثبتت كذلك انتماء عياش لحزب الله“.
سيُنفذ الحكم لاحقًا، لكن عياش قد يواجه حكما يصل إلى السجن مدى الحياة. مع أسئلة حول مصير المحكمة إن سلم عياش نفسه، حيث يفترض معها أن تعاد محاكمته من جديد.
وقضت المحكمة بعدم كفاية الأدلة على ضلوع المتهمين الثلاثة الآخرين في التفجير وبرأتهم.
وقال القضاة أيضًا إنهم لم يجدوا أدلة على تورط قيادة حزب الله أو الحكومة السورية في الهجوم.
أستاذة القانون جوينيل ميترو تقول إن المحكمة الغيابية لم تكن حكيمة أصلًا من الأساس؛ إذا اعتمدت القضية بشكل كامل على سجلات الهواتف المحمولة، ولم تطل مجرياتها "سلسلة القيادة" التي أمرت بتنفيذ الحادث، إذ كان كل المتهمين وكل الحديث يدور حول المنفذين فقط.
العامل الأهم في حكم محكمة الحريري، بحسب دويتشه فيله، هو تجاوز الانقسامات الطائفية والسياسية لحساب ترسيخ مبدأ "المسؤولية" الغائب عن لبنان لفترات طويلة.. باتهام سليم عياش، القيادي في حزب الله بالمسؤولية عن التفجير وإدانته، فهذه أول مرة يجري فيها تحميل شخص ما المسؤولية عن اغتيال سياسي في لبنان، وبذلك توجه المحكمة في لاهاي إصبعها بشكل غير مباشر نحو حزب الله، وإن نفت تورط قادته.
تأكيد الاتهام جعل حزب الله بشكل ما مسؤولًا عن جرائم القتل السياسية وبالتالي ستؤثر على طريقة عمله في لبنان الذي شهد منذ استقلاله في 1943، أكثر من 20 عملية اغتيال بحق رؤساء حكومات ومسؤولين كبار، نجا الجاني بفعلته في الغالب دون تحميل المسؤولية الجنائية لأي طرف.
اتهامات جديدة من المحكمة الخاصة بلبنان لحزب الله (وورلد بولتيكس ريفيو)
معضلة محاكمة قتلة الحريري (المعهد الفنلندي في الشرق الأوسط)
محاكمة الحريري.. السياسة والقانون الدولي (مركز دراسات الشرق الأوسط)
كيف غير اغتيال رفيق الحريري لبنان (دويتشه فيله)
المحكمة الدولية الخاصة بلبنان.. محكمة ملايين الدولارات (جستس إنفو)