الشرق الأوسط لا يسع الشاه والسلطان معا.. هل تندلع حرب تركيا وإيران في العراق؟ | س/ج في دقائق

الشرق الأوسط لا يسع الشاه والسلطان معا.. هل تندلع حرب تركيا وإيران في العراق؟ | س/ج في دقائق

25 Feb 2021
إيران تركيا
رابط مختصر
للمشاركة لـ فيسبوك
حجم الخط

القصة في دقيقة:

أزمة تتصاعد بين تركيا وإيران. لكن ساحة تصفية الحسابات لن تكون أنقرة ولا طهران بالتأكيد، بل الموصل العراقية. وهل هناك مكان أنسب من العراق حاليًا للمعارك الإقليمية.

المنافسة الجيوسياسية بين تركيا وإيران شرسة في بلاد الشام والعراق والقوقاز. لكن “المشروعين الإمبراطوريين” حافظا على قواعد اشتباك واضحة، فقسمتا المصالح التجارية ومناطق النفوذ قدر الإمكان مع تصعيد محدود هنا ورد محدود هناك.

لكن الخلاف العميق حول المصالح الأساسية في العراق تحديدًا يضعهما على مسار تصادمي في شرق أوسط لا يتسع لشاه وسلطان.

تركيا وإيران عارضتا الحرب على العراق في البداية، لكنهما اختارتا معسكرين متعارضين في الاشتباك السياسي العراقي، مما أعاد إشعال المنافسة بينهما، ولا يريد أي منهم أن يكون للآخر نفوذ أكبر في بغداد أو على أكراد العراق.

س/ج في دقائق


إلى أين وصلت تصفية حسابات إيران وتركيا في العراق؟

الجيش التركي يطلق عملية جديدة في سلسلة جبال كارة في محافظة دهوك شمال العراق، بسبب معلن هو مطاردة الأكراد الذين يحاولون استهداف تركيا.

بالتزامن، صدرت الإشارة من طهران بتوصيف الإعلام الإيراني الرسمي التدخل التركي بـ “شبه احتلال” لشريط حدودي طويل يبلغ أكثر من سبعة عشر كيلومترًا داخل الأراضي العراقية”.

وصلت الإشارة إلى بغداد. فدعا وكلاء إيران في العراق، وعلى رأسهم حركة عصائب أهل الحق الشيعية، تركيا لسحب قواتها من العراق وطالبت الحكومة بمواجهة التوغل التركي “المخالف للقانون الإلهي” والأعراف الدولية.

حركة حزب الله النجباء، وهي ميليشيا مرتبطة بإيران، صعدت أكثر. حذرت “الحكومة الضعيفة”: “إما أن تواجهوا تركيا بأنفسكم، أو ستتولى المقاومة طرد الاحتلال”.

أسبوع يلخص أزمة العراق | الاغتيالات وإيران وتركيا.. كيف النجاة وكلهم أعدائي؟ | تايم لاين في دقائق


لماذا يتسع شقاق تركيا وإيران مؤخرًا؟

رغم علاقتهما الطويلة، يجمع تركيا وإيران غياب ثقة متبادل عميق؛ حتى في المجال الاقتصادي الثنائي، حيث ينظر كل منهما إلى الآخر على أنه يسعى للهيمنة بنفسه أو عبر الوكلاء.

أحداث 2011 في الشرق الأوسط منحت تركيا وإيران فرصة لإعادة تشكيل المنطقة وفقًا مصالحهما الخاصة؛ بالنظر لتقاسمهما السيطرة على الحركات المؤثرة في دول الاضطراب.

لكن، ورغم المنافسة الجيوسياسية الشرسة، حافظت تركيا وإيران على قواعد اشتباك واضحة، فقسمتا المصالح التجارية ومناطق النفوذ قدر الإمكان مع تصعيد محدود هنا ورد محدود هناك.

الآن تطرأ متغيرات: اقتصاد تركيا وإيران يتشابك بشكل متزايد، والخلاف العميق حول المصالح الأساسية في العراق تحديدًا يضع الإمبراطوريتين السابقتين على مسار تصادمي.

ترى إيران أن تركيا جندت داعش في محاولة لقطع الهلال الشيعي بإسقاط نظام الأسد في سوريا والهيمنة على العراق.

وترى تركيا أن إيران تحاول إنشاء حكم ذاتي للأكراد على الأراضي التي كانت ذات يوم جزءا من الإمبراطورية العثمانية، وتعتبر أن ذلك محاولة لإعادة الإمبراطورية الفارسية على أراضيها.

مسعود مولوي فاردنجاني | لماذا قتلت إيران صندوقها الأسود؟ ولماذا صمتت تركيا؟ | الحكاية في دقائق


كيف وصلتا لمرحلة تعارض المصالح في العراق؟

يضم العراق مناطق كانت واقعة تحت سيطرة العثمانيين سابقًا لكن إيران اقتنصتها خلال العقد الماضي. والحرب على داعش كانت فرصة لإعادة تقسيم مناطق النفوذ.

اعتمادًا على الشحن الطائفي، بات لكل طرف “عناصره المحلية الداعمة” سياسيًا، وميليشياته. ميليشيات إيران “الحشد الشعبي” أكثر شهرة. لكن تركيا تملك قاعدة عسكرية في بعشيقة شرق الموصل، وأسست ميليشيا “الحشد العربي السني” أو “فرسان الموصل”.

الحكومة العراقية رفضت انتشار تركيا وميليشياتها، لكنها ضمت الحشد الشعبي لقواتها شبه الرسمية. وهذا يعني في نظر تركيا أهمية إضافية لقوة عسكرية تؤمِّن سنة العراق عند الحاجة.


لماذا ظهرت الموصل كساحة مواجهة مباشرة؟

خلال الحرب على داعش “الهدف المعلن للطرفين” أعلنت الميليشيات الشيعية نيتها دخول تلعفر “كانت تحت النفوذ العثماني القديم تقع غرب الموصل ويقطنها غالبية تركمانية” لمنع هروب مقاتلي داعش إلى الحدود مع سوريا.

لترد تركيا بنشر قواتها المدرعة والمدفعية على حدود العراق؛ “كي لا يحتمي السنة بداعش إن تعرضوا لأعمال انتقامية على يد الميليشيات الشيعية”.

تركيا ترى أن إيران تريد السيطرة على المنطقة لتأمين طريق “طهران – بيروت” الذي يربط مناطق نفوذها في الشرق الأوسط. وإيران بدورها ترى أن تركيا تسعى لإنشاء منطقة فيدرالية يهيمن عليها سنة موالون لأنقرة في شمال العراق تتمتع بقدر أكبر من الحكم الذاتي، كما اقترح بعض السياسيين السنة العراقيين المقربين من أنقرة، ظاهريًا لحماية الأقليات، وعمليًا لموازنة نفوذ إيران.


تركيا وإيران لا تريدان دولة كردية.. لماذا اختلفت مصالحهما إذن؟

تركيا وإيران تعتبران قيام دولة كردية تهديدًا مشتركًا. لكنهما ينظران للتهديد بوجهتي نظر متناقضتين؛ ولهذا دعمتا معسكرين متعارضين بين أكراد العراق.

تركيا قلقة من نفوذ حزب العمال الكردستاني بين أكراد العراق، فاختارت دعم منافسهم مسعود بارزاني، رئيس حكومة إقليم كردستان السابق وزعيم الحزب الديمقراطي الكردستاني، رغم مساعيه لإجراء استفتاء على إقامة الدولة،

لترد إيران بدعم طرف النقيض: الاتحاد الوطني الكردستاني بزعامة جلال طالباني، وحركة التغيير (غوران)، وتوسع الدعم اللوجيستي لحزب العمال الكردستاني، الذي وسع وجوده في شمال العراق، بما في ذلك سنجار وجنوب كركوك، كما تزايدت هجماته ضد أنقرة في العراق وداخل حدود تركيا نفسها.


هل غيرت نهاية عهد ترامب قواعد اشتباك تركيا وإيران في العراق؟

نهاية عهد ترامب أضافت بعدًا جديدًا لتعقيد علاقات تركيا وإيران.

الرئيس السابق كان حريصًا على كبح نفوذ طهران الإقليمي، وصديقًا شخصيًا لأردوغان. لكن جو بايدن مختلف؛ يتقارب مع إيران لإحياء اتفاق 2015 النووي، ويهدد النظام التركي.

لذلك يعتبر التحول الأمريكي الوشيك حافزًا آخر لتركيا وإيران لخلق أكبر مكاسب على الأرض قبل أن تضع إدارة جديدة سياساتها في العراق.

إيران أكبر الخاسرين في حرب كاراباخ .. سوريا والخليج كسبا من معركة لم يشاركا فيها | س/ج في دقائق


ما نتيجة التنافس بين الجانبين؟

في تقرير صدر في خضم أحداث 2011، توقع معهد واشنطن أن التنافس الأكبر في السنوات المقبلة لن يكون الصراع مع إسرائيل، ولا توتر السعودية – إيران، بل تجدد التنافس بين تركيا وإيران الذي وصفه التقرير بـ “أقدم لعبة قوة في المنطقة امتدت لخمس قرون”، حين دخل العثمانيون والفرس في تحد على الهيمنة الإقليمية.

الصراع نفسه ممتد إلى أقدم من ذلك بكثير: حيث صراع الروم والفرس على مناطق النفوذ نفسها.

قال التقرير إن تحول تركيا إلى الشرق الأوسط لن يذهب إلى تشكيل محور بين قوتي الإسلام السياسي الأبرز، بل إلى إحياء الذكريات القديمة. الشرق الأوسط ربما يتسع لشاه أو سلطان، لكنه لا يسعهما سويًا.

هذه هي النتيجة، الأكثر أهمية وربما غير المقصودة، لتحول تركيا إلى الشرق الأوسط، حتى لو بدا هذا التحول في البداية وكأنه يشكل محورًا بين أنقرة وطهران، فقد أدى لنتيجة معاكسة: إطلاق التنافس على الهيمنة الإقليمية وإحياء الذكريات القديمة.

بسبب قصيدة إردوغان | حرب كاريكاتير إيرانية تركية تحيي النزاع العثماني الصفوي | س/ج في دقائق



رابط مختصر
للمشاركة لـ فيسبوك

موضوعات متعلقة

التعليقات (0)

يجب عليك .. تسجيل الدخول أو التسجيل لتتمكن من التعليق.

تعليقات الفيسبوك