غالبًا ما تجري اعتقالات دبلوماسيين بعيدًا عن الأضواء، لكن تركيا أفرطت مؤخرًا في تسويق أخبار اعتقال دبلوماسي وشبكة تجسس إيرانية على أراضيها.
مع اتجاه أنقرة والرياض الآن لتحسين العلاقات، تضاءل الاحتياج التركي إلى التعاون مع إيران، وتزامن ذلك مع تركيز تركيا بشكل متزايد على المناطق التي تعتبرها إيران ضمن مجال نفوذها.
تعهد الرئيس التركي رجب طيب أردوغان بتوسيع العمليات العسكرية ضد المسلحين الأكراد في شمال العراق، لذلك يزيد الضغط على طهران، التي بدورها لديها حسابات مختلفة لقضية الأكراد.
س/ج في دقائق
ما الذي يؤشر لتوتر العلاقات التركية الإيرانية مؤخرًا؟
بعد أكثر من عام ونصف من الجريمة، أعلنت وسائل إعلام تركية موالية للحكومة اعتقال الدبلوماسي الإيراني محمد رضا ناصر زاده لاتهامه بتخطيط عملية اغتيال المعارض الإيراني مسعود مولوي فاردنجاني في إسطنبول عام 2019.
إيران نفت اعتقال أيًا من دبلوماسييها. لكن تقارير الاعتقال تواصلت نقلًا عن “مسؤولين أتراك رفيعي المستوي”.
الاعتقال لم يكن “حادثًا عرضيًا” بل هو جزء من موقف أكثر صرامة لقوات الأمن التركية تجاه أنشطة إيران على أراضيها.
في ديسمبر 2020، أصدرت الشرطة التركية شريطًا مصورًا لما قالت إنهم عناصر من شبكة تجسس إيرانية مرتبطة بخطف المعارض والناشط العربي حبيب شعب.
تقول فويس أوف أمريكا إن اعتقالات دبلوماسيين بهذه الحساسية غالبًا ما تتم في الظل لإتاحة مجالات التفاوض.
لكن إصرار تركيا على إعلان اعتقالها لشبكة تجسس إيرانية على أراضيها، ثم اعتقال دبلوماسي متهم بالتورط في حادث مر عليه كل هذه الفترة، تشير إلى حدوث تغير ما.
جاليب دالاي، الزميل المشارك في تشاتام هاوس، وهي منظمة بحثية في لندن، يقول إن أنقرة ترسل رسالة بهذه الاعتقالات رفيعة المستوى. يضيف أن “الإصرار على النشر على نطاق واسع يؤشر بوضوح إلى أننا أمام عهد جديد في العلاقات التركية الإيرانية.”
ما علاقة السعودية بمثل هذا التوتر؟
تقول فويس أوف أمريكا إن العلاقات التركية الإيرانية تشهد غالبًا توازنًا بقاعدة “متنافسون لكننا متعاونين”.
السنوات الأخيرة شهدت تركيزًا أكبر على التعاون حين وجد البلدان أرضية مشتركة مقابل جهود السعودية في منع توسيع نفوذهما في المنطقة.
لكن، مع اتجاه أنقرة والرياض لتحسين العلاقات، تضاءلت حاجة تركيا إلى التعاون مع إيران، وتزامن ذلك مع تركيز تركيا بشكل متزايد على المناطق التي تعتبرها إيران ضمن مجال نفوذها، وهي خطوة غذت الخصومات التركية الإيرانية.
الدعم التركي القوي لأذربيجان كان عاملاً محوريًا في هزيمة القوات الانفصالية الأرمينية في معركة حول منطقة ناجورنو كاراباخ المتنازع عليها في أذربيجان.
حسين باججي، رئيس معهد السياسة الخارجية في أنقرة يقول: “لطالما كان الإيرانيون خائفين من النفوذ التركي في القوقاز وآسيا الوسطى”. “إيران تحاول زيادة نفوذها في العالم التركي لكنها فشلت وستفشل أكثر، ولهذا السبب تشعر إيران بأنها محاصرة بين العرب والأتراك”.
يرى محللون إن ضغط أنقرة على طهران سيزداد الفترة المقبلة، حيث تعهد الرئيس التركي رجب طيب أردوغان بتوسيع العمليات العسكرية ضد المسلحين الأكراد في شمال العراق.
زاور جاسيموف، خبير العلاقات الدولية في جامعة بون، يقول إن انتشار تركيا العسكري في شمال العراق لا يرضي إيران؛ إذ تعمل أنقرة- بحانب عملياتها العسكرية- على تعميق نفوذها السياسي في إقليم كردستان العراق شبه المستقل، وهو النفوذ الذي ظهر للعلن في تقديم حكومة الإقليم دعمًا ضمنيًا للهجوم التركي الحالي ضد حزب العمال الكردستاني.
جاليب دالاي يقول إن إيران لا تريد توسيع دور حزب العمال الكردستاني، لكنها تعتبر أن وجود دور إقليمي محدود للحزب سيكون مصدر إزعاج لتركيا، بالتالي لا تراه خيارًا سيئًا.
تقع القاعدة الرئيسية لحزب العمال الكردستاني في منطقة قنديل العراقية، والتي تعتبر خارج سيطرة أنقرة. ومع ذلك، تواصل القوات التركية التوغل في عمق العراق، حيث أعلن أردوغان أنه لن يكون هناك مكان آمن للحزب على حدود تركيا.
أيدين سيلجن، أول مسؤول لقنصلية تركية في كردستان العراق يقول إنه من الناحية الطبوغرافية، فإن استهداف منطقة قنديل الكبرى بالقوات البرية ممكن فقط من خلال إيران أو بالتعاون مع القوات الإيرانية.
لذلك تزيد تركيا من الضغط على إيران أن تنال موافقتها على ذلك، وإذا وافقت إيران فإنها ستطلب ثمنًا دبلوماسيًا لمثل هذه الخطوة التي تغير قواعد اللعبة، والتي لا يبدو أنها واردة في الأوراق في المستقبل المنظور، وخصوصًا مع تزايد تباين المصالح الإيرانية التركية، والذين سيترتب عليه التنافس بدلًا من التعاون.
يقول دالاي: سنرى توترات متزايدة بين شبكات الوكلاء في البلدين، وستكون التداعيات أكثر وضوحًا في سوريا والعراق، لكن هذا لن ينتهي بقطع العلاقات التركية الإيرانية؛ فهاتان دولتان لديهما تاريخ طويل من التعاون والمنافسة مع خبرة تراكمية في إدارة خلافاتهما.
موضوعات متعلقة
