القصة في دقيقة:
الاحتجاجات التي شهدتها إيران مؤخرًا كشفت عن حالة متردية كليًا في البلد. العطش وشيك ومعه نقص حاد في إمدادات الكهرباء بعد مستويات جفاف غير مسبوقة.
في مقاطعة خوزستان المنتجة للنفط، ووسط موجة جفاف شديدة في المحافظة، التي عاصمتها مدينة الأحواز ذات الأغلبية العربية، خرج السكان للاحتجاج وهتف بعضهم “أنا عطشان”، مع احتجاجات ضد انقطاع الكهرباء في مدن أخرى.
استجابت الحكومة بتقديم مساعدات طارئة للمناطق الأشد تضررًا. لكن هذا لن يحل الأزمة لأن إيران تواجه مجموعة من التحديات البيئية من بينها ارتفاع درجات الحرارة والتلوث والفيضانات وتلاشي البحيرات.
فما أسباب الشح المائي في إيران؟ وما الذي قد يترتب عليه؟
س/ج في دقائق
جفاف إيران: ما أسباب الشح المائي هناك؟
هناك 3 أسباب رئيسية لشح المياه في إيران:
1- قلة الأمطار:
في أبريل 2021، حذرت هيئة الأرصاد الجوية المحلية من جفاف غير مسبوق في إيران يعود جزئيًا إلى انخفاض هطول الأمطار لمستوى أقل بكثير من متوسطها المعتاد.
ووفق البيانات الرسمية، انخفضت كمية الأمطار كثيرًا في أحواض الأنهار الرئيسية في إيران بين سبتمبر 2020 ويوليو 2021، مقارنة بالفترة نفسها من العام السابق.
الأشهر الثلاثة الأولى من 2021 شهدت أقل مستوى لهطول الأمطار عبر 40 عامًا، وفق مركز الأرصاد الجوية بجامعة كاليفورنيا.
وقدرت منظمة الأغذية والزراعة التابعة للأمم المتحدة أن ثمن تراجع هطول الأمطار سيكون باهظًا؛ لأن ثلث حقول القمح في إيران تعتمد عليها في الري.
2- صناعة النفط:
ألقت بعض التقارير باللوم على صناعة النفط في التسبب في تعطيل النظم البيئية المحلية.
3- تحويل مسار المياه:
المياه التي حولتها إيران إلى المناطق الصحراوية الوسطى في البلاد كانت مصدرًا آخر للتوتر.
كافي مدني، النائب السابق لرئيس إدارة البيئة الإيرانية، يعتبر تغير المناخ والجفاف عاملين محفزين. لكن المشكلة الحقيقية متجذرة في عقود من الإدارة السياسية والبيئية السيئة، والافتقار للبصيرة، وعدم الاستعداد للموقف الحالي.
4- السدود:
تُظهر خريطة مصدرها السلطات المحلية في خوزستان مستويات المياه في سدود المنطقة في يوليو 2021. يبدو أن العديد من السدود الحيوية تنفد حاليًا.
ويشير الخط الأزرق الفاتح إلى مستوى المياه خلفها.
إيران تمنع الماء عن العراق | الجفاف أم “تعجيل المهدي”؟ وهل تشعل حرب المياه؟ |س/ج في دقائق
ألا تحتفظ إيران بمياه جوفية يمكن استخدامها؟
المياه الجوفية مصدر رئيسي للمياه في إيران. لكنها أيضًا تعاني من أحد أسوأ معدلات النضوب في العالم.
لسنوات، ضغطت إيران لتحقيق الاكتفاء الذاتي من الغذاء، فاستخدم المزاروع كميات أكبر من المياه الجوفية وبمعدلات أسرع من إمكانية تجديدها.
هذا لم يقلل الكمية المتاحة فحسب، بل زاد مستويات الملح، بما يؤثر بدوره على خصوبة التربة في المناطق المنتجة للغذاء.
وأظهرت دراسة نشرتها مجلة الأكاديمية الوطنية الأمريكية للعلوم أن هناك مخاطر عالية جدا لازدياد نسبة مُلوحة مياه الري في العديد من المناطق.
لم تتوقف الأزمات هنا. توسع الحفر إلى أعماق أكبر بحثًا عن المياه الجوفية فظهر خطر انزلاق طبقات الأرض، مما يعني غرق المدن حرفيًا.
مستويات تقلص المياه الجوفية في إيران
وما وضع البحيرات في إيران؟
حتى البحيرات في أيران تواجه أزمة جفاف.
بحيرة أورميا مثلًا، التي كانت أحد أكبر بحيرات المياه المالحة في العالم، تحولت إلى رمز كارثي، بعدما تقلص منسوب المياه من 1,930 ميلًا مربعًا، إلى عُشر هذا الحجم بحلول 2015.
بعد الاحتجاجات الشعبية وتعهدات الحكومة وتحسين الري، استعادت البحيرة بعض عافيتها، فوصلت إلى نصف حجمها التاريخي تقريبًا. لكن مصيرها غامض حال استمر جفاف إيران.
وتواجه إيران أزمة أيضًا بشأن جفاف مناطق الأراضي الرطبة والأنهار، بما قد يؤدي لحدوث عواصف ترابية خطيرة.
حروب المياه | بدأت منذ فجر التاريخ.. هل يكررها سد النهضة؟ | مصطفى ماهر
لماذا أثار جفاف إيران اضطرابات شعبية؟
تعتمد إيران بشكل كبير على إمدادات المياه التي تتناقص بمرور الزمن.
ومن المتوقع أن تعاني من حالات جفاف متكررة، وتواجه احتمالية ظروف أكثر قسوة ناجمة عن تغير المناخ.
جفاف إيران لا يكتفي بتقليص الماء والغذاء بالتبعية فحسب، بل يترك تأثيرًا أكبر على توليد الطاقة الكهرومائية، الأمر الذي أدى بالفعل لاضطرابات شديدة في إمدادات التيار الكهربائي هذا الصيف.
وبسبب الحر، زاد الطلب على الكهرباء لتشغيل المكيفات، فزاد الضغط على شبكات الطاقة.
إيران تواجه العطش بالسلاح | كيف صمدت معادلة القمع؟ وهل تصدرها للهلال الشيعي؟| ترجمة في دقائق
وهل يؤثر الشح المائي على التوزيع الديموغرافي للسكان؟
في حين أن جفاف إيران خلق بيئة مليئة بالتحديات، فإن توابع أزمة المياه أعمق.
في 2015، حذر خبير بيئي من احتمال حدوث نزوح جماعي للملايين إذا لم تجد إيران حلًا لأزمة المياه.
هذا دفع رئيسة دائرة البيئة الإيرانية معصومة ابتكار للدعوة إلى “ثورة” في الزراعة لمواجهة الأزمة.
هل هناك مصادر أخرى لزيادة المعرفة؟
مياه إيران: ما سبب النقص؟ (بي بي سي)
موضوعات متعلقة
