أخبار حفل تنصيب الرئيس جو بايدن كانت قد وجدت طريقها للنشر بالكاد قبل أن يعلن بوضوح إنهاء دعم دونالد ترامب لحرب السعودية التي تجاوزت خمس سنوات ضد المتمردين المدعومين من إيران في اليمن.
بايدن وصف الصراع الجاري هناك بأنه “كارثة إنسانية واستراتيجية”.
قال إن سببه بالتأكيد هو الحصار المفروض على الموانئ الجوية والبحرية اليمنية الذي لم يمنع فقط الأسلحة من الدخول، ولكن الضروريات مثل الغذاء.
لم يشر الرئيس كثيرًا إلى اللاعب الآخر الذي يقود العنف في اليمن. لم يشر إلى إيران. لماذا؟
لأن السبب كما يقول فيليب سميث من معهد واشنطن لسياسة الشرق الأدنى، أن دعمها للمتمردين الحوثيين في اليمن كان “طريقة جيدة لضمان استمرار نزيف السعودية”.
لم يلتفت بايدن إلى الصواريخ الإيرانية تحيط السعودية من الساحل الشمالي الشرقي للخليج العربي، بينما تهددها صواريخ أخرى يسيطر عليها وكلاء طهران من الجنوب.
فاته أن الحوثيين واصلوا إطلاق صواريخ على الرياض. لكن السعودية نجحت في اعتراضها لحسن الحظ.
هنا يجب أن نذكر أنه إذا استمر شن إيران هجمات على شحنات النفط السعودية على ساحل اليمن المفتاحي على البحر الأحمر، فإن العواقب ستكون مؤكدة على العالم كله.
لكن بايدن اختار أن يتقارب مع إيران وأن يثير غضب السعودية.. تحديدًا من خلال إصدار تقرير استخباراتي رفعت عنه السرية يزج بولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان في مقتل الصحفي السعودي جمال خاشقجي عام 2018.
يقول البيت الأبيض إنه ينوي “إعادة تقويم” علاقته مع السعوديين. لكننا نعتقد أن “تشويه العلاقات” سيكون وصفًا أكثر دقة.
ولما حاول بايدن التخفيف من ميله المتهور تجاه إيران فأمر بشن غارات جوية على شاحنات الإمداد في سوريا التي تخدم الميليشيات المدعومة من طهران، كانت أصوات صريخ الديمقراط في الكونجرس أعلى من صوت صياح الملالي.
عقوبة خاشقجي | تقرير بلا دليل يرضي التقدميين .. لكن هل يحقق مصلحة أمريكا؟ | ترجمة في دقائق
دونالد ترامب كان يملك إستراتيجية: استخدم أسلحة اقتصادية بدلًا من الرصاص والقنابل لتغيير سلوك الجهات الدولية السيئة.
فرض العقوبات الاقتصادية لحمل إيران على التخلي عن خططها النووية بما دفع الجمهورية الإسلامية إلى التوسل للإغاثة، مما هدد بفضح الاستراتيجية الدبلوماسية الساذجة لعهد أوباما المتمثلة في محاولة تحقيق السلام من خلال تقديم الرشاوى.
الرئيس جو بايدن الآن يطلق سياسة خارجية قطرية بعيدًا عن السعودية وقريبة من إيران. فهل من سبب منطقي؟
من المحتمل أن يكون سبب تحول بايدن المفاجئ نحو إيران هو أكثرها بساطة: باراك أوباما.
عاش أوباما في كنف التجربة الإسلامية خلال سنوات طفولته في إندونيسيا، ومن ثم يفضل غريزيًا القيادة الإيرانية في العالم الإسلامي أكثر من النموذج السعودي.
إذا كان هناك سبب منطقي لمحور بايدن الجديد (تقاربه مع إيران)، فليس إلا كونه ينبع فقط من الاعتقاد بأن سلفه باراك أوباما – المتأثر بتجربته الإسلامية الشخصية – امتلك “فهما غريزيا” أفضل للعلاقات في الشرق الأوسط من دونالد ترامب. أي أن التغيير الدبلوماسي في الولايات المتحدة مدفوع بالتفضيلات الشخصية أكثر من احتمالات إنتاج السلام.
يرفض فريق بايدن، المحمّل بمسؤولي أوباما، الاعتراف بتفوق نهج ترامب، الذي أدى إلى اتفاقات سلام غير مسبوقة بين إسرائيل وخصومها الإقليميين في الإمارات والبحرين والسودان والمغرب.
لكننا نعتقد أن رفع الحذاء من على عنق إيران ومحاولة وضعه على رقبة السعودية لا يتعلق أبدًا بآفاق السلام، بل بالأهواء السياسية.. بمحاولة بايدن الحثيثة لمحو إرث ترامب واسترجاع إرث أوباما. وهو خيار خاطئ بلا شك.
وول ستريت جورنال: سياسة بايدن إزاء السعودية وإيران تأتي بنتائج عكسية | ترجمة في دقائق