تعود جذور الاقتتال في خلدة إلى توتر اندلع في 28 أغسطس 2020.
في منطقة خلدة المشتركة بين السنة والشيعة، علق أحد أعضاء حزب الله لافتة تحيي ذكرى عاشوراء.
اعتبرتها القبائل السنية العربية مستفزة فمزقها أحد أتباعها. ثم جرت تسويات عرفية انتهت بسببها المشكلة.
لكن أنصار حزب الله أعادوا تعليق اللافتة، ما اعتبرتها العشائر استفزازًا مقصودًا، خرجت على أثره بمسيرة شارك فيها مسلحون، رددت شعارات ضد حزب الله، الذي تدخل أنصاره، فاندلعت اشباكات مسلحة شهدت تبادل إطلاق النار بالرشاشات وإطلاق قذائف صاروخية، أوقعت قتيلين، أحدهما الصبي حسن زاهر غصن، 13 عامًا.
تدخل الجيش اللبناني واستعاد الهدوء بعد عدة ساعات. لكن القصة لم تنته.
نفى حزب الله وحركة أمل علاقتهما بالحادث. لكن عائلة غصن اتهمت أعضاء في التنظيمين بفتح النار وقتل ابنهم.
حددت العشائر العربية السنية شخصا مسؤولا في حزب الله في المنطقة، علي شبلي، وطالبت بتسليمه للسطات.
زعيم قبيلة القتيل، رياض زاهر، أبدى حينها شكه في قدرة السلطات على تقديم أي متهم من حزب الله للعدالة. قال نصًا: "نعلم أن الحكومة ستأخذهم في أحد الأبواب وتسمح لهم بالخروج من الباب الآخر"، محذرًا من أن السيناريو إن حدث، لن يترك خيارًا ألا أن "تأخذ القبيلة حقها بأيديها".
عام كامل مر. لم يسلم حزب الله المتهم، ولم تسع السلطات لتقديمه للمحاكمة.
في 31 يوليو 2021، كان المتهم الرئيسي، علي شبلي، يحضر حفل زفاف بلدة الجية جنوب بيروت. استغل شقيق القتيل، أحمد زاهر غصن، الفرصة، وأقدم على تصفية علي شبلي بنفسه، انتقامًا لمقتل شقيقه دون تقديم أي متهم للعدالة.
عائلة غصن لم تتبرأ من الحادث. أعلنت مسؤوليتها، وقالت إن ما جرى كان بالإمكان تجنبه لو قامت "سلطة الأمر الواقع" الحامية لشبلي بتسليمه للقضاء المختص، في إشارة إلى حزب الله.
جثمان شبلي ظل محاصرًا في أحد المنازل لساعات، قبل أن تتدخل القوات الأمنية الرسمية لتحريره. وخلال تشييع الجنازة، تجدد إطلاق النار، واستخدمت خلاله قذائف الآر بي جي.
يقول حزب الله إن الجنازة - التي شارك فيها مسلحون من الحزب - تعرضت لكمين متعمد. لكن القبائل السنية العربية تقول إنها فوجئت بتحرك غريب من حزب الله، الذي غير خط سير الجنازة المسلحة لتمر عبر خلدة بدلاً من التوجه جنوباً مباشرة، ثم إطلاق المشيعين النار في الهواء بشكل مكثف ومتعمد، واستفزاز القبائل بتمزيق صورة حسن غصن "قتيل 2020" وإهانة القبائل.
الاشتباك الجديد ترك عددًا من القتلى، بينهم ثلاثة من عناصر حزب الله، قالت وسائل إعلام محلية إن من بينهم منسق حزب الله في بلدة عرمون وصهر شبلي.
توسعت الاشتباكات إلى الطريق السريع الرابط بين بيروت والجنوب، فطلب الرئيس ميشال عون من قيادة الجيش اتخاذ الإجراءات الفورية لإعادة الهدوء إلى خلدة، وتوقيف مطلقي النار، وسحب المسلحين، وتأمين الطريق الدولية.
قيادة الجيش هددت بأن وحداتها المنتشرة في خلدة ستطلق النار باتجاه أي مسلح يتواجد على الطرقات في خلدة، وباتجاه أي شخص يقدم على إطلاق النار من أي مكان آخر.
لكن، رغم التحذيرات، استمر إطلاق النار المتقطع في خلدة.
حسن فضل الله، النائب عن حزب الله، قال في مقابلة مع تلفزيون الجديد، إن تنظيمه يشترط تسليم القتلة للدولة لتتولى معاقبتهم، مهددًا بأن الطائفة الشيعية "تغلي من الداخل"، وأنه لا يمكن لحزب الله السيطرة عليهم جميعًا.
وقالت الجيش اللبناني لاحقًا إن مخابراته اقتحمت منازل عدد من المطلوبين، واعتقلت رجلًا متورطًا في الهجوم على الجنازة.
في اشتباكات خلدة تتزامن أعمال العنف مع بلد متوتر أصلًا؛ إذ يواجه لبنان أزمة اقتصادية وصفها البنك الدولي بأنها واحدة من أسوأ الأزمات في العالم منذ منتصف القرن التاسع عشر.
وتكافح البلاد مع الفقر المدقع والعملة المتدهورة ونقص المواد الأساسية من الأدوية إلى الوقود.
رئيس الحكومة المكلف نجيب ميقاتي طالب باستعادة الهدوء، محذرًا من اندلاع "الفتنة الطائفية" في هذا التوقيت.
اغتيال عضو في حزب الله في حفل زفاف وهجوم على جنازة (جيروزاليوم بوست)