بحسب وكالة فرانس برس، قيرغيزستان تواجه معضلة في ما يخص أورهان إيناندي: الرجل أطلق مؤسسة تعليمية توفر أحد أفضل النظم التعليمية في البلاد، والتي تخرج منها أهم رجال الإدارة في الدولة. لكن تركيا شريك تجاري مهم منذ انهيار الاتحاد السوفيتي.
اختارت قيرغيزستان تأجيل الاختيار. لكن تركيا صعدت المواجهة في 28 يوليو 2016، بعد محاولة الانقلاب، والتي تلاها تقرير من سفارة تركيا في قيزغيرستان يقول إن جماعة الخدمة التي تطاردها أنقرة "مستقرة في جميع المؤسسات بالبلاد".
وزير خارجية تركيا مولود جاويش أوغلو، حذر السلطات القيرغيزية من أن تنظيم الخدمة الذي يقوده الداعية المنفي فتح الله غولن يحاول تنفيذ محاولة انقلاب هناك، في محاولة لإقناع السلطات بتسليم أحد أخطر أعضاء التنظيم المطلوبين في أنقرة: أورهان إيناندي.
بعد 3 أيام، رد ئيس قيرغيزستان ألمازبيك أتامباييف بتصعيد مماثل، وصف فيه تصريحات أوغلو بـ "السخيفة". تهكم قائلًا: "إن كان الأتراك أذكياء جدًا لدرجة التنبؤ بانقلاب في بلدي. فلماذا لم يلاحظوا انقلاب تركيا في الوقت المناسب؟"
أدرك أتامباييف مربط الفرس فورًا. قال إن مدارس سابات Sapat التي تتبع تنظيم الخدمة تعمل وفقًا لبرنامج التعليم المعتمد في بلاده رافضًا إغلاقها، معلنًا استمرار السماح لمؤسسها أورهان إيناندي بالعيش بحرية في قيزغيرستان.
استمرت مطالبة تركيا بتسليم أورهان إيناندي لسنوات. وكل طلب واجه نفس الرد: لن نسلمه.
في 2018، استغل أردوغان زيارته إلى قيرغيزستان لتجديد الطلب، واصفًا أورهان إيناندي بـ "ظل منظمة غولن".
وفي 2019، قطعت قيرغيزستان الطريق بشكل رسمي: "إيناندي مواطن قيرغيزي، حصل على الجنسية القيرغيزية منذ 2012. بالتالي لا مجال مطلقًا لتسليمه".
واصلت قيرغيزستان التصعيد في 2019، بدعوة إيناندي إلى مأدبة إفطار نظمها مجلس مسلمي الدولة بحضور السفير التركي جنكيز كميل فرات، لتندلع أزمة دبلوماسية.
السفير التركي وقف في قلب الحدث قائلًا: "عليكم الاختيار.. إما تركيا أو المنظمة الارهابية. بالنسبة لي انتهى هذا الأمر، لقد وضعتم الجمهورية التركية والإرهابي في نفس المكان، هذا الشخص ليس مسلمًا، عليه مغادرة المكان".
بعدها حذرت لجنة الأمن القومي في قيرغيزستان من أن منظمة إجرامية قد تختطف إيناندي وتطلب فدية.
صعدت تركيا من حملاتها ضد أعضاء منظمة غولن خارج البلاد في مايو 2021، واستطاعت القبض على صلاح الدين غولن، ابن شقيق فتح غولن في كينيا ورحلته إلى تركيا.
بنهاية نفس الشهر، اختفى أورهان إيناندي، في العاصمة القرغيزية بيشكيك، قبل أن تعثر أسرته على سيارته على بعد خمسة أميال من منزله، وجميع أبوابها مفتوحة.
اتصلت عائلته فورًا بالسلطات القرغيزية.
زوجته ريحان أورهان قالت إن ضباط المخابرات التركية يحتجزونه في مقر السفارة التركية في بيشكيك، ويعذبونه، ويسعون لإجباره على التوقيع على وثائق التخلى عن جنسيته القرغيزية.
لكن مصدرًا في السفارة التركية قال لبي بي سي إنه تنازل عن جنسيته التركية بالفعل وقت تجنسه بالجنسية القرغيزية.
تجمعت حشود أمام السفارة التركية للمطالبة بالإفراج عنه، وسدت جميع بوابات السفارة.
وبحسب ما أوردته واشنطن اكسمنير، كان لدى مسؤولي المخابرات التركية طائرة خاصة تقف في مطار بيشكيك لنقله إلى تركيا لكنهم غير قادرين على إبعاده عن السفارة بسبب الحشود.
وكالة الأنباء الفرنسية أفادت أن 300 شخص اعتصموا لمدة أسبوع أمام مدرسة أورهان إيناندي في بيشكيك، وأعلنت وزارة الداخلية في قيرغيزستان أن أكثر من ألف شرطي يعملون على العثور عليه.
ووفقًا لوكالة الأنباء القيرغيزية، أعلن خريجو مدرسة سابات الذين شاركوا في الاحتجاجات أنهم سيقدمون مليون دولار لمن يقدم معلومات حول مكان وجوده.
في حين أن تركيا طالبت بتسليم أكثر من 100 معارض منذ اختلاف أردوغان مع فتح الله غولن قبل عقد من الزمن، تظهر حالة أورهان إيناندي أن تركيا لأول مرة تسعى لخطف شخص تقول إنه لم يعد مواطنًا تركيًا من وطنه.
إردوغان أعلن في يونيو اتفاقه مع نظيره القرغيزي صدر جباروف على التهديد الذي تشكله شبكة الداعية فتح الله غولن، مدعيًا في الوقت ذاته عن معرفته بما حدث لإيناندي.
صحف روسية وصحيفة زمان التركية اتهمت تركيا بتدبير العملية بالاتفاق مع المافيا، في حين ألقت صحيفة الديلي صباح التركية التهمة على المخابرات القرغيزية.
دعت منظمة هيومن رايتس ووتش الدولية حكومة قيرغيزستان إلى ضرورة الإسراع في العثور على المدير السابق لمؤسسة “سابات” التعليمية التركية أورهان إيناندي، الذي يشك في اختطافه من قبل جهاز المخابرات التركي، كما دعا أعضاء في البرلمان الأوروبي وصحفيون أتراك بالمثل، متهمين أردوغان باختطافه.