الأمة المنهارة | بوتين يكرر رواية كتاب سقوط الاتحاد السوفيتي شبرًا بشبر | ترجمة في دقائق

الأمة المنهارة | بوتين يكرر رواية كتاب سقوط الاتحاد السوفيتي شبرًا بشبر | ترجمة في دقائق

19 Feb 2022
روسيا
رابط مختصر
للمشاركة لـ فيسبوك
حجم الخط

نقلاً عن مقالي خبير المسائل العرقية والدينية في أوراسيا بول جوبل في أوراسيا ريفيو، وأستاذ العلوم السياسية بجامعة بوسان الوطنية روبرت كيلي في 1945.


قبل شهرين، بدا الغزو الروسي لأوكرانيا وشيكًا. الآن، كل يوم يمر دون تحرك عسكري يعني أن الاحتمال منعدم.

لا علاقة للأمر بحرب التصريحات مع واشنطن وعواصم أوروبا. الطقس هو العامل الأكثر حسمًا.

بحلول مارس، تهطل أمطار الربيع، وحينها ستكون مناورة الحرب في سهل أوراسيا أكثر صعوبة، حيث ستكافح المركبات في الوحل، وستحتاج موسكو لتكاليف باهظة جدًا للحفاظ على قوة بتلك الضخامة في مواقعها مع درجة جهوزية عالية.

البرد سيرفع التكاليف أكثر. وإطعام كل هؤلاء الجنود وإيواؤهم في الميدان في معسكرات مؤقتة سيصبح أعلى مما تستطيع روسيا تحمله.

باختصار، إذا كان بوتين يريد غزو أوكرانيا فعلًا، لكان عليه أن تكون قواته هناك الآن. وطالما لم يحدث، فغالبًا لن يحدث أصلًا.

This 3-D image shows the rain and frozen precipitation areas in severe thunderstorms that generated tornadoes on March 1. Credit Credits: NASA/JAXA, Hal Pierce

الطقس الربيعي في أوراسيا

رهانات بوتين الخاطئة

تفترض معظم التحليلات الغربية أن بوتين يطبق سياسة حافة الهاوية.

مشكلة تلك التحليلات أنهم يعتبرون الرئيس الروسي معلمًا كبيرًا في السياسة الخارجية. ربما يكون هذا ممكنًا؛ فالرجل صال وجال مع الغرب منذ سنوات، ومداخلاته في السياسة الغربية تخلق قلقًا واسع النطاق.

افترضوا كذلك أن بوتين يلعب بالوقت لشراء أكثر ما يمكن أن تجلبه لغة العداوة من أوكرانيا ومن خلفها الناتو؛ باعتبار أنه لا يريد الغزو، وأن أفضل نتيجة يريدها هو إحبار الجميع على نوع من التغيير الذاتي للنظام في كييف، بتشكيل حكومة مستعدة للتخلي علنًا عن الناتو.

المشكلة هنا أن النهجين أديا لنتائج عكسية على نحو متزايد:

تحرش بوتين بأوكرانيا فشل في الغالب في تحقيق ما يمكن اعتباره سياسة حافة الهاوية؛ فالناتو موحد إلى حد ما في معارضته للغزو، وحتى في رفض الاعتراف بحق روسيا في الاعتراض على انضمام أوكرانيا إلى الناتو. حتى ألمانيا، التي كان البعض يتوقع أن تميل إلى كفة روسيا سارت ببطء في هذه الصعيد.

وبالمثل، تورط بوتين، على نحو مناقض لما أراده، في تنشيط الشعور بالقومية الأوكرانية والتميز عن روسيا.

باختصار، تقلصت خيارات بوتين بشكل متزايد إما للغزو أو الانسحاب.

وبالنظر إلى الإذلال الناتج عن الانسحاب دون تنازلات، فإن أفضل رهان بالنسبة له بات شن هجوم.

ستكسب الحرب دون نقطة دم | لماذا لن تغزو روسيا أوكرانيا بعد كل هذه التهديدات؟ | س/ج في دقائق

السقوط في المستنقع

باختصار، وضع بوتين نفسه في مأزق قد يضطره للهجوم لمجرد إظهار بأس الاتحاد الروسي، حتى لو كان الثمن سقوط الاتحاد الروسي نفسه.

بوتين يعلم أن غزو أوكرانيا سيكون خطأ فادحًا لروسيا، التي تقلصت سلطتها الوطنية كثيرًا منذ أيام “مجد” الاتحاد السوفيتي.

قلة هم الذين يجادلون في أن روسيا ستفوز في مثل هذه الحرب. فحسابات التكلفة والفوائد لا تدعم التوغل كثيرًا؛ إذ تكافح روسيا من أجل منع تحول الصراع الذي يريده بوتين حاسمًا سريعًا، إلى مستنقع لمكافحة التمرد، كما لن يجد الكثير لينفعه في مواجهة العقاب الاقتصادي العالمي واسع النطاق.

الروس يشعرون بهذا بالفعل. حتى النخبة العسكرية الروسية تشعر بعدم الارتياح الشديد للصراع المقترح؛

بينما يمتلك الجيش الروسي سلسلة إمداد صناعية محلية في الغالب، تساعده على الصمود في وجه العقوبات المفروضة عليه منذ ضم القرم في 2014،فإن الجزء الأكبر من الجيش الروسي مجندون لا يحمل سجلهم القتالي منذ بعد الحرب الباردة ما يدعو للفخر، أو يبشر بقدرتهم على مواجهة التمرد في أوكرانيا لسنوات.

فقط، تذكر هنا سلوك الجيش الأحمر في مكافحة التمرد الأفغاني في الثمانينيات.

من السهل حينها أن ترى المجندين الروس غير الراضين يتوقون للعودة إلى ديارهم وهم ينزلقون إلى نفس الشعور بالضيق من عدم الاهتمام ورد الفعل المبالغ فيه في أوكرانيا.

التصعيد الروسي على حدود أوكرانيا.. هل يمكن أن يؤدي إلى حرب كبرى؟| س/ج في دقائق

الكبار يملكون رفاهية الغباء.. روسيا لا

يمكن للقوى العظمى أن تحافظ على “حروب بلا نهاية متوقعة” لبعض الوقت.

قاتل الأمريكيون في فيتنام وأفغانستان لأكثر من عقد، كما فعل الفرنسيون لسنوات في فيتنام والجزائر. ختى حرب الجيش الأحمر في أفغانستان استمرت 10 سنوات.

كانت هذه صراعات حمقاء، لكن رفاهية الغباء يمكن أن تستمر إذا كانت الموارد الوطنية موجودة لدعم إصرار غير شرعي من القيادة على خوض صراعات لا يمكن كسبها.

روسيا لديها تلك القيادة الجريئة المتشددة، لكن ليس لديها الموارد – ليس بعد الآن.

مع وجود اقتصاد فاسد يعتمد على موارد أصغر من اقتصاد كوريا الجنوبية ، يمكن أن يتحول الغزو بسهولة إلى حرب أبدية قد تضرب ارتداداتها نظام بوتين الفاسد في الداخل.

الإيكونوميست: روسيا لم تعد قوة عالمية.. باتت مجرد تابع ضعيف ومستسلم للصين | س/ج في دقائق

سقوط روسيا بوتين

“غزو ​​روسي واسع النطاق لأوكرانيا سيعني نهاية النظام الروسي الحالي. احتمال حدوث مثل هذه النتيجة أكبر بكثير من مخاطر سقوط آل رومانوف بدخول الإمبراطورية الروسية في الحرب العالمية الأولى”..

تلك العبارة لم تكن تهديدًا غربيًا هذه المرة، بل تحذير من فلاديسلاف أينوزيمتسيف، مدير مركز دراسات المجتمعات ما بعد الصناعية في موسكو نفسها.

أينوزيمتسيف يرى أن بوتين سيكون حذرًا للغاية قبل اتخاذ خطوة مكلفة كتلك. ليس فقط بسبب العزلة التي تهدد بها عواصم غربية موسكو، بل لأنه سيتحمل تكاليف بشرية باهظة إن أقدم على الغزو.

صحيح أن الروسي يحاول جاهدًا توسيع دائرة نفوذه، لكنه يخشى أنه حتى خطوة أبسط كضم بيلاروسيا إلى ولاية موسكو ستؤدي إلى انفجار اجتماعي في بيلاروسيا “أكثر ضخامة وحسمًا” من ذلك الذي حدث في أغسطس 2021 بعد فضيحة الانتخابات الرئاسية.

كبير الأيديولوجيين السابقين في الكرملين: روسيا إما تتمدد أو تموت.. لماذا هذا خطير؟ | ترجمة في دقائق

خيارات السوفييت الخاطئة

في مقاله المهم، أورد أينوزيمتسيف عدة ملاحظات عن تاريخ سقوط الاتحاد السوفيتي، افترض أن بوتين بحاجة لمراجعتها جيدًا قبل التفكير في خطواته المقبلة:

1- لو تبني الاتحاد السوفيتي خطة الحكم الذاتي لستالين بدلًا من برنامج لينين الفيدرالي، لكان “طلاق” روسيا مع الجمهوريات الأخرى في أوائل التسعينيات مليئًا بالصراعات والحروب على طول حدودها.

حينها، من المؤكد أن أراضي روسيا الحالية كانت لتصبح أصغر مما هي عليه الآن.

2- بحلول السبعينيات، واجهت القيادة السوفيتية خيارين: عدم القيام بأي شيء، أو تنفيذ إصلاحات جذرية. لو تبنت الخيار الأول، لكان الاتحاد السوفيتي استمر لفترة أطول مما فعل؛ ففي حين أن الاتحاد وصل لحالة من عدم الفعالية، فإنه كان قويًا بما يكفي للبقاء حيًا.

3- ميخائيل جورباتشوف ارتكب “خطأين أساسيين”: افترض أن الاتحاد السوفييتي “دولة عادية ذات نظام قانوني” بينما لم يكن كذلك. وكان مقتنعًا بأن “مسألة الجنسية” لم تكن موجودة في الاتحاد السوفييتي، بدرجة لم يكن يشك معها حتى في إمكانية حدوث صراعات عرقية هناك.

4- لو أخذت موسكو احتجاجات ديسمبر 1986 في كازاخستان على محمل الجد، لكان بإمكانها التحرك نحو اللامركزية وإنشاء نظام فيدرالي من الممكن أن يستمر لفترة أطول. لكن الكرملين لم يفعل. والنتيجة أن الاتحاد السوفييتي تفكك بعد 5 سنوات.

5- لم يكن من الممكن أن تظل دول البلطيق داخل الاتحاد السوفيتتي بأي شكل. لكن كان من الممكن إدارة خروجها بطريقة من شأنها أن تحد من تأثيرها على بقية البلاد. كان من الممكن السماح لها بأن تصبح ديمقراطيات اشتراكية مثل تلك الموجودة في أوروبا الشرقية، ومن ثم السماح لها بأن تصبح ديمقراطيات حقيقية مندمجة في الغرب في 1989.

6- التهديدات الانفصالية موجودة بالفعل في الاتحاد الروسي. لكن لا ينبغي المبالغة فيها. المطالب العادية بالاعتراف بالوضع الرسمي للغات القومية والسماح بتعليمها، أو السماح لقادة المجموعات بتسمية أنفسهم رؤساء وما إلى ذلك، لا علاقة لها بالنزعة الانفصالية.

لكن رفض طلباتهم يمكن أن تثير النزعة الانفصالية.

رابط مختصر
للمشاركة لـ فيسبوك

موضوعات متعلقة

التعليقات (0)

يجب عليك .. تسجيل الدخول أو التسجيل لتتمكن من التعليق.

تعليقات الفيسبوك