بعد وفاة الرئيس عبد السلام عارف، تولّى الحُكم أخوه عبد الرحمن، الذي حكم بالتزامن مع نكسة 1967، التي قصفت فيه طائرات إسرائيلية عددًا من القواعد العراقية,
لكن عبد الرحمن بقي مسالمًا رغم المظاهرات المطالبة بإسقاط نظامه، وامتنع عن التوقيع على عقوبات بالإعدام.
استغل البعث الفرصة فتحالف مع رئيس المخابرات العسكرية عبد الرازق النايف، وقائد الحرس الجمهوري إبراهيم الداوود، اللذين سيطرت قواتهما دون مقاومة على القصر الجمهوري في 17 يوليو 1968، بمشاركة بعض شباب البعث المتحمسين الذين تمرّنوا على قيادة الدبابات..
على رأس "مجموعة الدبابات" البعثية كان الشاب صدام حسين، الذي نشط بدة قبل قيام الثورة، ووضع يده على أغلب صلاحيات الحزب المهمة، خاصة المتعلقة بالنواحي الأمنية.
بعد 13 يومًا فقط، أطاح البعثيون بالنايف والداود، باعتبارهما أقوى رجلين في العراق حينها. ووضعوا أحمد حسن البكر على رأس السلطة.
منذ الأيام الأولى، اتّضح كم الثقة التي يوليها البكر للشاب صدام حسين، الذي كان ابن قريته، فكان يصطحبه معها أينما ذهب، ويُعرّفه على كبار المسؤولين وعلى وزراء العهد الجديد، قبل أن يصدر قرارًا مفاجئًا بتعيين صدام حسين نائبًا له رغم كثرة الكوادر البعثية التي تفوقه سنًا وخبرة، فيما يبرره الجنرال نزار الخزرجي في مذكراته بأن البكر لم يفضل تلميع أحد القادة العسكريين أو الحزبيين الكبار الذين سيُسارعون بالانقلاب عليه إن امتلكوا السُلطة الكافية.
أبرز منافسي صدام على المنصب كان القيادي البعثي صالح عماش، الذي أرسله البكر إلى الأردن، قبل أن يقصه من كافة مناصبه الحزبية، لتخلو الساحة تمامًا لصدام.
أسس صدام حسين فورًا العديد من المكاتب الاستشارية الفنية التابعة له، والتي قامت بعملٍ موازٍ للوزارات بل وأكثر أحيانًا، من دون صفة رسمية، إلا انتسابها لصدام حسين.
نجح صدام تدريجيًا في تنصيب أقاربه على رأس كافة الأجهزة الحساسة في الاقتصاد والإعلام والأمن.
أدرك البكر الموقف، وحاول تقديم الاستقالة في لقاء مع القيادي البعثي صلاح عمر العلي، الذي رد عليه: لا أنت تستطيع الاستقالة ولا أنا استطيع. إننا أسرى عند صدام”.
يضيف العلي أن البكر لم يعد يجرؤ على التحدث عن صدام بشكل سلبي لا في مكتبه ولا في منزله خوفاً من ان تكون للجدران آذان”.
لكن خطة صدام حسين باتت مهددة بالضياع عندما اتفق البكر مع الرئيس السوري حافظ الأسد على إقامة دولة اتّحادية بعثية يقودها البكر وينوبه الأسد، فسارع صدام بالانقلاب على البكر.
حاصر صدام البكر في بيت خاله خير الله طلفاح، وطلب منه التنحي. رفض البكر واشتعل الموقف فأطلق هيثم، ابن البكر، رصاصة أصابت عدنان خير الله.
وبشهادة جواد هاشم، أخبر صدام البكر أنه لم يعد يمتلك أي سند في الجيش، ولا أجهزة المخابرات، ولا حتى الحرس الجمهوري. وهنا وافق على إعلان التنحي.
وفي 17 يوليو 1979م، أعلنت صُحف العراق الرسمية تنحي البكر لأسبابٍ صحية، ليُحقق صدام حلمه أخيرًا ويُصبح الرجل الأول في العراق.
منذ هذا التاريخ، عاش البكر حبيس منزله حتى مات دون أي ذكر رسمي.
أما صدام حسين، فبدأ عهده بمؤتمر شهير أعلن فيه أن حافظ الأسد خطّط للانقلاب عليه واتّخذها ذريعة للانتقام من كل أعوان البكر الذين خططوا للوحدة مع سوريا، لتكون أنسب بداية لعهد صدام.
الحرب العراقية- الإيرانية 1980-1988: مذكرات مقاتل، نزار الخزرجي (كتاب)
مذكرات شاهد على ثلاثة عهود من حكم العراق، زكي جميل حافظ (كتاب)
قيادي سابق في “البعث” العراقي يكشف لـRT أسرار انقلاب صدام على البكر وتخريب الوحدة مع سوريا!
بعث العراق وسوريا… صراع الإخوة الأعداء
لماذا أطلق هيثم البكر رصاصة لتصيب يد عدنان خير الله؟
صدام حسين الصعود الغريب واللغز المحير