نصف المدة المقدرة لتنفيذ رؤية السعودية 2030 على الأبواب . أعلنها ولي العهد محمد بن سلمان في 2016. وينتصف الطريق في ٢٠٢٣، فهل ما تحقق حتى الآن يؤشر بإكمال الخطة في موعدها؟
التحول الاقتصادي في السعودية تصفه دويتشه فيله الألمانية بأنه من المفترض أن يحولها من “مملكة النفط إلى منحدرات التزلج، وهذا يحتاج للتعافي أولًا من “إدمان النفط”.
2022 كان مهمًا؛ إذ بدأت حرب أوكرانيا، ومعها استفادت السعودية – أكبر منتجي النفط في العالم – من ارتفاع أسعار الوقود.
لكن السعودية تدرك جيدًا أن الوضع لن يدوم. وهذا ينقلنا للنقطة التالية: كيف يمكن للسعودية أن تدير ملف تحسين العلاقات مع الغرب أملًا في تخفيض الأسعار لصالح الرؤية نفسها؟
س/ج في دقائق
سؤال البداية: لماذا رؤية السعودية 2030؟
دول الخليج عمومًا قلقة بشأن استدامة عائداتها من الهيدروكربونات لعقود.
على المدى الطويل، ستنفد احتياطيات النفط والغاز في النهاية.
على المدى المتوسط، من المتوقع أن تنخفض إيرادات النفط في مواجهة انخفاض الطلب العالمي بدءًا من حوالي 2040، إن لم يكن قبل ذلك، إثر الاندفاع العالمي نحو زيادة الطلب على الطاقة المتجددة والتحسينات في كفاءة الطاقة والتخزين.
على المدى القصير، قدر صندوق النقد الدول أنه ما لم تنفذ دول الخليج إصلاحات مالية واقتصادية كبيرة، فإنها ستستنزف ثروتها المحفوظة بحلول 2034.
لذلك، قررت السعودية – ضمن توجه خليجي عام – إعادة استثمار الأصول المالية المتراكمة على مدى عقود عبر صناديق الثروة السيادية؛ سعيًا للتعافي من إدمان النفط، وتنويع اقتصاداتها من خلال تطوير قطاعات إنتاجية خارج قطاع النفط والغاز، أملًا في تحقيق “استدامة الثروة”.
كيف لعبت حرب أوكرانيا دورين متناقضين فيما يخص السعودية؟
باعتبارها أكبر منتجي النفط في العالم، استفادت السعودية من ارتفاع أسعار الوقود بعد الحرب.. هذا أولًا.
تغير أسعار النفط منذ 2015 وحتى الآن
ثانيًا: الحاجة الملحة لخفض الأسعار تعني أيضًا أن الدول الغربية باتت تسعى إلى علاقة أفضل مع السعودية؛ باعتبارها اللاعب الرئيسي القادر على زيادة الإنتاج سريعًا.
ضمن نتائج ذلك، زيارة الرئيس الأمريكي جو بايدن إلى جدة، رغم تعهداته المتكررة بتحويلها إلى “دولة منبوذة.
بالمقابل، سرعت الحرب خطط التحول إلى الطاقة المتجددة. الاتحاد الأوروبي مثلًا يخطط لرفع مساهمتها في إمدادات الطاقة إلى 45% بحلول 2030.
الخطة أساسًا تستهدف تحرير الغرب من الاعتماد على منتجي الوقود الأحفوري، خصوصًا السعودية وروسيا. بالتالي، باتت الرياض ملزمة كذلك بتسريع خطط التعافي من إدمان النفط.
تحاول استراتيجية السعودية الكبرى “رؤية 2030” تسريع التعافي من إدمان النفط.
تتضمن الإستراتيجية “كل شيء”، بداية مما تصفه دويشته فيله بـ “مخططات أقرب للخيال” لبناء مدينة نيوم ، الأكبر من نيويورك بـ 33 مرة، مع منتجع Trojena للتزلج، وأطول المباني في العالم، إلى خطط أكثر قابلية للإدارة، مثل تحسين سهولة ممارسة الأعمال التجارية، وترشيد الخدمات الحكومية وتعزيز السياحة الدينية.
ومع انتصاف مدة التنفيذ، يقول الموقع الألماني إن السعودية حققت “خطوات كبيرة” في التنفيذ. بداية من نمو الصادرات غير النفطية 29٪ خلال الأشهر الثلاثة الأولى من 2022، لتسجل 21 مليار دولار، وصولًا إلى تحسين ترتيبها في مؤشر تنمية السفر والسياحة لتحل 33 بدلًا من 43 عالميًا.
خبير التنمية الاقتصادية في مجلس الشرق الأوسط للشؤون العالمية نادر قباني، يقول إن معظم دول الخليج تتقدم في جهود التنويع بوتيرة أسرع مما كانت عليه في العقود السابقة. لكن السعودية حصوصًا “قطعت أشواطا كبيرة”.
وبينما انخفضت حصة دخل النفط من إجمالي الناتج الإجمالي المحلي السعودي، توقع البنك الدولي استمرار الأنشطة غير النفطة في النمو بمتوسط 3.2% سنويًا.
بحسب خبراء غربيين، لا يزال معرفة مدى نجاح رؤية 2030 “سابقًا لأوانه”.
مدى ما تحقق بالفعل مختلف عليه. كبير اقتصاديي إليانز تريد، مانفريد ستامر، يقول إن التحولات التي حققتها السعودية لم نكن كافية مقارنة بالهدف النهائي.
بالتالي، فتحقيق جميع الأهداف في 2030 “لا يبدو واقعيًا”.
أما خبير أمن الطاقة أمود شكري، فيقول إن السعودية تبدو قادرة على تنفيذ ما يخصها، استفادت من ارتفاع أسعار النفط. لكن المشروعات الأكثر طموحًا، والتي تكلف عدة مليارات، مثل مدينة نيوم تتطلب استثمارات من الخارج وتكنولوجيا أجنبية.
خطوة خارجية: ماذا تحتاج السعودية لإكمال كسر دائرة إدمان النفط؟
وفق محللين، تحتاج السعودية للاستفادة من الزخم العالمي الحالي الناتج عن محاولة القوى العالمية تحسين العلاقات مع الرياض لتخفيض أسعار النفط، في جلب المزيد من الاستثمارات الأجنبية.
بين 2016 و2021، انخفض الاستثمار الأجنبي المباشر في المملكة العربية السعودية إلى النصف تقريبًا، قبل أن يعاود الانتعاش بنهاية العام. هذا يحتاج لمزيد من الاستمرارية والتحسين. هذا لا يفترض أن يشمل الاستثمار الأجنبي المدار باموال حكومية سعودية، كما في حالة مصنع لوسيد إير الجديد مثلًا.
الأخرى داخلية: ماذا ينقص خطط السعودية لتحقيق الهدف؟
تحتاج السعودية لتأهيل مواطنيها للمستقبل غير النفطي، بما يشمل المزيد من تحسين بيئة الأعمال، وإزالة الحواجز أمام تنمية القطاع الخاص، ودعم ظهور الصناعات التنافسية التي يمكن أن تخلق وظائف منتجة وذات رواتب عالية.
باختصار: تحتاج السعودية إلى كسر الدورة المدعومة بأموال النفط؛ أي الخروج من اعتماد الكثير من الأنشطة غير النفطية في البلاد على أموال النفط نفسه.