سي إن إن تنشر، بناء على صور أقمار صناعية وتسريبات استخباراتية، ما وصفته بانفراد يظهر أن السعودية تصنع الصواريخ البالستية بالتعاون مع الصين.
أهمية الخبر مرتبط بشقين، علاقة السعودية بالولايات المتحدة من جهة والصين من جهة أخرى، ولكن بشكل أكبر، علاقة هذا بملف الصواريخ البالستية الإيرانية. التي حاولت السعودية في الماضي دون جدوى حث إدارة أوباما على إدراجها ضمن المفاوضات مع إيران.
سي إن إن ترى أن التسريبات ستحرج جون بايدن، لأنه سيكون مطالبا باتخاذ إجراءات ضد السعودية.
على الجانب الآخر، رئيس التحرير السابق لصحيفة الشرق الأوسط السعودية، طارق الحميد، يرى أن الأهم في خبر سي إن إن أنه تجاهل دوافع السعودية لاتخاذ الخطوات الكفيلة بالدفاع عن نفسها، بعد أن فشلت واشطن في رد خطر إيران.
س/ج في دقائق
ما أدلة سي إن إن عن تصنيع الصواريخ الباليستية في السعودية مؤخرًا؟
نشرت سي إن إن صور أقمار صناعية وتقييمات استخباراتية أمريكية تشير لتصنيع صواريخ باليستية محليًا في موقع أسسته السعودية بمساعدة الصين.
ورصدت الصور، الملتقطة بين 26 أكتوبر و 9 نوفمبر، عملية حرق بمنشأة قرب محافظة الدوادمي بما اعتبرها باحثو معهد ميدلبري “دليلًا لا لبس فيه” على أن المنشأة تعمل لإنتاج الصواريخ الباليستية.
خبير الأسلحة جيفري لويس قال إن “الحرق علامة قوية على صب محركات صاروخية صلبة؛ إذ تحتوي منشآت إنتاج القذائف التي تعمل بالوقود الصلب على حفر حرق للتخلص من بقايا الوقود عن طريق الاحتراق”.
لا. كل التفاصيل حول الصواريخ الباليستية التي تبنيها السعودية مجهولة، وبينها المدى والحمولة.
المعلومة الوحيدة، وفق التقييمات الاستخباراتية الأمريكية، أن السعودية اشترت مؤخرًا “تكنولوجيا حساسة” من الصين. بالتالي، لا تستبعد التقارير أن يكون التصميم صينيًا.
لكن، حتى تلك المعلومة ليست مؤكدة كليًا؛ لأن السعودية بحثت عن دول أخرى للمساعدة في تطوير برنامج الصواريخ الباليستية في السنوات الأخيرة.
هل لدى السعودية دوافع لتصنيع الصواريخ البالستية محليا؟
وجدت السعودية نفسها عرضة دائمة لهجمات الصواريخ الباليستية الإيرانية من اليمن وأماكن أخرى،
ولم تخف رؤيتها بأن المجتمع الدولي عجز عن تقليص الخطر الذي يهدد أهم خطوط إمداد الوقود عالميًا.
الأمور ساءت بوصول جو بايدن، ليس فقط بتعطيل صفقات تسليح كانت موجهة إلى السعودية والإمارات، بل بسحب قدرات أمريكية، بينها بطاريات باتريوت من السعودية. وبرفع جماعة الحوثيين من القائمة الأمريكية للجماعات الإرهابية.
كذلك، لا تجد السعودية أية ضمانات لانخراط دولي في مكافحة الصواريخ الباليستية الإيرانية مع استبعادها من الجهود الدبلوماسية للتفاوض حول إعادة إحياء برنامج إيران النووي.
لذلك، يفترض مراقبون أن تطوير الصواريخ الباليستية في السعودية – إن صح – فغرضه إجبار اللاعبين الدوليين على إشراكها في أي ترتيبات إقليمية جديدة، وعلى توسيع شروط الاتفاق النووي ليشمل قيودًا على تكنولوجيا الصواريخ الإيرانية.
هل اعترفت السعودية أو الصين بتصنيع الصواريخ الباليستية محليًا؟
لا إعلانات رسمية. لكن، لا نفي كذلك.
الخارجية الصينية قالت إن البلدين “شريكان استراتيجيان شاملان، يحافظان على تعاون ودي في كل المجالات، وبينها التجارة العسكرية” واعتبرت أن “مثل هذا التعاون لا ينتهك أي قانون دولي، ولا ينطوي على انتشار أسلحة الدمار الشامل”.
سي إن إن ترى أنه يضع إدارة بايدن في حرج، حيث يفاوض الإيرانيين على العودة إلى الاتفاق النووي، ويواجه ضغوطا لضم ملف الصواريخ البالستية. لكنه لن يستطيع فعل ذلك الآن إلا لو اتخذ إجراءات ضد السعودية.
في مقاله “صواريخ سي إن إن”، عبر رئيس تحرير الشرق الأوسط السابق، السعودي طارق الحميد، عن وجهة نظر مقابلة.
اعتبر الحميد التقرير جزءًا من “الصواريخ الإعلامية التشويشية” من منصات بينها سي إن إن، واصفًا التقرير بـ “المضلل” باعتباره تجاهل أن “السعودية تقوم بجهد دفاعي لا هجومي”،
ومن ثم وضع التقرير في سياق هدفه تخفيف الضغط الدولي على الإدارة الأميريكة لضرورة التشدد حيال الصواريخ الباليستية الإيرانية، والإيحاء بأن إيران ليست وحدها التي تصنع تلك الصواريخ، وإنما السعودية أيضًا.
لكنه يرى أن خطة السعودية تصنيع الصواريخ الباليستية بمساعدة الصين بمثابة “خبر جيد للسعوديين” الذين بات أمنهم بأيديهم تجاه الصواريخ الباليستية التي تستهدف أراضي السعودية من إيران عبر الحوثيين.
وهل تصنيع السعودية للصواريخ أزمة لجو بايدن؟
تفترض سي إن إن أن الكشف سيعقد سياسة جو بايدن خارجيًا وداخليًا؛ أولًا: لأن الصين طرف، بينما تحاول إدارة بايدن تحديد أولويات سياساتها القصوى مع بكين.
داخليًا، تسربت أخبار انخراط الصين في مساعدة السعودية في ملف الصواريخ الباليستية لأول مرة في 2019. حينها، اتهم الديمقراط ترامب بالتساهل تجاه السعودية. ماذا سيفعل بايدن؟ بينما تنقل سي إن إن عن مصادرها إن “البيت الأبيض ليس مستعدًا لمعاقبة السعودية”.
لكن، على جانب آخر، ستزيد الضغوط على بايدن بشأن تخليه عن حلفاء أمريكا في الشرق الأوسط.
السفير الأمريكي السابق لدى البحرين آدم إيرلي غرد: “جيد للسعودية أن تأخذ الأمور بيديها، لا يمكن أن تعتمد على الولايات المتحدة. ربما لو كانت لدينا سياسة متماسكة في الشرق الأوسط ومتسقة وعاملنا الحلفاء باحترام، فلن يحدث هذا”.
Good for #SaudiArabia. Taking matters into its own hands, b/c can't rely on #USA. Perhaps if we had a coherent, consistent #MiddleEast policy and treated allies with respect, this wouldn't be happening. https://t.co/BjsTSzOvjU