مكالمة هاتفية جمعت ملك السعودية سلمان بن عبد العزيز بالرئيس الأمريكي جو بايدن في 10 فبراير 2020 تقول إنترسبت إن إدارة الديمقراط حاولت خلالها تصحيح مسار علاقاتها مع السعودية جزئيًا.
بحسب بيان البيت الأبيض، أكد بايدن استعداد الولايات المتحدة لمساعدة السعودية في عملياتها الدفاعية ضد الحوثيين في اليمن.. هذا الجزء يحمل تغيير موقف بعدما جمد بايدن نفسه مبيعات السلاح بمجرد وصوله إلى منصبه.
لكن الشيطان كامن في تفاصيل الجزء الثاني من البيان؛
فبينما قال المكتب البيضاوي إن الزعيمين ناقشا إنتاج السعودية من النفط، وأكدا التزامهما بضمان استقرار إمدادات الطاقة العالمية، استخدم البيان السعودي لغة مختلفة؛ إذ نقل تشديد الملك سلمان على دور اتفاقية أوبك بلس التاريخية وأهمية الحفاظ عليها، وهو ما لم يرد في البيان الأمريكي.
فماذا يعني اختلاف البيانين؟
وكيف يحمل البيان السعودي رفض الرياض لطلب بايدن من الأساس؟
ولماذا تصر السعودية على رفض طلب بايدن؟
س/ج في دقائق
ماذا يعني تشديد بيان السعودية على اتفاقية أوبك بلس التاريخية؟
اتفاقية أوبك بلس هي باختصار الترتيب الذي يحدد بموجبه كبار منتجي الطاقة في العالم أسعار النفط.
ويقول الخبراء إن تشديد بيان السعودية على التمسك ببنود اتفاقية أوبك بلس – والذي تمارس السعودية نفوذًا كبيرًا من خلالها باعتبارها أكبر منتجي النفط – هو إشارة جديدة إلى رفض الرياض مرة أخرى طب بايدن لزيادة الإنتاج، بعد رفضه طلبه الأول في أغسطس 2021.
وبعد وقت قصير من المكالمة، عزت وكالة الطاقة الدولية ارتفاع الأسعار إلى رفض السعودية زيادة الإنتاج.
إيلين والد، الزميلة في أتلانتيك كاونسل، قالت إن البيت الأبيض حاول الضغط من أجل زيادة الإنتاج، لكن السعودية ردت بأنها لن تخرج عن حدود التزاماتها تجاه أوبك بلس.
الولايات المتحدة تتجه نحو انتخابات التجديد النصفي للكونجرس والتي تخشى إدارة بايدن من تبعات احتمال خسارتها على خطط الإدارة، مع تهديد الرئيس السابق دونالد ترامب بملاحقة بايدن إن فاز الجمهوريون في الانتخابات.
قبل الوصول إلى هذا المشهد، وصلت أسعار الطاقة إلى أعلى مستوياتها منذ سبع سنوات. وهذا المتغير يصيب الديمقراط بقلق شديد، دفع البيت الأبيض وكبار مشرعي الحزب للتفكير في الإعفاء من الضريبة الفيدرالية.
ويخشى الديمقراط من أن تمسك السعودية بموقفها يعني ارتفاع الأسعار أكثر، وبالتالي التأثير على قرار الناخبين في أحد أهم الانتخابات الأمريكية في السنوات الأخيرة.
المثال الأكثر شهرة على تأثير أسعار النفط على الانتخابات الأمريكية، كان أزمة 1979، عندما تباطأ إنتاج النفط في أعقاب الثورة الإيرانية، فارتفعت أسعار الوقود، ليخسر الرئيس جيمي كارتر محاولة إعادة انتخابه.
لذلك، قال متحدث باسم الإدارة الأمريكية إن بايدن أخبر السعوديين أن زيادة الإنتاج الآن مهم، وخصوصًا وسط حالة عدم الاستقرار الجيوسياسي.
هل المشكلة في أوبك بلس فعلًا؟
لا، على ما يبدو.
يقول خبراء إن السعودية تملك تعديل خطط المجموعة، أو اللجوء لخطط بديلة يمكنها خفض أسعار النفط إن أرادت مساعدة بايدن.
سمير مدني، محلل النفط السعودي والمؤسس المشارك لشركة تانكر تراكرز، يقول إن أوبك بلس لا تمنع السعودية مثلًا من تصدير كميات أكبر من النفط المنتج فعلًا إلى الولايات المتحدة، إن أرادوا.
وكانت السعودية استجابت لطلب مماثل من ترامب، حيث زادت إنتاج النفط قبيل انتخابات التجديد النصفي 2018، ثم قللته عندما طلب مرة أخرى لحماية صناعة النفط الصخري المحلية.
ترفض السعودية طلبات بايدن لأسباب، أهمها موقفه “العدائي” من السعودية منذ وصل منصبه، ومنها أنه لم يجتمع مباشرة مع ولي العهد محمد بن سلمان لبحث إنتاج النفط، وموقفه من حرب اليمن، والمفاوضات مع إيران.
لذلك قال أحد كبار أعضاء الكونجرس الديمقراط، لصحيفة إنترسبت، إن رفض السعوديين زيادة الإنتاج يعتبر “عقوبات اقتصادية” على الولايات المتحدة.
سيكون أمام بايدن طريقان: طريق سريع وطريق يحتاج وقتا.
السريع، عرضته تريتا بارسي، نائبة الرئيس التنفيذي لمعهد كوينسي، عبر رفع العقوبات عن إيران، للاعتماد عليها نفطيًا، لتحقق قيمة الزيادة المطلوبة التي يحتاجها.
أما الطريق الطويل لحل الأزمة، فسيكون التوجه للاستثمار في الطاقة المتجددة، ولذلك قال بايدن في أكتوبر الماضي: “الجواب في نهاية المطاف، يعني في النهاية أن علينا الاستثمار في الطاقة المتجددة في السنوات الثلاث أو الأربع المقبلة”.
موضوعات متعلقة
نسخة للطباعة
