امتلكت مصر القديمة أقدم "جهاز ضرائب" عرفه التاريخ. فحسبما ورد في الكتاب المقدّس أن المملكة المصرية فرضت الضرائب على مواطنيها منذ نحو 3 آلاف عام.
في هذا الوقت، كانت الضرائب تُحصّل "عينيًا" لأن النقود لم تكن متوفّرة بالشكل الذي نعرفه الآن، فكان موظفو الدولة يمرّون على الحقول ويأخذون نسبة من المحاصيل ثم يودعونها لاحقًا في خزائن الحكم.
لجمع الضرائب بدقة، أسّس ملك مصر جهازًا إداريًّا دقيقًا يقوده وزير ويخضع له جماعة من الموظفين.عُرف هؤلاء الموظفون بـ"الكَتَبة"، وحظوا بمكانة اجتماعية كبيرة في المجتمع، وبحسب وصف إحدى البرديات فإن "الكاتب متقدّم على الجميع".
لم يكن الكتبة الفئة الوحيدة التي مكّنتها الضرائب من نيل مكانة كُبرى بين المصريين، وإنما أيضًا الكهنة.
حظي الكهنة بِاستثناء من دفع الضرائب على أراضيهم ومحاصيلهم، وهو ما سمح لهم بجمع قدرٍ كبيرٍ من الثروة، مكّنتهم من ترسيخ وجودهم في المجتمع، وتكوين "مركز قوى" استطاعت مناوءة سُلطة الملك في بعض الأوقات.
خلال حديثه عن مصر، أشار هيرودوت إلى هذا الأمر بقوله إن المعبد الكبير لعبادة آمون في الكرنك يحوز سُلطة تضاهي سُلطة الملك نفسه.
بشكلٍ عام، رفضت بلاد اليونان مبدأ الضرائب المباشرة، واعتبرتها منافية لـ"حرية الفرد"، وفضلوا فرض ضرائب غير مباشرة (رسوم) على الأنشطة التجارية واستخدام المرافق.
أما الاستثناءات النادرة التي اضطرت فيها أثينا إلى فرض ضريبة على بعض مواطنيها، فكانت على الفئات الدنيا كالعبيد والبغايا.
المفارقة، أن بلاد اليونان حينما توحّدت تحت راية الإسكندر وتمدّدت سُلطاتها إلى الخارج وأصبحت إمبراطورية ضخمة، لم تُطبق ذات المبدأ على "الشعوب المغلوبة".
في مصر مثلاً، فرض الحكام البطالمة اليونانيون الضرائب الباهظة بحقِّ المصريين لدرجة دفعت المصريين إلى الثورة أكثر من مرة.
وهو ما دفع الملك "بطليموس الخامس" إلى تخفيف الضرائب على المواطنين، وهي الخطوة التي ردَّ عليها الكهنة برسالة شُكر نقشوها على الحجر بثلاث لغات، هي: الهيروغليفية والديموطيقية واليونانية، هذه الرسالة نعرفها اليوم بِاسم "حجر رشيد".
تمامًا مثل اليونانيين، آمَن الرومان بأن الضرائب المباشرة هي قيد على الحرية الإنسانية، لكنهم لاحقًا أقرّوها على الشعوب التي خضعت لهم.
وفي أواخر عهد الإمبراطورية الرومانية، فرض القياصرة الضرائب على الرومان أنفسهم، وهي الظاهرة التي تفاقمت كلما ساءت الأحوال الاقتصادية للدولة.
منذ القرن الخامس الميلادي، كثرت أعمال الشغب التي يُمارسها المزارعون ضد جمع الضرائب.
من فرط الظُلم الذي وقع على الفلاحين، لم يأنفوا من مساعدة القبائل الجرمانية على غزو روما، وهو ما دفع العديد من المؤرخين لاعتبار أن روما هي إمبراطورية "أسقطتها الضرائب".
في عام 1756م، أقرّ البرلمان البريطاني فرْض ضرائب باهظة على المستعمرات الإنجليزية في أمريكا الشمالية (الولايات المتحدة الآن)، لتعويض خسائرها من حروبها في فرنسا.
رفضت أغلب المستعمرات الإنجليزية هذا القرار رافعةً شعار "لا ضرائب بدون تمثيل"، واندلعت موجة احتجاجات رفض الأمريكيون بموجها دفع أي ضرائب يقرّها البرلمان البريطاني طالما أن المستعمرات لم تُمثّل فيه بأي نائب.
تراجعت الحكومة البريطانية عن إقرار تلك الضرائب، إلا أن نجاح تلك الحركة الاحتجاجية خلق أول بذور "القومية الأمريكية".
ولاحقًا أصبح عدد من قادة هذه الاحتجاجات، مثل: جونهانكوك وصموئيل آدامز، الآباء المؤسسين لأمريكا، الذين خاضوا حرب الاستقلال عن بريطانيا.
الضرائب أسقطت الإمبراطورية الرومانية (إنسايدر)
الضرائب الرومانية (رومان هيستوري)
تاريخ مختصر للضرائب (أون لاين بيزنس)
مقدمة للتاريخ الفرعوني (أركيولوجي)
الضرائب عند المصريين القدماء (وورلد هيستوري)