ريفيو Tenet | رصاصة في اتجاهين بين عقيدة بوند وتعقيد نولان | حاتم منصور

ريفيو Tenet | رصاصة في اتجاهين بين عقيدة بوند وتعقيد نولان | حاتم منصور

27 Aug 2020
حاتم منصور
سينما عالمية
رابط مختصر
للمشاركة لـ فيسبوك
حجم الخط

أشياء عديدة انتظرها الجمهور منذ التقارير الأولى عن صناعة فيلم عقيدة Tenet للمؤلف والمخرج كريستوفر نولان وتصنيفه كمشروع أكشن وخيال علمي.

منها مثلًا أن يحتوي Tenet على مشاهد أكشن ضخمة ومبهرة تليق بشاشات السينما العملاقة، ولا تعتمد على مدرسة الجرافيك السائدة حاليًا في هوليود، وأن تلامس الأحداث بشكل ما فكرة الزمن والسفر عبره أو التلاعب به، وأن يحتوي الفيلم على ألغاز ومفاجآت تجعل مشاهدته للمرة الثانية تجربة مختلفة عن الأولى.

هذه توقعات منطقية على ضوء تاريخ كريستوفر نولان الذي يتضمن مجموعة من أكثر الأفلام شعبية في أخر عقدين، وعلى الصفات المشتركة التي تجمعها.

أفلام نولان السابقة

الخبر الجيد أن Tenet يحقق كل ما سبق وأكثر، ويمزجه بأجواء جاسوسية أقرب لأفلام جيمس بوند. والخبر السيىء أنه يحمل في المقابل بعض العيوب والهفوات التي لم نعتدها في أفلام كريستوفر نولان.

من هذه العيوب مثلًا بطل الفيلم الممثل جون ديفيد واشنطن (ابن دينزل واشنطن). الشخصية التي يلعبها تتطلب حضورًا وكاريزما، وهو ما يفتقده بشدة. اختياره للدور قد يكون أكبر خطايا نولان في تاريخه السينمائي، والنقطة التي أضعفت الفيلم دون مبرر.

10 اختيارات تمثيلية رفضها الجمهور ثم أثبتت صحتها | حاتم منصور

هذا مخرج يلهث خلفه كل ممثلي هوليوود، لكنه اختار بغرابة ممثلًا لا يستحق فرصة من هذا النوع. وبينما سيفسر البعض الاختيار باعتباره خضوعًا أو استجابة لضغوط الصوابية السياسية والتنوع العرقي الحالية، يظل القرار أيضًا خطأ؛ لأن كريستوفر نولان كان بامكانه بالتأكيد أن يستجيب لهذه الضغوط، وأن يختار في نفس الوقت ممثلًا من عرقية ملونة، أكثر موهبة وحضورًا.

إعلان فيلم Tenet

باقي الممثلين أفضل حالًا. كينيث براناه مثلًا يمنحنا شريرًا بطباع حادة ومتطرفة أقرب لأشرار أفلام بوند، التي يلامسها الفيلم في تفاصيل عديدة أخرى. وروبرت باتينسون نجم فيلم باتمان المقبل، يضيف حيوية وحماسا للشخصية، التي يلعبها بدرجة معقولة، على ضوء مساحة ظهوره المتوسطة في الفيلم.

باتمان 2021 وخمس أفلام وألغاز سينمائية مرتقبة من “دي سي كومكس” | حاتم منصور

لكن إليزابيث ديبيكي تحديدًا هى التي تخطف الأضواء من الكل، وتخرج من الفيلم باعتبارها الرابح الأكبر؛ لأن الشخصية التي تلعبها تحمل دوافع وتفاصيل ومنعطفات درامية أقوى وأوضح من بقية الشخصيات من ناحية، ولأن أداءها القوي يبلور هذه التفاصيل أكثر وأكثر، من ناحية أخرى.

Don’t try to understand it, feel it
لا تحاول أن تفهم الأمر. فقط اشعر به.

الجملة السابقة تأتي في بداية الأحداث على لسان شخصية تشرح الأساس العلمي الذي تستند عليه فكرة Tenet وعلاقتها بالتلاعب بالزمن. وربما تلخص أكثر من أي شيء منظور كريستوفر نولان لفيلمه هذه المرة، واعترافه المبكر للجمهور أنه أقل ترابطًا وتماسكًا من أفلام سابقة له مثل Memento – Inception – Interstellar.

إليزابيث ديبيكي في Tenet

هذه أفلام تحتوي حبكتها على قدر من التعقيد والتداخل، لكن طوال أحداثها يجري تفكيك وشرح هذا التداخل، بشكل أكثر سلاسة من Tenet. الأمور هنا أكثر اضطرابًا؛ ربما لأن نولان لم يجد رغم كل محاولاته طريقة لصياغتها بشكل أفضل، رغم تعاونه بالمناسبة مع الفيزيائي كيب ثورن الذي شاركه في التحضير سابقًا لفيلم إنترستيللر. وربما لأن نولان أراد هذه المرة أن يلهو بالفكرة بصريًا إلى أقصى درجة، ليس إلا.

قد يقبل البعض هذا النهج أو يرفضه، لكن في نقطة الطموح البصري يصعب التشكيك في Tenet. الفيلم مدجج بمشاهد حركة ومطاردات وتفجيرات لا تنتهي. وبألاعيب بصرية جذابة، تستبعد مدرسة الجرافيك، وتؤسس لطابع بصري أكثر صدقًا؛ لأن كل شيء تقريبا تم تصويره أمام الكاميرات فعلًا.

حدث ذات مرة في عقل كريستوفر نولان.. لكن لم يحدث على الشاشات | حاتم منصور

حتى عندما يبتعد الفيلم عن أجواء الأكشن، يوجد قدر متواصل من الهيبة والفخامة البصرية، التي لا نجدها عادة إلا في أفلام نولان، وسط مواقع أحداث تتضمن إيطاليا والهند وأمريكا وغيرهم.

أكثر من 200 مليون دولار أُنفقت على إنتاج الفيلم، والنتيجة تتضح على الشاشة في كل ثانية تقريبًا. هذه نقطة يستحق الشكر عليها مع نولان مصمم الإنتاج والديكورات ناثان كرولي، ومدير التصوير هوتي فان هويتيما، الذي يتعاون هنا مع نولان للمرة الثالثة.

من المرجح أن ينضم الاثنان لترشيحات الأوسكار في الموسم المقبل.

على ذكر التعاون المتكرر، فمن الجدير بالذكر أن الموسيقار هانز زيمر الذي تعاون مع نولان في أغلب أفلامه السابقة، ومنحنا علامات موسيقية في بعضها، اعتذر هذه المرة للأسف بسبب انشغاله بالتحضير لفيلم بعنوان Dune. وحل مكانه هنا شريط موسيقى تصويرية أقل تميزًا من تأليف لودفيج جورانسون.

بقى أن أذكر أن مشاهدة Tenet في سينما الأيماكس، سبقها عرض إعلانات لأفلام منها مثلًا فيلم بوند القادم لا وقت للموت No Time to Die. والطريف أن كل هذه الإعلانات قديمة، وتحتوي على مواعيد العرض الأصلية قبل بدء أزمة الكورونا. إعلان بوند مثلًا يذكر أن الفيلم سيُعرض في أبريل 2020!

لكل مخرج عرّابه ومريدوه.. خمس”رومانسيات” بين عظماء الإخراج | أمجد جمال

هذا الخطأ غير المقصود كان أقرب لانعاش ذاكرة بأهمية Tenet وبشجاعة نولان وشركة وارنر في عرضه رغم الأزمة، وبالمسار المظلم الذي يمكن أن نجنح اليه في السنوات القادمة لو فشل الفيلم، وناقشناه تفصيليًا في مقال سابق.

هل سيصبح الفيلم قبلة الحياة فعلًا لدور العرض؟ الكرة الأن في ملعب الجمهور، والإجابة سنعرفها عندما تظهر أرقام الإيرادات. لكن كريستوفر نولان بالتأكيد قام بواجبه على ما يرام في Tenet رغم كل الهفوات والعيوب، ومنحنا فيلمًا يذكرنا من جديد إلى أي مدى ستظل الشاشة الكبيرة وتجربة السينما شيئا مختلفا تمامًا وأكثر ثراء مقارنة بالمشاهدة على شاشة التلفاز.

باختصار:

يصعب تصنيفه ضمن الأفضل في تاريخ نولان. لكن المزيج الموجود هنا بين الخيال العلمي، وأفلام بوند، ومشاهد الحركة المبتكرة، ومستوى الفخامة البصرية، معطيات كفيلة بمنح Tenet تذكرة استحقاق للمشاهدة.

رابط مختصر
للمشاركة لـ فيسبوك

موضوعات متعلقة

التعليقات (0)

يجب عليك .. تسجيل الدخول أو التسجيل لتتمكن من التعليق.

تعليقات الفيسبوك