هدنة تدخل حيز التنفيذ في اليمن مع بداية رمضان ولمدة شهرين قابلين للتمديد “نظريًا”، في حدث نادر ضمن أحداث الصراع المستمر منذ سبع سنوات.
استخدام كلمة “نظريًا” هنا مقصود. لماذا؟ هذا مرتبط بعدة أسئلة
كيف توصلت الأطراف لهذه الهدنة؟
وما تفاصيلها؟
وهل تمهد لنهاية الحرب؟
س/ج في دقائق
ما أهمية هدنة اليمن الأخيرة؟
وفق الأمم المتحدة، استمرت المفاوضات لأشهر، حتى وافق المتحاربون في اليمن على هدنة شهرين تبدأ في رمضان.
هذه أول هدنة شاملة تغطي كامل اليمن منذ 2016. قبل ذلك، لم تبد عمليات وقف إطلاق النار السابقة أي فعالية تذكر؛ إذ كانت عرضة للانتهاك فور التوصل إليها تقريبًا.
باءت محاولات سابقة للتوصل إلى هدنة اليمن بالفشل. الآن، يرى محللون أن الظروف كانت مختلفة داخل اليمن وخارجه.
1- للحوثيين:
محاولات التقدم داخليًا باتت أكثر تعقيدًا بعد خسائر في معارك شبوة ومأرب: شبوة الغنية بالنفط عادت لسيطرة الجيش النظامي منذ بداية العام. والتقدم الحوثي نحو مأرب فشل بالكامل تقريبًا لعام كامل.
2- لإيران:
بينما تقترب إيران من توقيع الاتفاق النووي، تدور الشكوك حول “التكتيكات السلبية” التي تلعبها طهران، خصوصًا في ما يخص دعم الوكلاء الإقليميين وبينهم الحوثيون، بينما تطلب إيران رفع الحظر عن الحرس الثوري.
المبعوث الأمريكي الخاص إلى اليمن اعتبر هدنة رمضان “فرصة للجمهورية الإسلامية لإظهار حسن نيتها بالابتعاد عن الدور الذي لعبته في هذه النقطة”.
2- للسعودية:
عرض التحالف أكثر من مرة التوصل لاتفاق، لكن الحوثيين المدعومين إيرانيا رهنوا موافقتهم بالقرار الإيراني الإقليمي. السعودية والإمارات تريان أن مواصلة الحرب بنفس الطريقة بات مستحيلًا: ولا سيما مع تحول الحوثيين إلى واجهة يختبئ خلفها وكلاء إيران الذين ينفذون الهجمات على الدولتين الخليجيتين.
3- لباقي العالم:
أزمة الطاقة العالمية الناجمة عن حرب أوكرانيا عززت من قيمة إمدادات الطاقة السعودية التي تتهددها هجمات الحوثيين بالصواريخ والدرونز.
إعلان الرياض عن احتمال حدوث نقص في كميات النفط بسبب الاعتداءات الحوثية ضغط على الأمم المتحدة ودول العالم للضغط على الحوثيين لقبول الهدنة التي رفضوها سابقًا، خصوصًا مع تقلب أسعار النفط العالمية.
كما أن أزمة الغذاء والطاقة العالمية التي أصبحت أسوأ بفعل الغزو الروسي خلقت ضرورة ملحة لإنهاء الحرب في اليمن.
يعتمد على التزام الأطراف المتحاربة. لكن محللين يتفقون على “هشاشتها”.
الباحث في مركز صنعاء للدراسات الاستراتيجية ماجد المذحجي يعتقد أنها ستصمد في رمضان؛ خصوصًا لأن الحوثيين يحتاجونها. لكن تجديدها مرهون بوجود تفاهمات سياسية لا تبدو متاحة حاليًا.
بالمقابل، يرى الباحث أحمد ناجي من مركز “مالكوم كير – كارنيجي”، أن احتمال نجاح هدنة اليمن يكمن في بساطتها: “خطوات صغيرة – نطاق زمني محدود – فتح مسار ناحية إمكانية الحل”، ما يعني أن الاستفادة منها حاليًا قد يعني تمديد سقفها الزمني وتوسيع نقاط الاتفاق، بما قد يؤسس ذلك لحالة من التسوية السياسية لاحقاً.
لكن المذحجي يرد بأن تجارب هدنة اليمن السابقة تكشف أن صمودها مرتبط باستمرار حاجة الأطراف لها، لكنها لا تشكل أرضية لتدشين مسار سلام فعلي.