الطلاق الأمريكي العظيم لم يعد مجرد سيناريو افتراضي، وفق ناشونال ريفيو. في أكتوبر، طرح مركز بيو للأبحاث السؤال التالي: هل بذلت الولايات المتحدة كل ما في وسعها للسيطرة على فيروس كورونا؟ الإجابة كانت صادمة:
90% ممن يحصلون على معلوماتهم من فوكس نيوز أو الراديو أجابوا بنعم.
مقابل 3% فقط (لاحظ الفارق الضخم) ممن يحصلون على معلوماتهم من سي إن إن وأخواتها.
الولايات المتحدة ليست منقسمة فقط إلى أغنياء وفقراء، بل إلى أحمر وأزرق. جمهوري وديمقراط. محافظ وليبرالي، شعب فوكس نيوز وشعب سي إن إن.
الانقسام ليس فقط في الثقافة والسياسة. لكن أيضًا في الجغرافيا. أولئك الذين لديهم نفس التفكير يميليون إلى العيش معًا. بعد الانتخابات الرئاسية الأخيرة، قالت وول ستريت جورنال: إذا شعرت أن الجمهوريين والديمقراط يعيشون في عوالم مختلفة، فهذا لأنهم كذلك؛ فالمناطق الريفية ذات الأغلبية البيضاء هي مناطق جمهورية صلبة، والمناطق الحضرية يسيطر عليها الديمقراط. هل انقسمت أمريكا فعليًا؟
س/ج في دقائق
الطلاق الأمريكي العظيم.. لماذا الحديث عن السيناريو الآن؟
سيناريو الطلاق الأمريكي العظيم بات مطروحًا، ربما للمرة الأولى بهذه القوة منذ الحرب الأهلية. الأسئلة حوله باتت تطرح علنًا في عدة أوساط.
ديفيد فرينش، مؤلف الكتاب المعروف بـ “الطلاق الأمريكي العظيم” يقول إن التهديد ليس وشيكًا. لكنه يصفه بـ “سيناريو لا يمكن استبعاده”. ي
عتبر أن الافتراض ببساطة أن وحدة الولايات المتحدة قائمة ومستمرة ليس منطقيًا، وأن الوقت حان لينتبه الأمريكيون لـ “حقيقة أساسية” مفادها أنه “لا يمكن ضمان استمرار وحدة الولايات المتحدة”.
وفي 10 ديسمبر، قال الإذاعي راش ليمبو، الحاصل على وسام الحرية الرئاسي الأمريكي: “أعتقد في الواقع أننا نتجه نحو الانفصال. أرى المزيد من الأشخاص يسألون: ما الذي نشترك فيه مع الأشخاص الذين يعيشون في نيويورك مثلاً؟.”
في اليوم التالي لحكم المحكمة العليا ضد دعوى المدعي العام لولاية تكساس كين باكستون، والتي سعت لتغيير نتائج الانتخابات الرئاسية 2020، أصدر رئيس الحزب الجمهوري في تكساس، ألين ويست، بيانًا قال فيه: سيكون لهذا القرار تداعيات بعيدة المدى على مستقبل جمهوريتنا الدستورية، ربما يتعين على الولايات التي تحترم القانون أن تترابط معًا وتشكل اتحاد ولايات يلتزم بالدستور.
أمريكا على خطى العراق! على أي أساس قد يحدث الطلاق الأمريكي العظيم ؟
السبب الأبرز لـ “الطلاق الأمريكي العظيم” هو الاستقطاب المحمل بالعداء، والخطر الذي يمثله.
ديفيد فرينش يقول إن العيش في جو يتزايد فيه الحقد والغضب والتطرف، يخلق ظروفًا لعدم الاستقرار، ولا يمكن الاستمرار على هذا المنوال.
وفي ورقة أكاديمية مشهورة نُشرت 1999، بعنوان “قانون استقطاب المجموعة”، يقول خبير القانون الأمريكي كاس سنستين: “عندما يجتمع أشخاص من ذوي العقول المتشابهة، فإنهم يميلون إلى أن يصبحوا أكثر تطرفًا”.
هذا التطرف قد يبدأ بتوجيه كلمات بذيئة على منصات السوشال ميديا، ثم تتطور لأحداث عنف سياسي، قد تترجم على الأرض في جرائم قتل جماعي، أو محاولة لخطف الخصوم.
يقول فرينش إن الانقسام في العراق بين السنة والشيعة مثلًا لم يكن بدافع ديني أو سياسي، ولكن بسبب وجود قائمة مظالم من كل طرف تجاه الآخر، وهو ما أدى في الآخر إلى العنف، وفي الولايات المتحدة يوسع كل طرف قائمة مظالمه تجاه الآخر.
تقول ناشونال ريفيو إن فرص بقاء الولايات المتحدة موحدة تعتمد على التجانس النسبي. وذلك إذا ما قورنت بالهند مثلًا، التي تتعدد فيها الأعراق والأديان واللغات.
إمكانية بقاء الولايات المتحدة قائمة على القبول بالتعددية، هذا لا يعني أن يحب الفرقاء بعضهم، بل عليهم التعايش معًا ولو على مسافة، وفق التعديل الأول الذي يحمي الحرية الفردية، لكنه يحمي أيضًا الحق في تكوين الجماعات وفق قواعد التنظيم الطوعي التي تحمي التعددية الحقيقية حتى لو كانت المجموعة مخالفة للأغلبية، وهو المفهوم الذي نبتت الفيدرالية الأمريكية.