الغضب الإلهي نظرية تأتي مع ما شهده العالم مؤخرًا العديد من الكوارث الطبيعية كالزلازل، والفيضانات، وحرائق الغابات، والأعاصير… هل كثرة الابتلاء دليل على غضب الله فعلًا؟
ما هي أسباب الكوارث الطبيعية .. هل الكوارث غضب من الله؟
تتعدد أسباب الكوارث الطبيعية طبقًا لنوع الكارثة نفسها، وقد أصبحت تلك الأسباب واضحة ومفهومة علميًا، ولها عدد لا يحصى من الدراسات العلمية عنها.
إسلامية أم يهودية؟! ولن يرضى أعداء الحضارة المصرية عنها حتى تتبع ملتهم! | عبد السميع جميل
لماذا تُفسر الكوارث الطبيعية أنها عقاب من الله؟
لأن حياة البشر على الأرض من البداية اشتملت على صراع بين الإنسان والبيئة الطبيعية المحيطة. على مدار آلاف السنين من التطور، تعلم البشر السيطرة على الطبيعة جزئيًا، من خلال الصيد، ثم تدجين الحيوانات، ثم الزراعة. حينها شعر الإنسان أنه سيد العالم.
لكنه استمر في مواجهة أحداث نادرة وغير متوقعة وفوق مستوى إداركه وسيطرته البشرية.. وهي الكوارث الطبيعية.
بحث البشر على تفسير لتلك للأحداث. ويكون ذلك التفسير متناسبًا مع ضخامة الظاهرة. ومع اختلاف ثقافات كل مجتمع؛ اختلف سبب تلك الظواهر الخارقة للطبيعة.
بعض الثقافات أشارت إلى تلك الكوارث باعتبارها قوى مجهولة معادية، ثم انتسبت للسحر، وتطورت الأساطير، وأخيرًا نُسبت الكوارث للأديان وتمت الإشارة لها باعتبارها امتحان من الله أو غضب وعقاب منه.
هل الكوارث الطبيعية انتقائية.. هل تُفرق بين الصالح والطالح بالمفهوم الديني؟
طُرح هذا السؤال منذ قديم الأزل.. بعض الثقافات القديمة صورت الكوارث الطبيعية من الأساس باعتبارها تحدي بين البشر من جهة والآلهة من جهة أخرى، أو حتى بين الآلهة وبعضها والبشر ضحايا لتلك المعارك.
لكن مع رسوخ الديانات التوحيدية بدأت نظريات مختلفة عن أسباب الكوارث الطبيعية ومنها:
1- صمت الصالح على فساد الطالح.
2- الكوارث الطبيعية ليست عقاب من الله للكل. لكن بها جزء رحيم، باعتبارها قد تكون مظهر من مظاهر قوة الله وحبه وعظمته، أنه يختبر أو يبتلي عبده المطيع من ناحية، وأنه كان رحيم بالناجين الذين خرجوا سالمين من الكارثة.
3- الخلاص من الكوارث الطبيعية مرتبط بمحبة الله، إن تضرر أحد الصالحين فهذا لحكمة لا يعلمها إلا الله، ولكن العدالة ستتحقق في النهاية؛ لأن البشر سيرجعون لله وهو يكافئ المبتلي في الدنيا بمكافأة أكبر.
لكن في الحقيقة، إن التراث الإسلامي ينفي العقاب الإلهي باعتباره يتناقض مع العدل الإلهي.
التكفير المبطن | بالوقائع والأسماء: هل الأزهر بريء من صناعة التطرف؟ | عبد السميع جميل
هل التراث الإسلامي ينفي فكرة العقاب الإلهي؟
في البداية نذكر حديث أورده ابن تيمية في مجموع الفتاوى عن النبي محمد “صلى الله عليه وسلم” قال: “إني سألت ربي أن لا يهلك أمتي بسنة عامة فأعطانيها”.
وحديث الحاكم في المستدرك الذي تحدث بوضوح عن توقف العقاب الإلهي بنزول التوراة: “مَا أَهْلَكَ اللَّهُ قَوْمًا، وَلَا قَرْنًا، وَلَا أُمَّةً، وَلَا أَهْلَ قَرْيَةٍ مُنْذُ أَنْزَلَ التَّوْرَاةَ عَلَى وَجْهِ الْأَرْضِ بِعَذَابٍ مِنَ السَّمَاءِ”.
وصولًا للمعتزلة، والقاضي عبد الجبار الذي اعتبر إن “أحداث الطبيعة تحدث عن أسباب وليست عن فعل إلهي مبتدأ”، وصولًا لتفسير الشعراوي الذي قال “كأن عذاب الاستئصال انتهى بنزول التوراة”.
شهادة محمد حسان | كيف قدمت “الإجابات النموذجية” قبلة إعادة الحياة للإسلامجية؟ | عبد السميع جميل
لماذا استمر تفسير العقاب الإلهي للكوارث؟
إذا نظرنا للتفسير العلمي لميل البشر للبحث عن أسباب الظواهر الطبيعية أصلًا؛ سنجد الإجابة.
العقل البشري هدفه جعل العالم أكثر قابلية للتنبؤ، والاحتفاظ لنفسه بانطباع ذاتي وقدرته على السيطرة على الأحداث.
اعتبر العلماء أن الإنسان طور تفسير غضب الآلهة عن عمد؛ لأن هذا التفسير يخلق ترتيب منطقي للأحداث وإحساس بالسيطرة وقدرة على خلق رد الفعل المناسب.
وبالتالي تحدث الكوارث الطبيعية ؛ لأن الله غاضب من أفعال البشر، وإذا فعلنا ما يرضى به الله، لن تتكرر الكارثة مرة أخرى.
تلك التفسيرات العلمية رأت أن استمرار التأثر بتفسير الغضب الإلهي مهم للصالح العام. وذلك ما تستغله التيارات الإسلامية لصالحها.
في الواقع ليست التيارات الإسلامية فقط هي من تستغل تلك المعتقدات، بل كافة التيارات الدينية وحتى غير الدينية عالميًا.
مثل على ذلك، أحد مقالات الكاتب التركي مصطفى أكيول بموقع حرييت سنة 2011، قال إن العلمانيين المتطرفين لم يكن لديهم مانع منن توظيف الدين سياسيًا عندما وقع زلزال، وإن العلمانيين القوميين في تركيا قالوا إن الله فعل ما لم تفعله الحكومة التركية ضد الأكراد.
وعندما حدث إعصار كاترينا، تناقلت الشائعات عن سياسة أمريكا المؤيدة للاجهاض. في حين الحاخام الإسرائيلي عوفديا يوسف قال إن هذا عقاب من الله؛ لأن أمريكا لا تُدعم المستوطنين في إسرائيل.
لغز شهادة محمد حسين يعقوب | لم يكذب .. لكنه نصير الإرهاب فعلًا.. كيف تجتمعان؟ | عبد السميع جميل