* وسائل إعلام إسرائيلية تتوقع حملة “هيجان لفظي” فوق المعتاد من إردوغان، بسبب قرار إسرائيل ضم مستوطنات على الأراضي الفلسطينية. لكن هذا لن يؤثر على واقع التعاون على الأرض بين تركيا وإسرائيل، والذي زاد مؤخرا.
* اللعبة الإردوغانية لم تتغير منذ عام ٢٠٠٤، حين اكتشف أن أقرب طريق للشعبية وسط الجمهور الناطق بالعربية هي الهجوم اللفظي على إسرائيل، وهو الآن يحتاجه أكثر من أي وقت مضى لأنه يواجه في ليبيا أكبر دولة في المنطقة، مصر.
* إردوغان يريد أن يعطي لجمهوره الناطق بالعربية مرتكزا لحملة إعلامية تلصق بخصومه صفة التابعين، وتظهره في صورة البطل. لكن بالتركية، تدعو الصحف المقربة منه إلى مزيد من التعاون مع إسرائيل التي يحتاجها في شرق المتوسط.
س/ج في دقائق
كيف يحول أردوغان إسرائيل لقشة نجاة في صراعه مع مصر؟
مع احتمال المواجهة بين تركيا ومصر في ليبيا، ترجح جيروزاليم بوست أن يبحث الرئيس التركي رجب طيب أردوغان عن قضية صالحة للاستهلاك الإعلامي، وكسب الرأي العام في المجتمعات المسلمة لصفه في معركة الدعاية.
تواجه مصر وحلفاؤها في ليبيا جماعات الإسلام السياسي الأشد راديكالية المدعومة من تركيا وقطر، وترى الدول السنية المعتدلة المواجهة بهذه الصورة. لكن إردوغان سيطوع لجانه الإلكترونية لحشر إسرائيل في المعركة الإعلامية.
في حالة المواجهة بين مصر وتركيا في ليبيا، تتوقع جيروزاليم بوست أن تسعى الدولتان إلى كسب الرأي العام في العالمين العربي والإسلامي. تقول إن الأمر الوحيد الذي أتقنه أردوغان في فترة حكمه الممتدة منذ 17 عامًا في تركيا هو استخدام دعايته العلنية ضد إسرائيل لتعزيز مكانته في المنطقتين.
دعائيًا، تروج تركيا إلى أن إسرائيل منحازة لقائد الجيش الوطني الليبي خليفة حفتر. تقول جيروزاليم بوست إن لجان تركيا الإلكترونية أضافت علم إسرائيل إلى قائمة “المتحاربين” الذين يدعمونه في معركة طرابلس على ويكيبيديا، بجانب السعودية وفرنسا والإمارات ومصر والسعودية وغيرهم، كواحدة من “المتحاربين” المفترضين.
مع مواجهته لمصر، سيحاول أردوغان أن يستغل قرار إسرائيل بضم أجزاء من الضفة الغربية في أول يوليو لصياغة خطاب ناري معادٍ لإسرائيل، يحاول من خلاله الظهور في صورة البطل المدافع عن الفلسطينيين. سيحاول أيضًا وصف مصر بأنها تابعة لإسرائيل- بسبب معاهدة السلام والعلاقات الأمنية- أملًا في كسب نقاط في العالم العربي خلال المواجهة العسكرية – إما بشكل مباشر أو بالوكالة – ضد أكبر دولة في المنطقة الناطقة بالعربية من حيث عدد السكان، والأكثر أهمية.
تتوقع “جورزاليوم بوست” أن ما سيفعله أردوغان سيحفز بالضرورة الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي لاتخاذ موقف أكثر صرامة ضد ضم الضفة، حتى يحدث توازن بين الموقفين تجاه القضية الفلسطينية.
لماذا يعول أردوغان على إسرائيل تحديدًا لهذا الدور؟
يعرف أردوغان جيدًا أن هجومه على إسرائيل منحه شعبية غير مسبوقة لأي زعيم تركي في العالم العربي منذ أكثر من عقد من الزمن. كانت الإشارة الأولى لاستغلال أردوغان لإسرائيل سبيلاً لتحقيق شعبية في العالم العربي في 2004، عندما وصف اغتيال إسرائيل لزعيم حركة حماس أحمد ياسين خلال ذروة الانتفاضة الثانية بـ “إرهاب الدولة”.
وعلى نفس الوتيرة، يحاول أردوغان دائمًا إلصاق خصومه بإسرائيل، في محاولة لتحقيق انتصار إعلامي عليهم، باعتبارهم “المشاركين للأعداء”، وكذلك لكسب أرضية عند قاعدة داعميه في العالم الإسلامي. حتى في حربه الإعلامية الممتدة ضد مصر منذ الإطاحة بنظام الإخوان في 2013، ألقى باللوم على إسرائيل باعتبارها “المدبر” لما وصفه بـ “انقلاب 3 يوليو الذي جلب السيسي إلى السلطة في مصر”.
أول موجة شعبية كبيرة شعر بها أردوغان جاءت لانتقاده لإسرائيل في المنتدى الاقتصادي العالمي في دافوس في يناير 2009، عندما هاجم الرئيس شمعون بيريز بسبب تصرفات إسرائيل أثناء عملية الرصاص المصبوب في غزة، فحصل على ترحيب واسع في وسائل الإعلام العربية لأنه “وضع بيريز في مكانه”.
ثم جاء الترحيب بأردوغان كبطل لاستدعاء سفير تركيا وطرد مبعوث إسرائيل من أنقرة، بعد حادثة السفينة مرمرة في عام 2010.
وعقب ذلك الحادث، ألمح أردوغان إلى أنه سيرسل سفنًا حربية لمرافقة سفن المساعدة إلى غزة لتخفيف الحصار عنها، وهدد بالقيام بزيارة لغزة، وادعى أنه جلب رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو معتذرًا وجاثيًا ركبتيه، بعد أن اعتذر الأخير بناء على طلب من الرئيس الأمريكي باراك أوباما عن “أخطاء عملية” خلال غارة السفينة مرمرة.
في 2015، وقبل يوم من التصويت على تمديد صلاحيات تنفيذية تخصه، قال إردوغان: إن “عاصمة يهودية” وراء افتتاحيات صحف نيويورك تايمز و الجارديان السلبية عنه.
وفي 2017، حاول نزع الشرعية عن استفتاء الاستقلال في كردستان العراق بزعم تورط الموساد. وفي نفس العام، ادعى قيادة العالم الإسلامي ضد اعتراف الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بالقدس عاصمة لإسرائيل، ووصف إسرائيل بأنها “دولة إرهابية”.
لكنه أيضا المسؤول الأرفع في الدول المسلمة الذي زار القدس، والذي لديه تعاون عسكري وتجاري معلن مع دولة إسرائيل.
لكن: ألا يعادي أردوغان إسرائيل فعلًا؟
في 2014، قارن أردوغان الأعمال العسكرية الإسرائيلية في غزة بمعارك الزعيم النازي أدولف هتلر، قائلًا :”إنهم يقتلون النساء حتى لا يلدن الفلسطينيين. يقتلون الأطفال حتى لا يكبروا ؛ إنهم يقتلون الرجال حتى لا يستطيعوا الدفاع عن بلادهم … سوف يغرقون في الدم الذي سفكوه”.
في نفس العام، كشفت يديعوت أحرونوت أن تركيا تزود الجيش الإسرائيلي بالمؤن خلال الحرب.
حتى في 2019، قال في اجتماع لقادة بعض الدول الإسلامية على هامش اجتماع الجمعية العامة للأمم المتحدة “إننا ننظر إلى المحرقة بنفس الطريقة التي ننظر بها إلى أولئك الذين يحاصرون غزة وينفذون المذابح فيها”. بالتزامن، كشف وزير خارجية إسرائيل يسرائيل كاتس حينها إن بعض أفراد عائلة أردوغان ينقلون البضائع إلى ميناء حيفا.
وحتى في أزمة ليبيا الدائرة حاليًا، تحتاج تركيا إلى إسرائيل لتضمن احتمالًا أكبر لنجاح تحركها؛ إذ يجب على إسرائيل أن تقطع تعاونها مع مثلث مصر وقبرص واليونان في نقل غاز شرق المتوسط ليصبح تصعيد تركيا ذا قيمة. من هنا، بدأ الإعلام التركي المقرب من أردوغان – وبينه الديلي صباح – التركيز على أن ملفات مهمة يجب على تركيا وإسرائيل استخدامها لتحقيق التقارب، وبينها سوريا، ليرد القائم بالأعمال الإسرائيلي لتركيا، روي جلعاد، بمقال لموقع هاليميز التركي الإخباري، يقول فيه إن فيروس كورونا والتحديات الأخرى قد تعمل لصالح تطبيع العلاقات بين البلدين من حيث التجارة والسياحة والطاقة والتعاون الأكاديمي.
الفيديو التالي، نوضح المزيد من تلك النقاط:
المزيد عن تركيا – إسرائيل في ليبيا تجدونه عبر الرابط: