زوارق ذو الفقار التابعة للحرس الثوري الإيراني تستولي على ناقلة هانكوك تشيمي التابعة لكوريا الجنوبية في طريقها من السعودية بحجة “تلويث الخليج العربي” بالمواد الكيميائية.
التوقيت خاص: الجيران على الجانب الآخر من الخليج يوقعون اتفاق مصالحة، إيران تحيي الذكرى الأولى لاغتيال قاسم سليماني، والتوترات المتصاعدة بين إيران وإدارة ترامب قبيل رحيلها عن البيت الأبيض.
الطرف الآخر في الأزمة خاص: كوريا الجنوبية كانت قريبة من إيران حتى 2018. كان أحد أكبر عملاء النفط الإيراني حتى عقوبات ترامب، لتحتجز مستحقات إيران امتثالًا للعقوبات الأمريكية.
الظروف الداخلية خاصة: التقارير تتواتر عن صراع على السلطة بين أجنحة إيران. وزيرة خارجية كوريا الجنوبية تنوي زيارة إيران قريبًا، والمتشددون يريدون انتزاع رصيد الانفراجة إلى “تحركاتهم الصارمة”. لكن “وللمفارقة” أرسلت سيول جنودها إلى مضيق هرمز.
والنتيجة قد تكون أكثر خصوصية: استراتيجية إيران العدوانية “ربما” تنتزع بعض التعهدات الدولية بتخفيف العقوبات. لكن الثمن الأبعد سيكون باهظًا.. المجتمع الدولي سيتشدد أكثر في المفاوضات طويلة المدى، حيث سيؤدي الاستخدام المستمر لمثل هذه التكتيكات إلى دفع أوروبا لتحالف أوسع مع الولايات المتحدة بشأن الحاجة إلى محادثات أوسع مع إيران من أجل توقيع اتفاق نووي جديد، فضلًا عن مناقشة مخاوف أخرى تتجاوز برنامج طهران النووي.
س/ج في دقائق
ما ملابسات احتجاز إيران للناقلة الكورية الجنوبية؟
استولت زوارق ذو الفقار التابعة للحرس الثوري الإيراني، على ناقلة هانكوك تشيمي الكورية الجنوبية، التي كانت تنقل 7,200 طن من المواد الكيميائية، في المنطقة البحرية الأولى لإيران في الخليج العربي بحجة “تلويث الخليج” بالمواد الكيميائية، بعد مغادرتها ميناء الجبيل السعودي.
الحرس الثوري اعتقل طاقم السفينة، وبينهم مواطنون من كوريا الجنوبية وإندونيسيا وفيتنام وميانمار، واحتجز الناقلة في مدينة بندر عباس الساحلية.
الحادث تزامن مع الذكرى السنوية الأولى لاغتيال الولايات المتحدة للجنرال قاسم سليماني، وعلى خلفية التوترات المتصاعدة بين إيران وإدارة ترامب، وتوقيع المصالحة الخليجية.
سبق كذلك زيارة متوقعة لوزيرة خارجية كوريا الجنوبية لطهران، ومع إعلان إيران استئناف تخصيب اليورانيوم حتى درجة نقاء تصل إلى 20%، في انتهاك كبير للاتفاق النووي لعام 2015، مما يقلص الوقت الذي سيستغرقه الوصول إلى مستوى صنع الأسلحة.
ليست أول ناقلة تحتجزها إيران.. لماذا كوريا الجنوبية حالة خاصة؟
كوريا الجنوبية كانت أحد أكبر عملاء النفط الإيراني قبل عقوبات ترامب 2018.
منذ ذلك الحين حثت إيران كوريا الجنوبية على الإفراج عن مليارات الدولارات من الأصول الإيرانية المجمدة، لكن البلدين مرا بأزمة منذ أشهر، بسبب رفض كوريا الجنوبية الإفراج عن الأموال، والتي تقول إيران إنها تحتاجها لمكافحة كورونا، بما في شراء اللقاحات.
في يونيو 2020، قال البنك المركزي الإيراني إن بنوك كوريا الجنوبية تمنع إيران من استخدام الأموال لشراء الطعام والأدوية، ثم أعلنت إيران في نفس الشهر إفراج كوريا الجنوبية “بموافقة واشنطن” عن نصف مليون دولار في صورة أدوية بعد عامين من المفاوضات. واتهمت الخارجية الإيرانية سيول بالتأخر في سداد نحو 7 مليارات دولار عن النفط المصدر قبل فرض العقوبات.
لكن كوريا تصر على الالتزام بمنظومة العقوبات الأمريكية. تسمح فقط بإعفاءات للإمدادات الإنسانية.
كيف تصرفت كوريا الجنوبية والولايات المتحدة بعد الحادث؟
كوريا الجنوبية والولايات المتحدة حليفتان عسكريتان. بينهما نظام دفاع مشترك دشن بالإساس لصد هجمات كوريا الشمالية، لكنه يلزم الطرفين بالتآزر حال حدوث أي هجوم مسلح خارجي.
الدولتان اهتمتا أولًا بإعادة توصيف الحادث. الخارجية الكورية نفت تهمة “تلويث الخليج” – شددت على أن بحرية الحرس الثوري اختطفت الناقلة من المياه الدولية. الخارجية الأمريكية اتهمت إيران بمواصلة تهديد حرية الملاحة في الخليج ضمن محاولة ابتزاز النظام الدولي للتخفيف من ضغط العقوبات.
ثم بدأ التحرك العسكري. أرسل الحيش الكوري قوات مكافحة القرصنة المتمركزة قرب مضيق هرمز إلى موقع احتجاز الناقلة مباشرة. بينما تراجعت واشنطن عن سحب حاملة الطائرات نيميتز من الخليج فيما نسبه البنتاجون إلى “تهديدات إيران الأخيرة”، ثم أرسلت قاذفات B-52 إضافية إلى المنطقة.
لماذا لجأت إيران لمثل هذا التصعيد الآن؟
يعتبر محللون استيلاء إيران على ناقلة كوريا الجنوبية “جزءًا من صراع داخلي على السلطة”. اسفنديار باتمانجليدج، مؤسس شركة “بورس آند بازار” الإعلامية المتخصصة في السياسات الإيرانية، يربط الخطوة بالاختراق الدبلوماسي المحرز مؤخرًا بشأن إعادة الأموال الإيرانية من كوريا الجنوبية، كجزء من التقدم، يفترض أن تزور وزيرة خارجية كوريا الجنوبية، كانغ كيونغ، طهران قريبًا لمناقشة المدفوعات الإنسانية المحتملة.
يضيف أن المتشددين في إيران رأوا في الاستيلاء على ناقلة كوريا الجنوبية وسيلة لتعطيل الدبلوماسية الناشئة، ونسب الانفراجة إلى نهجهم الأكثر صرامة.
لكن حوادث الناقلات تشير إلى أن إيران لا تزال على استعداد لاستئناف الهجمات ضد البنية التحتية للنفط والغاز إذا لم تدرج إدارة بايدن تخفيف العقوبات في المفاوضات، وبذلك، تأمل إيران في زيادة تكلفة استمرار العقوبات على الولايات المتحدة وحلفائها.
ومن خلال فرض أزمة أمنية ونووية، يسعى قادة إيران للتأكد من أن إدارة بايدن تعطي الأولوية للمفاوضات مع طهران عند توليها السلطة.
إذا نجح مثل هذا الضغط في تخفيف العقوبات، سيحصد المحافظون في إيران الفوائد السياسية في الانتخابات الرئاسية المقبلة في 18 يونيو – مما يمنحهم دورًا أكبر في المحادثات المستقبلية مع الغرب، فضلاً عن أي إصلاحات اقتصادية وسياسية محتملة مصاحبة لتخفيف العقوبات التي قد تهدد مصالحهم.
استراتيجية إيران العدوانية قد تؤدي مؤقتًا لتخفيف بعض العقوبات، لكن على حساب تشديد موقف المجتمع الدولي في المفاوضات طويلة المدى، حيث سيؤدي الاستخدام المستمر لمثل هذه التكتيكات إلى دفع أوروبا لتحالف أوسع مع واشنطن بشأن الحاجة لتوسيع مفاوضات إيران إلى سلوكها الإقليمي وبرامجها التسليحية بدلًا من تجديد اتفاق 2015 وحسب كما تريد طهران.
الرغبة في تضمين قضايا أخرى في المحادثات ستجعل التطبيع الكامل بين الغرب وإيران مستحيلًا دون تغيير ضخم في السياسة، وستنظر واشنطن وإسرائيل إلى زيادة مستويات تخصيب اليورانيوم إلى 20% على أنها مثيرة للقلق بشكل خاص، لأن تخزين اليورانيوم المخصب إلى هذا المستوى من شأنه أن يقلل بشكل كبير من الوقت اللازم لصنع سلاح.
في الأيام القليلة المتبقية له في منصبه، يبدو أن ترامب أكثر استعدادًا لتوجيه ضربة ضد إيران، خصوصًا أن أي أعمال تستهدف مباشرة المصالح الأمريكية أو تؤدي إلى خسائر أمريكية في الأيام المقبلة – مثل مضايقة السفن الأمريكية التي تعبر الخليج العربي، أو مقتل جنود أمريكيين في هجمات الميليشيات المدعومة من إيران في العراق أو سوريا – من المرجح أن تحظى باستجابة سريعة من إدارة ترامب المنصرفة.
وحتى بعد تولي بايدن منصبه، ستظل إسرائيل تفكر أيضًا في اتخاذ إجراء أحادي الجانب ضد أعمال العدوان الإيرانية المستمرة، وخاصة برنامج إيران النووي.
سؤال أخير: هل يوفر احتجاز سفينة كوريا الجنوبية أرضية لحرب إيران في الدقائق الأخيرة؟
وفق التقارير الغربية، دونالد ترامب يفكر في كل الأحوال في شن حرب على إيران في الدقائق الأخيرة قبيل مغادرة منصبه في 20 يناير.. غطينا هذا السيناريو عبر صفحة دقائق على فيسبوك. بإمكانكم الاطلاع على تفاصيله:
شرق أوسط من الجحيم.. هل يشعل ترامب حرب الدقائق الأخيرة ضد إيران؟ ترامب قد يسلم السلطة بعد أن يشعل الشرق الأوسط بحرب…
موضوعات متعلقة
