وأحلت “ديانت” لإردوغان الربا.. لماذا؟ ما الأبعاد السياسية؟ | س/ج في دقائق

وأحلت “ديانت” لإردوغان الربا.. لماذا؟ ما الأبعاد السياسية؟ | س/ج في دقائق

25 Jan 2021
تركيا
رابط مختصر
للمشاركة لـ فيسبوك
حجم الخط

القصة في دقيقة:

رئاسة الشؤون الدينية التركية “ديانت” تصدر فتوى رسمية بإخراج قروض الإسكان المبنية على نظام الفوائد من أشكال الربا المحرم في الإسلام.

ديانت قالت إن تلك القروض لا تنتهك تحريم الربا. مع شرط واحد: أن يحصل المقترض على القرض من بنك حكومي تركي، وأن يشتري الوحدة السكنية في مشروع سكني حكومي.

فتوى ديانت لا تخترق فقط التقييد “المبطن” طويل الأمد الذي يفرضه الرئيس التركي رجب طيب أردوغان على فوائد البنوك باعتباره نوعًا من الربا. لكنها تتشابك مع مصالحه المباشرة؛ إذ تعتبر أحزاب المعارضة في تركيا أن إدارة تطوير الإسكان الحكومية مجرد ستار يخفي توزيع أموال الحكومة على أذرع أردوغان في مجال صناعة البناء.

المراقبون يقولون إن أردوغان يشجع ديانت على التلاعب بالفتوى لتوفير حلول لأزمة اقتصادية حادة خلقتها مواقف وأفكار لا تتناسب مع طبيعة الاقتصاد؛ مثل السعي للتحكم في نسب الفائدة بشكل عشوائي. لاعتبارات أيديولوجية وليس حسب المعيار الاقتصادي.

س/ج في دقائق


ما تفاصيل فتوى ديانت حول الربا في تركيا؟

رئاسة الشؤون الدينية التركية، المعروفة باسم “ديانت” أفتت بإخراج قروض الإسكان المبنية على الفائدة من أشكال الربا.

ديانت قالت إن الفوائد في هذه الحالة لا تنتهك التحريم الإسلامي لأشكال الربا بشرط أن يخرج القرض من بنك حكومي تركي ويذهب حصرًا لشراء منزل في مشروع سكني حكومي.

رئاسة الشؤون الدينية اعتبرت أنه في حالة شراء وحدة في الإسكان الحكومي بتمويل بنك حكومي، فإن الفائدة لن تكون حرامًا؛ لأن الهدف الرئيسي هو مساعدة المواطنين ذوي الدخل المنخفض والمتوسط ​​في الحصول على مسكن لا اكتساب دخل للبنوك من الفوائد.


لماذا خرجت فتوى ديانت حول الربا الآن؟

يقول المراقبون في تركيا إن فتوى ديانت حول الربا خرجت في هذا التوقيت تحديدًا لخدمة إدارة تطوير الإسكان الحكومية، التي تتهم المعارضة التركية أردوغات بتأسيسه كستار لتوزيع الأموال الحكومية على أذرع أردوغان في مجال صناعة البناء، وإن كانت الحكومة ترد بأن الإدارة ساعدت مئات الآلاف من الأسر ذات الدخل المنخفض على شراء منازلهم.

وتقول “مودرن دبلوماسي” إن الإدارة أصبحت محركًا أساسيًا للاقتصاد التركي في سنوات أردوغان، لتضيف أن بيع المساكن المخصصة لمحدودي الدخل مصدر أساسي لأرباح الإدارة

وفي ديسمبر 2020، حققت مبيعات الوحدات السكنية في تركيا رقمًا قياسيًا ببيع أكثر من 200 ألف وحدة.

الأموال الرخيصة.. كيف صنع أردوغان فقاعة نمو تركيا؟ | س/ج في دقائق


وكيف كان رد الفعل على الفتوى داخل تركيا؟

الفتوى أثارت الجدل على السوشال ميديا؛ حيث يعتقد المتدينون الأتراك أن الحكومة تتلاعب بالقواعد الدينية.

ويعتقد غالبية المتدينين في تركيا أنه لا مجال للتبرير عندما يتعلق الأمر بالمعتقدات الإسلامية التي تمنع إقراض المال بأسعار فائدة.

المثير أن تشدد المتدينين الأتراك تجاه الفائدة البنكية عززه أردوغان بنفسه خلال السنوات الماضية، حيث أصبحت المعاملات المصرفية الإسلامية الخالية من الفوائد وجهة الأتراك المتدينين، بعدما ربط أردوغان لسنوات بين الربا وفوائد البنوك.

الآن، يرى المراقبون أن أردوغان شجع ديانت على التلاعب بفتوى الربا لتوفير حلول لأزمة اقتصادية حادة خلقتها مواقف وأفكار لا تتناسب مع طبيعة الاقتصاد مثل السعي للتحكم في نسب الفائدة بشكل عشوائي.

بيرات البيرق | استقالة محرجة. هل هزمت الفائدة “الحرام” حكومة أردوغان؟ | س/ج في دقائق



وما الثقل الذي تمثله “ديانت”؟

منذ توليه للحكم، يولي أردوغان ديانت اهتمامًا كبيرًا، باعتبارها رافدًا من روافد القوى الناعمة التركية في أوروبا وآسيا، حيث تتولى جمع التبرعات وبناء المساجد وإيفاد الأئمة.

أردوغان رفع ميزانية رئاسة الشؤون الدينية إلى 11.5 مليار ليرة (2 مليار دولار) هذا العام، مقارنة بحوالي 500 مليون ليرة في 2002، عندما تولى حزبه العدالة والتنمية السلطة لأول مرة.

وتزامنت فتوى ديانت حول الربا مع أنباء عن ضغط أردوغان على البنوك التجارية لمواصلة منح قروض رخيصة لتعزيز صناعة البناء، وكذلك مع عودة أردوغان لخطابه ضد أسعار الفائدة المرتفعة التي اتهمها بالتسبب في إفلاس الشركات والتضخم.

أزمة القروض الرديئة.. لماذا ترفض البنوك التركية خطة إنقاذ أردوغان؟ | س/ج في دقائق


وما مجال تأثير الفتوى؟

تمثل “ديانت” ثقلا في الجاليات المسلمة في أوروبا، وثقلا غير مباشر في منطقة اللغة العربية عبر جماعات فلول العثمانيين التي تعكس آراءها في مواقف تسوق لمتحدثي اللغة العربية على أنها “اجتهادات جديدة”.

إردوغان يقدم نفسه قائدا للعالم الإسلامي، ومفاهيم التمويل الإسلامي (الاقتصاد الإسلامي) كانت إحدى المجالات النفوذ غير المرئي لعوام الناس. من خلالها سيطرت جماعات فلول العثمانيين على الجزء الأكبر من المعاملات المالية المعروفة بالمعاملات الإسلامية في أوروبا. يوسف القرضاوي على سبيل المثال كان المستشار المعتمد لبنوك عالمية كبرى افتتحت أفرعا “إسلامية” لخدمة المتعاملين المسلمين.

الفتوى ستفتح الجدل حول مفاهيم التمويل الإسلامي، كما فتحه تردد إردوغان في انتقاد حملة الصين ضد الإيغور حين تعارض هذا مع مصالحه المرتبطة بالتجارة مع الصين، وبالحصول على لقاح لفيروس كورونا. مما يكشف جزءا جديدا من البعد السياسي للدور الذي يقدم به إردوغان نفسه.

هذا الدور منح إردوغان فرصة كبيرة للتأثير داخل أوروبا، وكانت ديانت التي تتولى بناء مساجد وتوجيه الجاليات المسلمة، ذراعا أساسية فيه.

ومع ذلك، قد يتعين على أردوغان أن يشرح استعداده الواضح للانفصال عن الأعراف الدينية لعالم إسلامي يصنف فيه كواحد من أكثر الشخصيات شعبية، على الرغم من عداء النخبة له على نطاق واسع.


إذا كان أردوغان سيخسر منها.. فلماذا دفع لإصدارها؟

فائدة فتوى ديانت حول الربا أنها ستعطي الدبلوماسيين الأتراك فرصة للتقارب مع دول أوروبا- خصوصًا مع فرنسا والنمسا- التي اتهمت أردوغان برعاية التشدد والإسلام السياسي في الآونة الأخيرة.

لكن الأمر سوف يتطلب أكثر من فتوى لتخفيف الارتياب الغربي تجاه أردوغان حتى لو قرأت النخب الغربية الفتوى على أنها إشارة على مرونة أردوغان.


رابط مختصر
للمشاركة لـ فيسبوك

موضوعات متعلقة

التعليقات (0)

يجب عليك .. تسجيل الدخول أو التسجيل لتتمكن من التعليق.

تعليقات الفيسبوك