عند الحديث عن مراسم الحج في الإسلام، لا يمكن تجاهل مراسم السعي بين الصفا والمروة، وهي جزء أساسي من المناسك الدينية التي يؤديها المسلمون أثناء أداء الحج والعمرة. يعتبر السعي بين الصفا والمروة أحد أبرز الطقوس التي ترتبط بتاريخ الإسلام وتعبيرًا عن إخلاص المسلمين لله وامتثالهم لأوامره.
يقام السعي بين الصفا والمروة في مكة المكرمة، وهو عبارة عن ركض أو سير سريع بين الصفا والمروة، وهما هضبتان تقعان شرق الكعبة المشرفة. وتعتبر هاتان الهضبتان مكانين مقدسين في الإسلام، حيث يشتهر السعي بأنه جزء من قصة هاجر عليها السلام، زوجة النبي إبراهيم عليه السلام وأم إسماعيل عليه السلام.
هل مقاومة الأنسولين هو مرض السكري | أشهر اعراض ما قبل السكري
عند القيام بالسعي بين الصفا والمروة، تُرد عبارات دينية معينة تعبِّر عن التفاني والتقديس في هذه الرحلة الروحية. يُقال عادة خلال هذا العبادة الجليلة:
“لا إله إلا الله، وحده لا شريك له، له الملك، وله الحمد، يحيي ويميت وهو على كل شيء قدير، لا إله إلا الله وحده أنجز وعده، ونصر عبده، وهزم الأحزاب وحده.”
هذه العبارات تعبِّر عن التوحيد والتفرد بالله وتذكر المؤمنين بقدرته وسيادته. وأثناء السعي، يكون الحاج أو المعتمر قادرًا على التكبير والدعاء والتفكير في القيم الروحية التي تجسدت في هذه الرحلة التي تجمع بين الجسد والروح، مع التأكيد على عظمة الله والإيمان بوعده ونصره على الأعداء. هذا السعي بين الصفا والمروة يُظهر التفاني والإخلاص لله والاستجابة لنداء الإيمان والطاعة.
بعد أن ينتهي الحاج أو المعتمر من الطواف واستلام الحجر الأسود، يبدأ في أداء السعي بين الصفا والمروة على النحو التالي:
يخرج من باب الصفا متجهًا نحو المسعى. عند وصوله إلى الصفا، يقرأ قول الله تعالى: “إن الصفا والمروة من شعائر الله”، ثم يصعد إلى جبل الصفا.
على قمة الصفا، يكبر ويهلل ويحمد الله تعالى. يقول: “لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد يحيي ويميت وهو على كل شيء قدير، لا إله إلا الله وحده لا شريك له أنجز وعده، ونصر عبده، وهزم الأحزاب وحده”.
يدعو الله تعالى في هذا المكان بما يرغب فيه من أمور الدنيا والآخرة، ويطلب الخير والرزق والنجاة لنفسه وللمسلمين.
بعد ذلك، يُعيد ذكر الرسول صلى الله عليه وسلم قائلاً: “لا إله إلا الله وحده لا شريك له…”، ثم يُكرر الدعاء للمرة الثالثة.
يبدأ الحاج أو المعتمر الآن سعيه، حيث ينزل من الصفا نحو المروة بمشيته العادية دون الإسراع أو التباطؤ.
عندما يبعد بينه وبين الميل الأخضر (المعلق على يساره بركن المسجد) بحوالي ستة أذرع، يبدأ سعيًا أسرع.
يستمر في السعي بمشيته العادية حتى يصل إلى المروة، ثم يصعد إلى جبل المروة ويكبر ويدعو الله مثلما فعل على الصفا.
السعي يُحتسب ذهابًا وإيابًا. فمن الصفا إلى المروة يُحتسب شوطًا، ومن المروة إلى الصفا يُحتسب شوطًا آخر.
الحاج أو المعتمر يُكرر السعي والدعاء والذكر حتى يتم سبعة أشواط.
يُحث الحاج أو المعتمر على الدعاء وقراءة القرآن أثناء السعي وليس فقط عند الصفا أو فوق المروة.
بهذا الشكل، يُكمل الحاج أو المعتمر مراسم السعي بين الصفا والمروة بكل تأمل وخشوع، مع التركيز على التوحيد والدعاء والتضرع إلى الله تعالى.
الفرق بين الصك وحجة الاستحكام | تحويل حجة الاستحكام الى صك | انواع حجج الاستحكام
في بداية السعي بين الصفا والمروة، يمكن للحاج أو المعتمر أن يقول الدعاء التالي، مستندًا إلى قوله تعالى: “ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُم”:
“اللهم إنك أمرتنا بالدعاء ووعدت بالاستجابة، وأنت الذي لا تخلف وعدك. نسألك بمعنى الإسلام الذي هديتنا إليه أن تحفظه في قلوبنا حتى تتوفانا ونحن مسلمون.
نسألك يا الله أن تصوننا بدينك ونوايا طاعتك وأوامر رسولك صلى الله عليه وسلم. ونسألك أن تحفظنا من تجاوز حدودك. اللهم، اجعل حبك في قلوبنا، وحب ملائكتك، وحب أنبيائك ورسلك، وحب عبادك الصالحين. يا الله، اجعلنا محبين لك ولملائكتك، ولأنبيائك ورسلك، ولعبادك الصالحين.
اللهم، يسِّر لنا الأمور واجنبنا الصعوبات. واغفر لنا في الدنيا والآخرة. واجعلنا من الأئمة الذين يتقون ويرقون.”
تشرع للحاج أو المعتمر قراءة الآية “إِنَّ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ مِنْ شَعَائِرِ اللَّهِ” مرة واحدة فقط عند اقترابه من الصفا للمرة الأولى، وقبل صعوده إلى جبل الصفا. لا يجب تكرارها مرة أخرى عند المروة، ولا عند الصفا عند البدء منه في المرة التالية. هذا يتماشى مع سنة النبي صلى الله عليه وسلم وتقديره للقراءة في هذا السياق. ويكفي الوقوف عند هذه الآية دون استكمال الآية كما يفعل البعض خلال أداء النسك، وذلك للتقليد لسنة النبي الكريم صلى الله عليه وسلم.
يُستحب أن يُكثر الحاج أو المعتمر من الذكر والدعاء أثناء السعي بين الصفا والمروة. إليك بعض الأدعية والأذكار التي يمكن قولها خلال السعي:
اللهم إنك عفو تحب العفو، فاعف عني.
واللهم إني أسألك رضاك والجنة، وأعوذ بك من سخطك والنار.
اللهم إني أسألك الجنة، وما قرب إليها من قولٍ وعمل، وأعوذ بك من النار، وما قرب إليها من قول وعمل.
“رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ.”
دعاء ابن مسعود: “رب اغفر وارحم، واعف عما تعلم، وأنت الأعز الأكرم.”
قل: “لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد، يحيي ويميت وهو على كل شيء قدير. سبحان الله، والحمد لله، ولا إله إلا الله، والله أكبر، ولا حول ولا قوة إلا بالله، الله أكبر الله أكبر، لا إله إلا الله، الله أكبر، الله أكبر ولله الحمد، الله أكبر كبيرًا، والحمد لله كثيرًا، وسبحان الله بكرةً وأصيلًا.”
استمر في تسبيح وذكر الله تعالى بما تشعر به من خشوع وتقدير خلال سعيك بين الصفا والمروة.
الاستمرار في الذكر والدعاء يعكس التفاني والتقدير للرحلة الروحية التي تجمع بين الجسد والروح أثناء السعي بين الصفا والمروة.
هل يلتئم تمزق الغضروف الهلالي | درجات تمزق الغضروف الهلالي وأعراضها
إلهي العظيم، إن دعائي إليك يومي هو عبادة في حقيقتها، فأبدأه بحمدك الذي لا يُضاهى، وبالثناء عليك يا رب العباد، والصلاة والسلام على نبي الرحمة محمد صلَّ الله عليه وسلم، الذي علمنا كيف نقرب إليك.
اللهم، بكل تواضع وخشوع، أستشعر عظمتك وعظمة خلقك. أنا فقير لرحمتك وغني بقدرتك. أنت الله الكبير الحكيم، وأنا عبد ذليل بحاجة إلى رحمتك.
أجعل يا الله قلبي مترنمًا بذكر اسمك الطيب وأحكامك العدلية. واجعل دعائي محملًا بالخشوع والخضوع، فأنت الواحد الأحد، ليس كمثله شيء.
اللهم، استجب لدعائي وأغفر لي، وأنعم علي برحمتك وعفوك. اجعل دعائي صادقًا ومخلصًا، واغفر لي ذنوبي، وقربني إليك. إنك أنت الغفور الرحيم، وبك أرجو الرحمة والغفران.
اللهم، يا من لا يُضاهى، يا من بيده مفاتيح السموات والأرض، اجعل دعائي مستجابًا بإذنك. إني أقدم هذا الدعاء بإخلاص وتواضع، عابدًا لك وحدك، في الأمل بأن تستجيب لدعائي وتكون لي عونًا ونجاة في هذه الدنيا والآخرة.