طرد “الأمريكان” بات أصغر مشكلاته.. هل يقرب كورونا تفكك العراق؟ | س/ج في دقائق

طرد “الأمريكان” بات أصغر مشكلاته.. هل يقرب كورونا تفكك العراق؟ | س/ج في دقائق

15 Mar 2020
الشرق الأوسط
رابط مختصر
للمشاركة لـ فيسبوك
حجم الخط

* العراق يمر بمرحلة من الفوضى منذ سنوات.. زادت باغتيال سليماني وأبو مهدي المهندس.

* ميليشيات الحشد الشعبي باتت بلا رابط.. ومرشحان لرئاسة الحكومة فشلا في تأمين الدعم.

* الاحتجاجات توقفت للوقاية من كورونا، لكنها ستعود بحلول الصيف حين تتراجع خدمات المياه والكهرباء.

* موازنة العراق تعتمد بشكل كامل على النفط.. مع كورونا وحرب الأسعار قد تعجز الحكومة عن دفع الرواتب.

* العراق يعتمد على الغاز الإيراني. فشل في الوفاء بتعهدات الاستغناء عنه.. عقوبات ترامب مقبلة.

* المستشفيات غير مؤهلة للتعامل مع تفشي كورونا. مناطق التيار الصدري لا تطلبق الإجراءات الاحتزازية.. يعتبرونه “خدعة صهيونية” أو “طريق إلى الجنة”.

* يختلف السياسيون والمحللون حول كيفية انهيار الدولة في العراق، لكن الكثيرين يعتقدون أنها مسألة وقت

س/ج في دقائق


كيف بدا العراق مع وصول كورونا الجديد؟

العراق يمر بمرحلة من الفوضى منذ سنوات. فاقمها اغتيال الولايات المتحدة لقاسم سليماني وأبو مهدي المهندس في بداية 2020. مع خلفية أوسع من الاضطرابات السياسية والاحتجاجات التي قادت لاستقالة رئيس الوزراء عادل عبد المهدي بنهاية 2019.

الحال الاقتصادي لم يكن أفضل. العراق حالة كلاسيكية لدولة ريعية تعتمد كليًا على عائدات النفط، وقطاع عام متضخم وغير مخطط، ورواتب ومعاشات تستنزف 75% تقريبًا من موازنة الدولة، بينما يُخصص القليل من رأس المال لمشاريع البنية التحتية.

بلا حكومة.. ولا اقتصاد

العراق يعتمد على وكلاء إيران تحت غطاء قوات الحشد الشعبي في ضبط الأمن. الميليشيات مفككة وبلا رابط. لكن قائد فيلق القدس في الحرس الثوري الإيراني قاسم سليماني ونائب رئيس قوات الحشد الشعبي أبو مهدي المهندس كانا ماهرين في رأب الانقسامات والحفاظ على وحدة الحشد الشعبي. هذا عزز الأمن، لكنه عظم الدور السياسي للميليشيات، بما ساهم في اندلاع احتجاجات شعبية واسعة ومستمرة.

باغتيال سليماني والمهندس، اختارت الميليشيات الرئيسية الأمين العام لكتائب حزب الله أبو فدك المحمداوي لخلافته، لكنه فشل في منع تفتت الحشد الشعبي؛ بعض الميليشيات باتت تسعى للاندماج في الجيش، بينما يسير الآخرون في طريقهم الخاص، بجانب ظهور علامات على تزايد الانشقاقات داخل الميليشيات نفسها، حيث تتصرف الجماعات المنشقة تمامًا مثل العصابات الإجرامية.

بالتبعية، تعقد الوضع السياسي. منذ استقالة رئيس الوزراء عادل عبد المهدي في نوفمبر 2019، انسحب مرشحان لخلافته؛ محمد توفيق علاوي وعدنان الزرفي، بعد فشلهما في تأمين دعم الأحزاب الشيعية المهمة والميليشيات المرتبطة بها.

كل تلك التحركات تتزامن من تصاعد التوتر بين الولايات المتحدة من جهة، وإيران ووكلائها في العراق من الجهة الأخرى.

الاقتصاد كان أسوأ. منذ 2003، فشل المسؤولون في وضع استراتيجية لتنويع اقتصاد العراق بعيدًا عن النفط. قطاع الطاقة يساهم بـ 60% من الناتج الإجمالي، و99% من عائدات التصدير، وأكثر من 90% من الميزانية.

 لكن الأثر التراكمي لسنوات الحرب والعقوبات والإرهاب وسوء الإدارة حولت العراق إلى مستورد للمنتجات البترولية المكررة والغاز الطبيعي.

%60 من محطات الطاقة تعمل بالغاز المستورد من إيران بنسبة 70%. الإمدادات غير ثابتة، خصوصًا عندما تمنح إيران الأولوية لاحتياجاتها المحلية في الشتاء.

وحتى إمدادات الغاز الإيرانية لم تعد مضمونة. في يناير، هددت الولايات المتحدة بفرض عقوبات على العراق إذا واصل استيراد الوقود من إيران.

مظاهرات في العراق تضع الحكومة في ورطة.. ماذا حدث؟ وما علاقة إيران؟ | س/ج في دقائق


وإلى أين وصلت الأزمة بانتشار الوباء؟

كورونا أدى لتراجع الاحتجاجات، لكن الفوضى استمرت بعدما فشل تشكيل حكومة جديدة. بهذا الوضع، لا يبدو العراق مستعدًا للتعامل مع الوباء؛ المستشفيات غير مؤهلة، وإجراءات الدولة غير مطبقة في بعض المناطق. ومع تصاعد حرب أسعار النفط، قد تعجز الحكومة عن الوفاء بالتزاماتها أو دفع رواتب الموظفين.

حكومة غير مستعدة.. واقتصاد يزداد انهيارا

المخاوف الصحية أدت إلى تراجع موجة الاحتجاجات مع بقاء الناس في منازلهم خوفًا من الإصابة أو نشر المرض. لكن لا آثار واضحة للإجراءات الاحتزازاية في مدينة الصدر مثلًا، حيث يرى كثيرون كورونا باعتباره إما “خدعة صهيونية” أو “طريقًا سريعًا إلى الجنة”.

كل هذا وسط انهيار اقتصاد العراق الذي يعتمد على النفط في توفير أكثر من 90٪ من إيرادات الحكومة التي حسبت موازنة 2020 باعتبار سعر النفط عند 56 دولارًا للبرميل، مع عجز مخطط بنسبة 30%. بوصول السعر إلى 30 دولارًا وأقل، قد تجد البلاد نفسها عاجزة عن دفع الرواتب.

ورغم تصدير نفس الكمية تقريبًا، حقق العراق في مارس عائدات نفط أقل بنحو ملياري دولار من فبراير.

وحتى إيقاف حرب الأسعار لن تحل أزمة العراق. وصول السعودية وروسيا إلى اتفاق لتخفيض إنتاج النفط، وبالتالي رفع الأسعار، لا يبدو أنه يقدم حلا قريبا للعراق. فحتى لو قفز سعر النفط إلى الضعف، فإن عجز ميزانيته سيظل كبيرًا.

بالتعبية، لن تستطيع الحكومة دفع رواتب القطاع العام الآخذ في التوسع. ووصل موظفو الدولة إلى 7 ملايين، بخلاف أصحاب المعاشات.

لدى العراق احتياطيات نقدية حوالي 60 مليار دولار، لكنها قد تنفد بحلول نهاية العام، مما يجبره على طلب قرض من صندوق النقد الدولي، والذي قد لا يصل سريعًا.

قد يبدو ذلك مفزعًا، لكن العراق لا يملك قطاعًا خاصًا يمكن الاستناد عليه. معظم الشركات تعتمد بالأساس على العقود الحكومية، ومعظم القطاع الخاص غير رسمي. ومع فرض حظر التجوال، وتقييد السفر، وإغلاق الحدود، تباطأت التجارة إلى حد كبير.

كورونا وحرب النفط.. حسابات الخاسرين والناجين والرابحين في الشرق الأوسط | قوائم في دقائق


إلى أي مدى فاقمت حرب إيران – أمريكا سوء أوضاع العراق؟

المخاوف الحالية لم تمنع إيران من مواصلة تحريك الميليشيات الموالية في العراق لمحاولة طرد الولايات المتحدة، التي ترد بتشديد الخناق على وكلاء إيران وقطاع الطاقة.

في يناير، أقر برلمان العراق قرارًا يطالب بإخراج القوات الأمريكية من العراق، وسط تهديدات من كتائب حزب الله.

للضغط بهذا الاتجاه، واصلت الميليشيات المدعومة من إيران هجماتها على القوات الأمريكية في العراق. أهمها في 16 مارس، حين تبنت جماعة غير معروفة تسمى “عصائب الثائرين” الهجوم على قاعدة أمريكية، ما يشير إلى أن فيلق القدس جمع ميليشياته الوكيلة في ائتلاف جديد، بحسب مركز صوفان الاستشاري للشؤون الأمنية.

والرد الأمريكي على 3 أصعدة

الولايات المتحدة ردت على عدة أصعدة:

1- عسكريًا:

الرئيس الأمريكي دونالد ترامب توعد إيران بدفع ثمن باهظ للغاية إذا واصل وكلاؤها هجماتهم. وفي نفس الوقت، أعاد نشر قواته في العراق، فسحب البعض بدعوى احتياطات مكافحة كورونا، بينما أعاد توزيع بقية الـ 5,200 جندي أمريكي إلى عدد محدود من القواعد الكبيرة، خصوصًا في المناطق الكردية والسنية.

لكن مايكل نايتس، الزميل البارز في معهد واشنطن لسياسات الشرق الأدنى، يصف القوات المتبقية بـ “النشطة”، ويقول إنها “أكثر استعدادًا لفيروس كورونا من أي قوة قتالية أخرى. إنهم مستعدون ليوم القيامة نفسه”.

وفي أواخر مارس، كشفت وثائق مسربة من البنتاجون نقاشًا داخليًا حول احتمالات التصعيد.

دمج الميليشيات الشيعية.. هل تمول بغداد الحرس الثوري العراقي الموالي لإيران؟ | س/ج في دقائق

2- دبلوماسيًا:

وزارة خارجية العراق أعلنت تلقيها رسالة من واشنطن تقترح بدء مفاوضات جديدة حول العلاقات الاقتصادية والثقافية والتجارية والأمنية المستقبلية.

الانسحاب مطلب عراقي معلن، لكن مراقبين يقولون إنه قد لا يكون مطلبًا جديًا. يقول معهد الشرق الأوسط إن انتقاد الانتشار الأمريكي علنًا قد يكون شائعًا بين ساسة العراق، لكن قلة منهم فقط تريد انسحابًا كاملًا؛ إذ يعتقد العديد من العراقيين أن الانسحاب المفاجئ سيكون هدية لداعش وضارًا بالاستقرار الهش.

حزب الله العراق | بغداد على خطى بيروت.. لماذا الضربات الأمريكية تطور ضخم! | س/ج في دقائق

3- اقتصاديًا:

لسنوات، ضغطت الولايات المتحدة على العراق للتخلي عن إمدادات الطاقة الإيرانية. لكن الضغط وصل قمته مؤخرًا بتقصير فترة الإعفاء (السماح للعراق باستيراد إمدادات الطاقة من إيران دون التعرض لعقوبات أمريكية) إلى 30 يومًا فقط.

معهد الشرق الأوسط يقول إن تقصير فترة الإعفاء قد تكون محاولة لإجبار العراق على إظهار أنه حقق تقدمًا بشأن هدفه المعلن باستبدال صادراته من إيران على مدى السنوات الثلاث المقبلة، خاصة بالنظر إلى أن استهلاك العراق من واردات الغاز الإيراني زاد من 24 إلى 31% بين 2018 و 2019.

لكن ستراتفور تقول إن التهديد المستمر بالعقوبات الأمريكية يهدد بمزيد من زعزعة استقرار الاقتصاد العراقي الهش بالفعل، والذي يواجه أزمتي كورونا وحرب النفط، إضافة إلى مشكلاته المعتادة.

يضيف الموقع أن خفض الاعتماد على الطاقة الواردة من إيران يتطلب استثمارات دولية ضخمة، بالإضافة إلى زيادة استحواذ العراق على الغاز لتحسين الاقتصاد والاستفادة من إنتاجه المحلي. لكن الصدمات الاقتصادية المزدوجة ستجعل استكمال الإصلاح الاقتصادي وفق الجدول الزمني شبه مستحيل بالنسبة لبغداد.

إقرار عقوبات على العراق بما قد يقطع عائدات النفط ويحد من الوصول إلى الأسواق العالمية سيضر العراق الذي يعتمد على السلع المستوردة. سيكون أكبر بكثير من تأثير العقوبات في إيران، التي تملك قاعدة صناعية محلية أقوى من العراق.

العراق المتورط في حرب واشنطن – طهران.. ورطة اللعب بين شركاء متشاكسين |س/ج في دقائق


تفكك الدولة في العراق.. لماذا توقع مراقبون ومسؤولون هذا المشهد؟

العراق يعاني على كل الجبهات. ومع غياب التوقعات حول احتمال نهاية وباء كورونا والآثار الاقتصادية ذات الصلة قريبًا، تهدد الأزمة الصحية والاقتصادية العالمية المستمرة قدرة العراق على الحفاظ على توازن موازنته وتشغيل خدماته الحكومية الأساسية، ناهيك عن عجز الحكومة عن إجراء تغييرات هيكلية عميقة لقطاع الطاقة والكهرباء لديها.

خلاف حول الكيفية.. اتفاق على كونها مسألة وقت

الخلل في تشغيل خدمات الحكومة يعني عودة الاحتجاجات بحلول الصيف، والفشل في إعادة هيكلة قطاع الطاقة يعني مواصلة الاعتماد على إيران، بما يجره من عقوبات أمريكية، تضيف إلى تعقيد الوضع الاقتصادي.

وسط هذه الأجواء، يحذر مسؤول عراقي من أن المخاوف تتصاعد من انهيار الدولة المفلسة تقريبًا.

ومع تكثيف الهجمات على القوات الأمريكية، يحاول تنظيم داعش الاستفادة من الفراغ بشن هجمات ضد القوات الكردية والعراقية، وربما يحاول كذلك استعادة وجوده في سوريا والعراق.

وبينما يعيد زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر تموضعه للاستفادة من الفراغ الذي خلفه موت المهندس، يتراجع آية الله العظمى علي السيستاني، حاكم العراق الروحي، عن الانشغال بالسياسة.

الأكراد الذين سعوا إلى الاستقلال من قبل قد يكرروا سعيهم إذا لم تستطع الحكومة المركزية ضخ الأموال الموعودة لمنطقتهم. القادة السنّة يناقشون أيضًا إقامة دولتهم الخاصة.

كل تلك التفاصيل تعني أن الدولة ستجد صعوبة في توفير المرتبات. موفق الربيعي، مستشار الأمن القومي العراقي السابق يقول: “بدون مرتبات، هذه نهاية العراق”.

يختلف السياسيون والمحللون حول كيفية انهيار العراق، لكن الكثيرين يعتقدون أنها مسألة وقت فقط، بحسب الإيكونوميست.

الدولة المريضة بالميليشيات‎


ملف فيروس كورونا في دقائق


كورونا قد يغير خريطة العالم.. 4 آثار استراتيجية منتظرة| قوائم في دقائق

هل يلزم القانون الصين بتعويض العالم عن انتشار كورونا الجديد؟| س/ج في دقائق


رابط مختصر
للمشاركة لـ فيسبوك

موضوعات متعلقة

التعليقات (0)

يجب عليك .. تسجيل الدخول أو التسجيل لتتمكن من التعليق.

تعليقات الفيسبوك