استمع أولًا إلى بودكاست “بوتين وأهل الثقة: كيف دمرت المركزية روسيا ؟ وأين اختفت فاجنر؟” من هنا، أو واصل القراءة إن أردت:
على الأغلب لا تعرف من هو رئيس حكومة روسيا،أو من هو مدير المخابرات أو وزير الدفاع، لكن بالتأكيد تعرف فلاديمير بوتين ويفجيني بريجوجين؛ والسبب الحقيقي في هذا يعود لتربع بوتين على عرش السلطة المركزية الروسية.
لماذا أصبح بريجوجين “قائد فاجنر” الاسم الأشهر في روسيا بعد بوتين دون أن نعرف أسماء قادة روسيا أنفسهم؟
منذ وصل الرئيس الروسي فلاديمير بوتين لمنصبه قبل عقدين، عمل على جمع كافة السلطات وتركيزها في شخصه. حتى عندما ترك الرئاسة واتنقل لرئاسة الوزراء لفترة؛ بسبب القيود القانونية ظلت كافة السلطات بيده.
هنا نلاحظ تجاوز مرحلة في مركزية روسيا من تركز كل السلطات في دائرة ضيقة لتركز كل السلطات في شخص واحد.
على مدار عشرون عامًا تضخمت السلطة الممنوحة لبوتين، ومع الوقت زادت الشكوك في كبار القادة؛ خوفًا من طمع أحدهم في منصب الرئاسة، وبالتالي لجأ بوتين إلى التغييرات المستمرة في صفوف القيادة بشكل سريع، وأوكل المهمات الحقيقية لأهل الثقة. ومن هنا ظهرت ميليشيا فاجنر التي استولت على جزء كبير من مهام الجيش النظامي في حرب أوكرانيا.
بعد تمرد فاجنر، لجأ الرئيس الروسي فلاديمير بوتين إلى الاعتماد على ميليشيا أخرى، وهي قوات أحمد الشيشانية، وهي جيش خاص برمضان قديروف رئيس الشيشان والذي أطلق عليه اسم والده أحمد قديروف.
في نفس الوقت، أشارت التقارير إلى حدوث عمليات تطهير واسعة في المؤسسات العسكرية والأمنية الروسية بعد التمرد. وبالتالي فإن الثقة في المؤسسة الرسمية تقل لصالح قوات خاصة قادمة من الشيشان التي على الرغم من أنها تعد حليف قوي لبوتين في الوقت الحالي، كانت تاريخيًا عدو سابق له ولروسيا.
هل تحالف بوتين مع قوات الشييشان بعد إخفاقات الجيش الروسي في أول اختبار حقيقي في أوكرانيا؟
أشارت بعض التقارير الغربية إلى هذا الأمر بالفعل. وتحدث البنتاجون عن حالة اختلال وظيفي لجيش الحقبة السوفيتية. لكن طبقًا لتقييم الاستخبارات الغربية، فإن السبب هو المركزية روسيا أو مركزية بوتين في القيادة والسيطرة، باعتبار أن كل مسؤول أصبح هدفه إبعاد المسؤولية الشخصية عن الإخفاقات العملياتية أكثر من محاولة تحقيق الأهداف المرسومة للحرب، بالتزامن مع محاولة الضباط في الدرجات الأدنى تأجيل تنفيذ القرارات الرئيسية التي تصل إليهم.
بوتين متهم بخلق المشكلات التي تعاني منها روسيا في الوقت الحالي. حيث صرح مسؤولون في البنتاجون إن الأزمة الحقيقية تكمن في تدمير المركزية روسيا من الداخل من خلال قرارات بوتين وسلطاته.
على سبيل المثال: فإن القوات الأمريكية تسمح لصغار الضباط باتخاذ القرارات العملياتية الفورية، ويتم الاعتماد على الخبرات المتراكمة لكبار ضباط الصف والمجندين، في حين إن المركزية الروسية تجبر الجندي في الحرب أن ينتظر القرار من القيادات العليا، وبالتالي يجب أن يكون الجنرالات قريبين من المعارك، وبالتالي هم أنفسهم يصبحون في خطر، وينتظرون رفع التقارير للقوات الأعلى منهم، حتى تصل لبوتين شخصيًا قبل أن تعود الإجابة بالقرار، وبالتالي تزيد المخاطر.
بالنسبة لبريجوجين قائد تمرد فاجنز فقد تم نفيه إلى بيلاروسيا لكن شركاته تحت التحقيق أو التفكيك؛ لأن الحكومة الروسية كانت قد منحته عقود إمداد الجيش الروسي بالطعام عن طريق شركة كونكورد.
أما بالنسبة لشركاته الإعلامية وقنوات التلفزيون الخاصة به أصبحت على القائمة السوداء. تم حجب حوالي 5 قنوات منهم في روسيا، وتدخلت الرقابة الروسية لإدارة المحطات بأكملها.
بالنسبة لقوات فاجنر، أصبح مصيرها غامض. نشرت تقارير إعلامية تُفيد بإن روسيا أعلنت العفو العام عن أي شخص منهم تراجع عن التمرد، بينما نشرت تقارير أخرى بعد إيقاف التمرد تُفيد بإن مقاتلي فاجنر أمامهم خيارين إما الذهاب مع بريجوجين إلى بيلاروسيا أو توقيع عقود كمتطوعين في الجيش الروسي.
صرح أنتوني بلينكين وزير الخارجية الأمريكي، بأن مصير مقاتلي فاجنر غير واضح حتى الآن وقد يستغرق الأمر عدة أشهر لتحديد مصيرهم.
لكن انتشر تسجيل صوتي لبريجوجين وهو يقول إن الأمر لم ينتهي بعد، وقواته ستعود من جديد لمحاسبة الخونة وتصحيح الأوضاع في موسكو، انتشر هذا المقطع بالتزامن مع تقارير عن إعادة فتح باب التجنيد في الميليشيا.