استمع أولا إلى بودكاست ” جنون دوري روشن: لماذا تشتري السعودية نجوم العالم بكل هذه المليارات؟”، أو واصل القراءة إن أردت:
الجنون يصيب دوري روشن .. دوري المحترفين السعودي أصبح حديث الساعة في العالم أجمع.
تتسلط الأضواء على الرياضة السعودية حاليًا. الأمر أكبر من شراء لاعبين، مثل: رونالدو، وبنزيما، وميسي، وكانتي، ودي ماريا وغيرهم.
تحدثت مجلة ذا أتليتك الرياضية المرموقة عن مشروع إصلاح ضخم للغاية، ولن يتوقف الأمر عند نجاح السعودية المتوقع في استضافة كأس العالم 2030.
ما هي تطورات الرياضة السعودية في الوقت الحالي؟
يمكن تلخيص تطورات الرياضة السعودية في مجموعة نقاط كما جاءت مجلة ذا أتليتك، وهي كالآتي:
1- عام 2021، عندما استحوذ صندوق الاستثمارات العامة في السعودية (PIF) على نيوكاسل يونايتد. وبمجرد وصولهم، الملاك الجدد تحدثوا فورًا عن هدف طويل المدى بالفوز بالبريميرليج. وفي أول موسم وبدون تعزيزات، وصلوا دوري أبطال أوروبا.
2- بعد الاستحواذ بـ 3 أسابيع، حدثت خطوة مهمة، تعد نقلة ضخمة في الرياضة العالمية، وهي إطلاق ليف جولف، وهو دوري للجولف نافس دوري رابطة اللاعبين المحترفين، وفورًا وقعوا عقودًا مع أهم لاعبي العالم بجوائز مالية ضخمة. وبدأت حرب بين الدوريين استمرت لأقل من سنة، انتهت في يونيو 2023 باندماج دراماتيكي منح صندوق الاستثمارات العامة الاستحواذ الكامل على الجولف العالمي لمدة 53 سنة.
3- هزيمة الأرجنتين بطل العالم على يد السعودية في مونديال قطر 2022، انتهت بانضمام كريستيانو رونالدو لنادي النصر السعودي.
4- المشروع الرياضي الضخم الذي أعلنه ولي العهد محمد بن سلمان في يونيو 2023، والذي اعتبرته ذا أتيليتيك تغيير زلزالي في إدارة كرة القدم، أو بتعبير آخر إعادة إطلاق فعالة للدوري المحلي. وتلك تحديدًا الخطوة الرئيسية التي خلقت كل الزخم المنتشر حول انضمام نجوم العالم للدوري السعودي.
أطلقت السعودية خطة لنقل ملكية أكبر أربعة أندية كرة قدم في الدوري السعودي، وهم: الاتحاد، والأهلي، والنصر، والهلال، لصندوق الاستثمارات العامة، مع ضخ استثمارات ضخمة في الدوري، وسعي لجذب المواهب الكروية الأكثر شهرة في أوروبا، بداية من اللاعبين الأكثر شهرة والأكبر سنًا، مثل: بنزيما وغيره، وصولًا لانضمام نجوم أصغر سنًا مستقبلًا.
ضمن تلك الصفقة، من المتوقع أن يمتلك الصندوق 75% من الفرق الأربعة، مقابل 25% لمؤسسات غير ربحية، ونفس النسب تنطبق على تشكيل مجالس الإدارات.
لماذا اهتمت السعودية بالنوادي الكبيرة دون غيرها؟
في الواقع، كافة الأندية مملوكة للدولة في النهاية. لكن الذي اتنقل لصندوق الاستثمارات، هم: الاتحاد، والأهلي، والنصر، والهلال، هم أكبر أندية شعبية وتتويجًا في السعودية.
بالإضافة لذلك، هناك أربعة أندية ستندمج ملكياتهم: أرامكو ستشتري حصة في القادسية. وهيئة تطوير الدرعية ستشتري النادي المحلي، ونفس الأمر ينطبق على الهيئة الملكية لمحافظة العلا، وأخيرًا نادي الصقور سينتقل لنيوم.
هل ستختفي باقي الفرق الرياضية في السعودية؟
المتابع الجيد للدوري السعودي دوري روشن سيرى أن تلك الأندية لا تشمل فريق منافس مثل: الشباب.
وتلك النقطة مثيرة للجدل فعلًا، خصوصًا مع زيادة أندية الدوري السعودي من 16 لـ 18. أي أن هناك حوالي 10 أندية سيظلون فعليًا خارج دائرة المنافسة.
السؤال الأهم هنا، قبل الخطوات الأخيرة هل كان الدوري متكافئ أصلًا؟ وهل هناك دوري متكافئ في العالم؟. يُجادل المنظمين بإن الفرق الأصغر ستكون مستفيدة من نجاح الأربعة أندية الكبار.
تدفق التعاقدات مع أسماء كبيرة سيجعل اللاعبين المحليين الأقوى يلجأون لأندية وسط وأسفل جدول الدوري، وبالتالي يعزز المستوى العام للمنافسة.
لماذا تشتري السعودية نجوم العالم بكل هذه المليارات؟
مبدئيًا الجدل مستمر في الميديا العالمية عن اتهامات الغسيل الرياضي. بعض المنتقدين يقولون إن السعودية بعدما استثمرت عالميًا تحاول نقل دوريها المحلي للجمهور العالمي، الذي يهتم بالأسماء الرياضية الكبيرة أكثر من أي كلام سلبي عن السعودية.
لكن، في السعودية الأمر مختلف جذريًا، قد أعلنت السعودية أن تلك الخطوات جزء من رؤية 2030 لتنويع المصالح الاقتصادية من ناحية، ودمج الشباب من الناحية الأخرى، والشروع في برنامج تحديث غير مسبوق من الناحية الثالثة.
ما هو برنامج تحديث الرياضة السعودية غير المسبوق؟
نقل الملكية لصندوق الاستثمارات العامة ليست نهاية المطاف. تلك خطوة أولى لتحديث المنتج؛ لكي يتضاعف سعر النادي عند بيعه لشركات خاصة. مثلًا، القيمة السوقية للاتحاد من أسبوعين ليست كقيمته بعد وصول بنزيما، ولقب العالمي الذي حمله النصر سيكون واقع بعد انضمام نجوم عالميين لرونالدو.
كما أكدت التقارير على إن صندوق الاستثمارات قرر اقتباس نفس فكرة الليف جولف على المستوى المحلي.
صرح وزير الرياضة السعودي عبد الله بن تركي الفيصل، إن الهدف من المشروع هو جعل دوري روشن أو دوري المحترفين السعودي أحد أفضل 10 بطولات في العالم، وأن الملايين التي يتم إنفاقها الآن، لا تتساوى مع القيمة السوقية التي تضاعفت ثلاث مرات أكثر ووصلت لحوالي 8 مليارات ريال، ومن المتوقع أن تتضاعف أكثر من خلال دمج الإيرادات التجارية واستثمارات القطاع الخاص. والهدف الرئيسي سيكون الاستثمارات الأجنبية وليست المحلية.
لماذا تعتمد السعودية على لاعبين أوشكوا على الاعتزال؟
كانت النقطة الأبرز لتحقيق هدف دوري روشن هي اعتماد السعودية على لاعبين أوشكوا على الاعتزال، أو كما يُطلق عليهم بلغة الكورة “منتهين” يعني لاعب قارب على الاعتزال ثم يقرر الانضمام لفريق سعودي لجمع مبلغ أكبر من المال.
يتشابه الأمر بما حدث في الدوري الصيني عام 2016 وانتهي للا شيء. لكن، هل تلك آخر خطط السعودية أم أنها مجرد البداية؟
مجلة ذا أتليتيك أشارت إلى أن السعودية تعلم جيدًا أن أسرع طريقة للشرعية في كرة القدم هي وجود أعظم نجوم الرياضة، وأن المنظمين كانوا واقعيين ومدركين أن منافسة أندية أوروبا بواسطة لاعبين في ذروة مسيرتهم المهنية شبه مستحيل؛ لأنهم سيفضلون اللعب في دوري أبطال أوروبا. لكن من الممكن المنافسة باستخدام لاعبين مشهوريين قريبين من الاعتزال؛ لأن لهم مكانتهم العالمية والشرعية الرياضية، والاعتراف العالمي، والجماهيرية، وطبعًا اهتمام الميديا الدولية.
وبالتالي، يمكن إحضار 3 لاعبين عالميين على الأقل لكل نادي من الأندية الأربعة، وتوزيع لاعب أو اثنين على باقي الأندية، هذا بالتأكيد يقوي الدوري، ومن ناحية أخرى يزيد الأرباح، بالإضافة إلى فتح الباب للخطوة التي تليها، وهي جذب المواهب العالمية التي تبدأ في الظهور، بالتزامن مع بناء أكاديميات سعودية لاكتشاف المواهب في المناطق الولادة مثل: دول أفريقيا وأمريكا الجنوبية الفقيرة، ثم اجتذاب المدراء الفنيين والإداريين الأهم في العالم، قبل المنافسة على النجوم العالميين الشباب.
هل تتشابه تجربة دوري روشن مع تجربة الصين؟
انتشرت التعليقات على السوشال ميديا بأن السعودية تجمع ما تبقى من أندية العالم بأموال باهظة، وبالتالي سيكون مصير النموذج الصيني هو الأقرب.
لكن الواقع مختلف كثيرًا، خاصة عند معرفة أن مفاوضات كريم بنزيما انتهت في ساعة، بالتزامن مع تصريح مصدر مطلع في دوري روشن بأن السعودية لم تفرض نفسها على أي لاعب، بل على العكس ينتشر وكلاء اللاعبين حاليًا في كل الأندية السعودية في محاولة لإيجاد عرض للاعبين.
هل تستمر السعودية في إنفاق تلك المبالغ الضخمة؟
في الوقت الحالي، تدفع السعودية مبالغ ضخمة لجذب أكبر عدد ممكن من نجوم الرياضة لتطوير دوري روشن بها، لكن الوضع لن يستمر طويلًا.
قد لا يتمكن أي نادي أوروبي من منافسة عروض السعودية حاليًا، لكن الوضع بشكله الحالي مؤقت. أي أن السعودية تدفع جيدًا لاجتذاب النجوم لتحسن المستوى المحلي. في المقابل، يتم دفع الأموال لأندية أوروبا بشكل يسمح باستمرار المنافسة تحت مسمى اللعب المالي النظيف.
إن تحققت الخطط السعودية والأندية تخصخصت، فمن الطبيعي أن يلتزم الملاك الجدد بقواعد السوق، والتي من أهمها زيادة الربح. وهنا ستتحول المنافسة من الأموال للمستوى الرياضي أيضا.
لماذا تقدم السعودية كل هذا الاهتمام بالرياضة في الوقت الحالي؟
يمكننا تلخيص الإجابة من تقرير مجلة ذا أتليتيك بواسطة أمير سعودي، وعالم جيوسياسي، وطبيب، وخبير اقتصادي، جاء من خلاله إن السبب الحقيقي في النقط التالية:
1- عدد الحضور في مدرجات الكورة تضاعف بوصول رونالدو بنسبة 143%، بجانب مبيعات القمصان والتسويف وغيرها. بجانب زيادة نسب الممارسة الرياضية في السعودية بين الشباب والبنات والأطفال والكبار، وأن النسب ارتفعت من 13% في 2015 لـ 50% في 2022.
وبالنسبة إلى بلد 70% من سكانه تحت سن 35 سنة، و60% من السكان يعانون من السمنة أو زيادة الوزن، اقتصاديًا، الإنفاق على الرياضة سيكون مربحا على المدى الطويل.
سيمون تشادويك، أستاذ الرياضة والاقتصاد الجيوسياسي في كلية سكيما للأعمال، يقول عند الحديث عن حسابات الأرباح الاقتصادية لابد من ذكر تأثير تلك الاستثمارات على السكان الشباب في السعودية.
2- الحكومة السعودية قد تكون استهدفت الغسيل الرياضي فعلًا، لكنها ليست الأولى ولا الأخيرة. لكن الأهم، بحسب تشادويك، إن المستهدف الرئيسي داخلي وليس خارجي، نشر وجهة نظر بين الشباب السعودي إن أي اضطرابات ستحدث في العالم غير مهمة لأنك مختلف، وحياتك مختلفة.
3- كل التغييرات تؤثر إيجايبًا على مشروع السعودية لاستضافة المونديال، سواء 2030 أو النسخة التي تليها. وبالتالي جذب المزيد من الاهتمام الأجنبي، والمزيد من القوة الناعمة.
موضوعات متعلقة
نسخة للطباعة
