وفقًا لواشنطن بوست، تستخدم التنظيمات المرتبطة بداعش والقاعدة الصحراء الغربية كملاذ ونقطة عبور لتهريب المقاتلين والأسلحة والسلع من ليبيا، وإيواء الجهاديين العائدين من سوريا والعراق بعد انهيار داعش.
ويقول معهد واشنطن إن الصحراء الغربية مسألة أمنية معقدة للغاية بالنسبة لمصر، بعدما كانت صحاري الواحات والفرافرة على الحدود الليبية موقعًا لأعمال إرهابية مأساوية، استهدفوا من خلالها قوات الجيش والشرطة والمدنيين الأقباط، ونفذوا عمليات عبر الحدود قبل الفرار إلى الصحراء الليبية.
وتتعاون مصر مغ الجيش الوطني الليبي بقيادة خليفة حفتر الذي يسيطر على جزء كبير من شرق ليبيا، على أمل أن يحقق وجوده الاستقرار على طول الشريط الحدودي البالغ 1200 كيلو متر.
يقولل المعهد إن البعد الأمني ليس المحرك الوحيد للقاهرة في الأزمة الليبية، بعدما أعربت مصر علانية عن دعمها للجيوش الوطنية في مواجهة الاضطرابات التي صاحبت المنطقة في أعقاب موجات الربيع العربي، لاسيما مع تصاعد قوة الإسلاميين في المنطقة، مضبفًا أن خطورة المشروع الإسلامي في المنطقة أنه مشروع عابر للحدود ببساطة، حيث من شأن أي نجاح للإسلاميين في أي دول في الشرق الأوسط أن يعزز مواقعهم في الدول المجاورة. ومن ثم، فان سيطرة الإسلاميين على الحكم في ليبيا أمر محفوف بالمخاطر بالنسبة لأغلب دول الشرق الأوسط، لكنه يمثل خطرًا وجوديًا بالنسبة لمصر.
مبدأ حظر استخدام القوة عنصر أساسي في النظام العالمي. لكن الفصل السابع من ميثاق الأمم المتحدة ينص على أن الميثاق لايضعف أو ينتقص الحق الطبيعي للدول، فرادى أو جماعات، في الدفاع عن أنفسهم إذا اعتدت قوة مسلحة على أحد أعضاء الأمم المتحدة، إلى أن يتخذ مجلس الأمن التدابير اللازمة لحفظ السلم والأمن الدولي.
دراسة نشرتها جامعة جنوب الدنمارك في 2018، قالت إن النزاعات المعاصرة تتحدى القواعد التي تنظم استخدام القوة في القانون الدولي، والذي لم يضع إطار عمل لتنظيم صراع الدولة مع الجهات الفاعلة من غير الدول. تضيف أن تفسيرات للقانون الدولي تنص على أن ممارسة حق الدفاع عن النفس مسموح به إذا كانت الدولة المضيفة غير راغبة أو غير قادرة، أو لا تسيطر على أراضيها بأي شكل آخر، لكن عنصر الدفاع عن النفس خارج الحدود يتطلب إما موافقة مجلس الأمن أو موافقة الدولة المضيفة.
تملك مصر كذلك طلبًا رسميًا من رئيس مجلس النواب الليبي عقيلة صالح، الذي طالب في يناير 2020، في خطاب أمام البرلمان المصري، القوات المسلحة المصرية بالتدخل العسكري في ليبيا إذا ما غزت تركيا بلاده. صالح جدد الدعوة مؤخرًا، ورحب بتصريحات الرئبس المصري عبد الفتاح السيسي حول تدخل بلاده عسكريًا في ليبيا إذا ما تجاوزت تركيا الخط الأحمر الذي حدده بمحور سرت – الجفرة، لحفظ الأمن القومي الليبي والمصري.
عقيلة صالح هو الشخص الوحيد المجمع عليه دوليًا في أزمة ليبيا. يمثل الجهة الوحيدة المنتخبة، والذي منحته اتفاقية الصخيرات 2015 الشرعية غير المشروطة. حتى تركيا على لسان مبعوث رئيسها إلى ليبيا قال في حوار صحفي مؤخرًا إن بلاده ترى في عقيلة صالح شريكًا مقبولًا في الحوار السياسي مع حكومة فايز السراج التي ترعاها أنقرة في طرابلس.
أمير الله إيسلر اعترف أن برلمان طبرق فرع شرعي من الدولة الليبية بموجب الاتفاق السياسي المعترف به من قبل الأمم المتحدة. وقال إن عقيلة صاحب يجب أن يقوم بدور الحل السياسي في ليبيا بطريقة إيجابية.
بالمقابل، لا تملك تركيا هذا الشرط. الاعتراف بحكومة فايز السراج التي استدعت أردوغان إلى ليبيا منقوص دوليًا وقانونيًا؛ إذ لم تحصل على ثقة مجلس النواب، كشرط للحصول على الشرعية منصوص عليه في الاتفاق المعترف به أمميًا، بخلاف فقدانها لعناصر أساسية في شروط التشكيل، نشرحها بالتفصيل عبر الرابطين التاليين:
صراع الشرعيات في ليبيا.. من سقوط القذافي إلى معركة طرابلس | دقائق.نت
السراج وأخواه.. هذا ما تبقى من حطام المجلس الرئاسي الليبي
مايكل ناكاتا، المدير السابق للتخطيط العملياتي الاستراتيجي في المركز القومي الأمريكي لمكافحة الإرهاب، يقول إن “ليبيا تحولت إلى بازار أسلحة”. وفي 2014، حذرت لجنة خبراء مستقلة من أن الوضع في ليبيا لا يزال مصدرًا رئيسيًا لانتشار الأسلحة في جميع أنحاء شمال أفريقيا.
فاتورة الوضع كانت صادمة على مصر التي وجدت نفسها أمام “تحدٍ أمني مفرط يتجاوز قدرة أي دولة على التغلب عليه بمفردها”. يقول تحليل المجلس إن مصر تكافح منذ 2011 لدرء موجات تهريب الأسلحة وتسلل الجماعات الإرهابية والجرائم المنظمة الأخرى إلى قلب البلاد، خصوصًا بعدما انتقلت الكثير من امدادات الأسلحة من ليبيا إلى سيناء ومكنت الجماعات الإرهابية من مواصلة عملياتها، بخلاف السلاح الذي استهدف قوات الجيش والشرطة والمدنيين، بما في ذلك السياح الأجانب، والبنية التحتية في جميع أنحاء مصر.
المجلس يقول إن المساعدة في التعامل مع الوضع لا يخدم مصر فحسب؛ إذ ينعكس التوتر في النهاية على الدول الأوروبية بموجات الهجرة من أفريقيا لأوروبا.
تحليل معهد واشنطن لسياسات الشرق الأدنى يقول بدوره إن مساعدة مصر للجيش الوطني الليبي بقيادة خليفة حفتر يبدو “خيارًا معقولًا من بين كل الخيارات السيئة الأخرى، مقارنة بحالة التفسخ والتشرذم التي تعاني منها ليبيا، والغياب التام للدولة في غرب البلاد، مما جعلها مرتعًا وملاذًا أمنًا للإرهابيين والجماعات المتطرفة ليس من داخل ليبيا فحسب بل من خارجها أيضا، مما جعلها من أكبر التهديدات الإقليمية في شمال أفريقيا”
هل تخوض مصر وتركيا حربا مباشرة في ليبيا؟ وأين ستقف أمريكا وأوروبا حينها؟ |س/ج في دقائق